رغم التحذيرات المستمرة للأطباء السودانيين من مراهم ومستحضرات تجميل تعج بها الأسواق المحلية، فإن ذات الأسواق ما زالت تبدي شراهة كبيرة لاستيعاب المزيد من تلك المستحضرات التي باتت خطرا يهدد بشرة السودانيات. وعلى الرغم من عدم مطابقة تلك المستحضرات والمراهم للمواصفات ومعايير الجودة وكذلك الطقس السوداني الحار والإصابات المتكررة التي لحقت بأعداد كبيرة من السيدات جراء استخدامها، فإن تجارا ومهربين يمارسون الكثير من الحيل لإغراق الأسواق بها دون الاكتراث بالمخاطر التي تخلفها. ومن جهتها اكتفت وزارة الصحة السودانية بوصف الوضع بالفوضوي، وأشارت عبر مصدر رفض الكشف عن هويته إلى استخدام وسائل مختلفة من التهريب لتجاوز التصريحات والاختبارات اللازمة لدخول كثير من هذه المراهم ومستحضرات التجميل للبلاد. وأضاف المصدر أن بيع تلك المستحضرات الخطيرة في الطرق أو محال أدوات الزينة والتجميل النسائية "أمر يخالف القانون"، متهما جهات حكومية لم يسمها بالمساهمة في انتشار تلك المستحضرات بالشكل الحالي. وأرجع المصدر السبب في انتشار هذه الظاهرة إلى انعدام المؤسسية في الدولة، وأصبحت الكثير من الأخطاء تحل محل الصواب دون رادع، إلا أنه رفض في الوقت ذاته تحميل وزارته المسؤولية "لأن هناك مؤسسات أخرى تصدر تصاريح استيراد دون تخصص". ويبدو أن تحذيرات أطباء الأورام والأمراض الجلدية وحملات التوعية المستمرة لم تثن التجار عن جلبهم لهذه المستحضرات ولا مستخدميها عن التوقف عن استعمالها، مما يعني أن الأمر ربما يمثل مشكلة حقيقية الأيام المقبلة. فبينما يؤكد استشاري الأمراض الجلدية سمير أبارو عدم دراية كثير من مستخدمي مستحضرات التجميل والمراهم بخطرها، يطالب استشاري الأمراض الجلدية زهير أحمد باستصدار قوانين جديدة لحماية المجتمع وتفعيل القوانين الموجودة ضد المهربين وبعض المؤسسات الحكومية. ويرجع أبارو السبب في الإقبال على تلك المستحضرات إلى ظهور تقاليد جديدة على المجتمع السوداني تتعلق بدرجة القبول لهذه المستحضرات بين الفتاة ذات البشرة البيضاء عكس نظيرتها ذات البشرة السمراء، لافتا إلى وجود اعتقادات أخرى تجعل بعض الفتيات يتجهن لاستخدام مراهم تفتيح البشرة دون معرفة بأضرارها الصحية. وأضاف أبارو أن بعض المراهم يتم استيرادها عبر التهريب من دول غرب أفريقيا "التي لا تتوفر في بعضها أي نوع من المواصفات الصيدلانية"، وحذر من بعض الحبوب والحقن الخاصة بتبييض بشرة الوجه. وقسم المراهم إلى ثلاثة أنواع، أولها يؤدي إلى تآكل الطبقة السطحية للجلد وزيادة شعيرات الدم السطحية، في حين يعمل النوع الثاني على مهاجمة الكلى مما يتسبب في التهابها وفشلها آخر الأمر، بينما يشتمل النوع الثالث على نسب عالية من السميات ويتسبب في كثير من المشكلات الصحية حال تعرض جلد مستخدمها لأشعة الشمس المباشرة. وفي ذات السياق أكد استشاري الأمراض الجلدية زهير عبد الرازق أن المستشفيات والعيادات ظلت تستقبل بين الفينة والأخرى حالات مرضية فقد "تسببت هذه الكريمات في تمزق أربطة الجلد وسواد في مناطق أصابع اليدين"ودعا المؤسسات الرقابية لمكافحة تهريب ما أسماها بالمواد السامة إلى داخل البلاد.