(غير منخدعين بالهدوء الذي يسود حاليًا في الإقليم) كانت أهم العبارات التي خرجت بها الصحف من التنوير الذي قدّمه مدير جهاز الأمن والمخابرات المهندس محمد عطا أمام اللجنة البرلمانية الطارئة عن الأوضاع الأمنية في البلاد نهاية الأسبوع الماضي، ورأى البعض أن العبارة بقدر ما حملت من تطمينات إلا أنها تضمّنت تحذيرات مفادها أن الهدوء الذي يسود حاليًا ربما ستعقبه العاصفة بعد أن أكّد عطا أنهم يعملون بكل جد لمحاصرة أي طموحات للتصعيد العسكري بدارفور. من أين جاء الهدوء؟ سؤال طرح نفسه بقوة خاصة بعد أن تمكّنت حركة العدل والمساواة ورئيسها خليل إبراهيم من الإفلات من الحصار الذي واجهته في ليبيا ودخولها الإقليم الذي ظل يحتفظ بهدوءه ولكن متابعين للأوضاع أشاروا إلى أن الهدوء كان نتيجة لعوامل ومؤثرات من الداخل أطرافها الحكومة والحركات الموقِّعة على السلام والمواطنين والنازحين حيث وصلت كل هذه الأطراف إلى قناعة بضرورة تحقيق السلام وبهذه الخطوة فقدت كثير من الحركات أهم سند لها وهم النازحين الذين بدأوا العودة إلى قراهم ومناطقهم بأعداد كبيرة، كما أن التنسيق الأمني بين السودان وتشاد من خلال القوات المشتركة كان له دوره في الحد من تمويل الحركات المسلحة وتحركاتها بين البلدين ما سهل من عملية تدفق اللاجئين في تشاد إلى الداخل في إطار برنامج العودة، وأكد ذلك ل «الإنتباهة» القيادي بحركة تحرير السودان جناح الإصلاح مبارك دربين الذي أوضح أن الهدوء لم يأتِ من فراغ بل كان نتيجة للجهود التي بذلت من جانب الحكومة والحركات الموقعة، وأضاف دربين أن العدل والمساواة أدخلت نفسها في عزلة عندما لجأت إلى ليبيا وبسبب الأحداث التي اندلعت هناك حيث لم يقف الأمر عند هذا الحد بل عانت الحركة من الصراعات بداخلها مما كان له أثره على عملياتها العسكرية، أما حركتي عبد الواحد نور ومناوي فقد فقدتا الجانب العسكري بعد خروج كثير من القيادات الميدانية منهما بسبب تملص الرجلين من استحقاقات القادة العسكريين والميدانيين مما حدا بالرجلين الاهتمام أكثر بالجانب السياسي وبإحداث فرقعات إعلامية لإثبات وجودهما الأمر الذي أدى إلى إفقادهما العمل الميداني بجانب المصداقية لدى المواطنين. من مأمنه يؤتى الحذر!! مدير جهاز الأمن كشف عن توقعات بحدوث تصعيد عسكري بدارفور، وقال إن جهودهم مركزة على احتواء كل ما يعكِّر صفو الاستقرار الأمني ولكن طالما كانت الحركات المسلحة بتلك الحالة المذكورة فمن أين تأتي المحاذير من حدوث تصعيد عسكري؟؟ هنا أشارت كثير من المعلومات إلى أن حركة العدل والمساواة استفادت إبان وجودها في ليبيا مما يحدث هناك وحصلت على كثير من الأموال من القذافي، ويشير البعض إلى حصولها على كميات من الأسلحة ولكنها بالمقابل فقدت الكثير من الرجال وهو ما يفسِّر سعيها الآن إلى التجنيد في أوساط القبائل في دارفور، حيث تنشط الآن من أجل تحقيق هذا الهدف، وأكد ذلك زعيم قبيلة المحاميد موسى هلال للزميلة «السوداني» عندما قال «خليل أرسل العرب الموجودين معه في الحركة للقبائل العربية عشان يجندوا ليهو ناس ولكن هذه الاتصالات ما ذات فعالية» وأشار هلال إلى أن خليل أرسل مناديب في شكل سماسرة بعد إغرائهم بالمال، ولكن دربين عاد وقال إن أنسب ما يمكن أن نصف به الأوضاع في دارفور بأنها حالة من الترغب والانتظار وقال «الناس مترغبين ومنتظرين يشوفوا الحكومة ح تسوي شنو؟؟» وأضاف بعد توقيع اتفاق الدوحة كثير من الناس مراهنين على أن الحكومة ستفشل في استيعابهم، وحذّر دربين من عملية إبدال أبوجا بالدوحة وهو ما يمكن أن يقود إلى تصعيد الأوضاع، وقال «ناس الحركات مراهنين على انهيار السلطة الانتقالية حتى إذا ما انهارت بعد ذلك سيقومون باستقطابهم» الأمر الذي دعاه لأن يقول بعض الحركات ربما هي الآن في حالة إعادة ترتيب وقال ربما جمدت نشاطها في انتظار ماذا سيحدث. في كل الأحوال كان تحذير عطا مهمًا حتى لا تتكرّر حادثة غزوة أم درمان التي أحرجت الحكومة ورغم ذلك رفعت من اسمها بكسبها لمناصرين رفضوا هجوم العدل المدعوم من الخارج. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 10/10/2011م