على اثر خبر جانبي تناقلته الصحف السودانية بالأمس "أن الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم دفع بمذكرة لرئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت يطالب فيها باستمرار الدعم لمتمردي دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ضد الحكومة السودانية في خطوة جديدة للعودة لتصعيد الخلاف مع حكومة الخرطوم". يتداخل هذا الخبر مع خبر كان قد سبقه بأيام "وهو أن باقان اموم تقدم باقتراح من جانب الحركة الشعبية فحواه أن حكومة الجنوب مستعدة لتقديم تنازلات عن متأخراتها النفطية السابقة بطرف حكومة السودان الشمالي إضافة لتقديم النفط بأسعار مخفضة ومساعدات مالية مقابل أن تتنازل حكومة جمهورية السودان الشمالي عن أحقيتها في أراضي ابيي". ومن الملاحظ أن الخبرين لم يكن بينهم سوى بضعة أيام والمهم في داخل سياقهما أن هنالك فاعلاً مشتركاً بينهما هو أن الأمين العام للحركة الشعبية والرجل المثير للجدل باقان اموم. في محاولة لتسليط بعض الضوء على هذه الشخصية يلاحظ أن الرجل يعاني حالة شديدة من التوهان السياسي والتخبُّط الفكري والهذيان الإعلامي. والرجل وبالنظر إلى وضعه السياسي كأمين عام للحركة الشعبية أصبح لا يجيد كيفية التعامل مع المواقف خاصة أن بعض المحللين المحو إلى انه دخل في هذه الحالة منذ مقتل العقيد الدكتور جون قرنق -المفكر والزعيم القائد للحركة الشعبية- خاصة وأن الرجل الأخير يعتبر بمثابة الأب الفكري والقدوة لباقان. ومن الملاحظ أيضا أن باقان أصبح على هامش من القضايا والراهن السياسي الجنوبي أضف إليه إبعاده من ملف التفاوض في القضايا العالقة بين السودان ودولة جنوب السودان مما سبب له حالة من الذهول والتخبط الفكري. والرجل رغم أنه كان ضمن شراكة أصلية مع حكومة الخرطوم منذ اتفاقية نيفاشا 2005م وحتى الانفصال 2011م لم تصقله التجربة حول كيفية إدارة الحوار والصراع مع حكومة الخرطوم، لذلك أثار الهواء الساخن بمقترح مقايضة ابيي وهو بذلك يؤكد عدم مقدرته لإيجاد الحلول المناسبة. هنالك عدة أسئلة تدور حول الرجل؛ هل يحاول أن يعود للواجهة الإعلامية بمثل تلك الأفكار والمقترحات؟ أم انه يحاول طرح نفسه كمفكر للحركة الشعبية؟ الرجل أثار حوله اللغط بدخوله في هذه الحالة إذ عارضت قيادات بارزة في الحكومة بجوبا التصعيد؛ وردود الفعل كانت عنيفة داخل أروقة الحكومة بالجنوب. أكدت مصادر مطلعة بحكومة الجنوب "بحسب أس.أم.سي" أن د.رياك مشار سلم سلفاكير تقريراً رداً على مذكرة باقان حذر فيه من مساندة المتمردين الذين يحاربون الحكومة السودانية وهو ما سيجعل الوضع الأمني بالجنوب في منعطف خطير وهاجم الأمين العام للحركة باعتبار أن موقفه الداعي لخلق الصراعات ورفض التطبيع مع السودان اقتصادياً وسياسياً غير مقبول خاصة في ظل الأوضاع السيئة التي يعيشها الجنوب ومن سياق الخبر قال مشار أن المؤتمر الوطني يتعامل بدبلوماسية عالية ويرغب في علاقات حسن الجوار في مقابل سياسات خاطئة من بعض قادة دولة الجنوب. أكد مشار أن دعم المنشقين معنوياً ومادياً لن يجعل المؤتمر الوطني يصبر طويلاً مما ينعكس بصورة سالبة على العلاقات بين الدولتين. إذاً على باقان الخروج من هذه الحالة والالتفات للقضايا الداخلية ومعالجة التفلتات الأمنية وبذرة التمرد في بانتيو. خاصة أن الدولة الوليدة ليس من صالحها طرح تلك التصريحات. وحتى لا يصير الرجل خميرة عكننة للعلاقة بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي، وحتى لا يهدد موقعه من الحزب خاصة انه أصبح يثير حنق بعض القادة الجنوبيين بتصرفاته.