أكد المؤتمر الوطني على لسان أمينه السياسي د. الحاج آدم يوسف في ندوة (الحركة الشعبية ومحاولات اشعال الحرب في السودان) التي نظمها الاتحاد العام للطلاب السودانيين بمركز الشهيد الزبير للمؤتمرات أمس، على جملة من المواقف الآنية للحزب الحاكم، مواقف يمكن أن نقول عنها دون أن يطرف لنا رمشٌ بأنّها ترسم محددات وملامح المرحلة المقبلة. أولى التأكيدات التي حواها خطاب آدم كانت بجاهزيتهم لمجابهة إستراتيجية دولة الجنوب المناهضة للشمال، والرامية للقضاء على الإسلام (الدين) والعربية (اللغة)، ومؤكداً أن سهام اتهاماتهم الموجّهة لصدر جوبا مؤسسة على بيّنات دامغة وغير نابعة من الفراغ، ومما قاله في هذا الصدد: دولة الجنوب تسعى لتوفير بيئة حاضنة ليرقات أخرى عدا (أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق) بانتظار أن تلحق بالحشرة الأم في إشارة منه إلى إمكانية مطالبة تلك الأقاليم بإيعاز من جوبا بحق تقرير المصير. وعند نقطة تقرير المصير تحديداً ضغط آدم على كلماته التي قال فيها: لن نقبل بفصل جزء من السودان بأية ذريعة كانت وسنعض على دولتنا بالنواجز والحكم العادل الراشد الفيدرالي، بمشاركة ومباركة الجميع. بعدها، قطع آدم بدستورية إقالة الفريق مالك عقار من منصبه كوالٍ للنيل الأزرق، وقال إن قانون الطوارئ يخول لرئيس الجمهورية ذلك الحق، مُطالباً بإجراء تعديلات دستورية تصوب علاقات المركز بالأقاليم بحيث يتأتى التدخل السريع متى ما تتطلب ذلك دون الحاجة لإعلان طوارئ كما حدث اخيراً، وأوضح أن الكثير من تصرفات عقار تم التعامل معها بسماحة كبيرة بينما كانت بحاجة للحسم نحو سفره للخارج دون علم المركز، وقال: لو كنت الرئيس لأقلته، وأضاف: ذلك زمان قد مَضَى. وفي ذات الأطر الدستورية، أعلن آدم إلتزام حزبه بإجراء انتخابات في النيل الأزرق بمجرد زوال أسباب الطوارئ، وذلك لسد حالة الفراغ التي خلّفها تمرد عدد من قادة الشعبية بالولاية ومطمئناً قادة الحركة من التنفيذيين والدستوريين المعارضين لتوجهات عقار الأخيرة بأنهم لن يضاروا مُطلقاً، وقال في ذلك الشأن: كل من لم يَثبت تورطه في المؤامرة الأخيرة نحن معه ولا نمانع أن يظل في موقعه. وفي معرض رده على أسئلة الصحفيين، عما إذا كان الوطني يرى أنه المتسبب في الصراع الأخير جراء رفضه لما جاء في اتفاق أديس أبابا الموقع بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والحزب الحاكم، دافع آدم عن حزبه، وأشار إلى أن رفضهم للإطاري لم يكن بالكلية، فهم ماضون بحسب قوله في بند الترتيبات الأمنية. ومبرراً ممانعتهم الجلوس لمحاورة القطاع لما أسماه عدم شرعيته وقطع بجاهزيتهم للتحاور معه - أي القطاع - متى ما أكمل مطلوبات تسجيله بل وذهب لأبعد من ذلك بمد حزبه يده بيضاء لكل من يرمي سلاحه ويجلس قبالتهم في مناضد الحوار. المفاجأة التي حملها حديث آدم بالنسبة للحضور، كانت متعلقة بالمشورة الشعبية، فبحسب الأعراف السائدة انها العملية التي تهدف لاستطلاع أهالي النيل الأزرق وجنوب كردفان إذا ما كانت اتفاقية السلام الشامل نيفاشا لبّت طموحاتهم من عدمه، فأوضح آدم أن الأهالي في النيل الأزرق استفتوا إذا ما كانوا يريدون الحكم الذاتي أو أن تظل الولاية مربوطة بالمركز. عموماً أكد آدم أن العملية أفضت لترجيح الخيار الثاني وهو الأمر الذي قال انه سيتم تبنيه داخل مجلس تشريعي الولاية ما يسدل الستار على مسألة المشورة الشعبية في النيل الأزرق بصورة نهائية. وفي حديث حدودي، أبان آدم عن سيادة الأجواء الإيجابية بينهم والجارة أثيوبيا ممتدحاً موقف الرئيس الأثيوبي ملس زيناوي من الأحداث الأخيرة، ومؤكداً أن ذات الروح الموجبة ستكون حاضرة في نقاشات الطرفين حول إقليم الفشقة المتنازع عليه. أما آخر التأكيدات التي حملها خطاب آدم، فمتعلقة بضرورة الاصطفاف خلف القوات المسلحة في خندق واحد، وذلك بحسبان أن الأمين السياسي للوطني حَث الطلاب على استذكار دروس التسعينات الجهادية، وقال: على الطلاب الرجوع للدفاتر القديمة واستذكارها من جديد، والاستعداد للامتحان من جديد. وفي كلمته، دعا اللواء د. محمد العباس الأمين، الخبير الاستراتيجي للنظر لقضايا السودان بطريقة كلية، محذراً من السماح لعقار بتحقيق هدفه المتمثل في الانضمام لأثيوبيا، وقال: طموح عقار يتعدى ولاية النيل الأزرق التي وصفها بأنها أغنى ولايات السودان مطلقاً وصولاً لسيادة الاقليم الأوسط القديم (يمتد من الكرمك وحتى سوبا)، ونهى العباس الساسة من التدخل لوقف عمليات الجيش القتالية في الولاية الشرقية وتركه يواصل انتصاراته التي بدأها بالمعركة الافتتاحية، معركة ثالث أيام عيد الفطر. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 7/9/2011م