تلوح في أفق السودان نذر حرب لا يعلم إلا الله نتائجها ومنعكساتها على أوضاع هذا البلد العربي الإفريقي الذي استنزفت ثرواته وطاقاته حرب أدت في نهاية المطاف إلى انفصال جنوبه عن شماله. ومع أن هذا الانفصال تم عبر مفاوضات سياسية واتفاقيات تضمن حسن الجوار والتعاون والتكامل على الأصعدة كافة، إلا أن الأمور عادت للتأزم في الأسابيع الأخيرة، بعد أن أعلنت فصائل عدة تشكيل جبهة معارضة مسلحة هدفها إسقاط نظام البشير. وسرعان ما اشتعلت حرب التصريحات المتبادلة بين قادة شمالي السودان وجنوبه، فالشمال اتهم الجنوب باحتضان المعارضة الشمالية، والجنوب اتهم الشمال بالاستعداد للعودة إلى جوبا عن طريق الحرب والسلاح. ثمة نقاط عديدة لابد من ملاحظتها على هذا الصعيد.. فالعلاقات بين الشمال والجنوب لابد وأن تتصف بالمصارحة والمكاشفة والثقة المتبادلة، وإلا فإن أي اتفاق أو تفاهم يغدو بلا قيمة طالما أن الشكوك هي التي تحكم العلاقة بين الطرفين. وقد بدت هشاشة العلاقة بين شمالي السودان وجنوبه، من خلال التصريحات والاتهامات المتبادلة، والتي عبرت عن أن وراء الأكمة ما وراءها، وليس كما صرح الزعيمان سيلفاكير ميارديت وعمر حسن البشير قبل أسابيع قليلة من أن العلاقات على خير ما يرام. تصريحات الأيام الأخيرة، تثبت أن هذه العلاقات ليست على ما يرام، وأنها بحاجة إلى المزيد من الجهد والعمل المتواصل والمتبادل للوصول إلى قاعدة تفاهم تتأسس عليها العلاقات بين البلدين. فلا التصريحات المستفزة تفيد، ولا الاتهامات غير المستندة إلى أدلة موثقة يمكن أن تحل المشكلة. ولعل التكتم على هذا الصعيد خير من المعارك المكشوفة على وسائل الإعلام. من شأن حرب جديدة، يمكن أن تشتعل في السودان، أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، فلا جنوب السودان قادر على تحمل تبعات مثل هذه الحرب ووضعه الاقتصادي كما هو الآن. ولا جمهورية السودان بحاجة إلى خاصرة نازفة تضاف إلى سلسلة المشكلات التي تحيط بها. أمل السودانيون أن يؤدي انفصال الجنوب إلى انتهاء هذا البلد من دوامة الحروب والاضطرابات، الداخلية، التي تعوق عجلة التنمية، ولكن الأمور كما تبدو من خلال حرب التصريحات الإعلامية لا تبشر بالخير، ولذلك لابد من وضع النقاط على الحروف، وعدم ترك أي ملف عالق بين البلدين دون حل وبأسرع وقت ممكن. المصدر: البيان 16/11/2011