لا في الماضي حين كان زعيمهم الراحل قرنق حاضراً، ولا في الحاضر حين أصبحوا قادة وحددوا أهدافاً لأنفسهم بصناعة جنوب جديد توطئة لإنفاذ مشروع السودان الجديد. نجح الثلاثي الحلو وعرمان وعقار في أي شيء، والعلة من البساطة بحيث لا تحتاج الى كثير عناء، ذلك أن قيادياً مثل عبد العزيز الحلو لم يعرف في سيرته الذاتية طوال سنوات وجوده في الحركة الشعبية سوى إراقته للدماء، وتنفيذ المهام التي يسميها خبراء العمل السري (المهام القذرة) وهي عادة ما تكون مهام انتقامية دموية لا حاجة فيها لتخطيط ذكي ولا مهارات عالية ولهذا كان من المحتم حين أصبح الحلو قيادياً ومسئولاً – في غياب قائده قرنق – أن تقف ذهنيته السياسية عند حدود هذه المهام القذرة، فبادر بإطلاق الطلقة الأولي في كادقلي معتقداً أن من السهل عليه السيطرة على عاصمة جنوب كردفان وتصفية قيادات الحزب الحاكم ومن ثم حسم وترجيح الكفة لصالح حركته. هذه البساطة والسطحية في التفكير، والسذاجة الموغلة في الاستهتار بالدماء والأرواح كان من الطبيعي أن تقود الرجل إلى فشل ما حقق، هو الآن يلعق بقاياه ولا يلوح له في الأفق البعيد أو القريب يوى السراب. ولعل الأمر المدهش حقاً في هذا الصدد ان الحلو حتى بعد ما فشلت خطته الساذجة وهرب الى دولة الجنوب باحثاً عن ملجأ آمن لم يكف عن إعادة المحاولة مرتين من خلال هجمتين قادها على مدنية تلودي القريبة من كادقلي، فقد فشلت هجمته فشلاً ذريعاً وتكبدت قواته أعلي درجات الخسارة، والأسوأ من كلذلك فان حكومة جنوب كردفان قطعت عليه الطريق نهائياً بانتقالها من كادقلي عاصمة الولاية إلى تلودي ! ذات الأمر – بحزافيره – ينطبق على المتمرد مالك عقار، فقد كان عقار يعتقد ويصدق أن لديه (40 ألف مقاتل) بإمكانهم شق طريقهم نهاراً الى الخرطوم!! وكان يعتقد أيضاً أن كتفه محاذية تماماً لكتف السلطة الحاكمة في الخرطوم، ولهذا ما تواني في إطلاق الطلقة الأولي، وان هي الا دقائق حتى وجد نفسه في الحدود الإثيوبية باحثاً عن ملاذ آمن او تفاوض، ولكن كانت مصيبته أكبر حين لم يدعه الجيش السوداني يهنأ حتى بلجوئه وتحصنه بمدينة الكرمك فاجتاح الجيش السوداني الكرمك ليضع حداً لل(40 ألف ) مقاتل المزعومة. وبذلك خرج عقار من المعادلة مهزوماً مدحوراً، حيث فقد منصبه ووجوده السياسي في ولاية النيل الأزرق وفقد معركته العسكرية الخاسرة . عرمان هو الآخر لم يحظ بمصير أفضل من رفيقيه فهو الآن يتنقل – بصعوبة – من بلد إلى آخر خائفاً يترقب ذلك أن أعدائه ليسوا قادة الحكومة السودانية بقدرما هم رفاقه في الحركة الذين أدركوا – بعد فوات الأوان – أن عرمان هو وراء كل هذه المخططات البائسة التي أهالت التراب على قطاع الشمال وقادته. ان الأمر هنا لا يتعلق فقط بطبيعة ذهنية أي من هؤلاء القادة الثلاثة الفاشلين فقد رأينا كيف أنهم – من الأساس – لم يكونوا يتمتعون بذكاء أو مهارات خاصة، وقد كانوا في حياة زعيمهم الراحل (مجرد أدوات ووسائل ) يستخدمها القائد الزكي في الأوقات المناسبة، ولكن الأم يتعدي ذلك الى كون أن هؤلاء القادة يعرقلون مسيرة السودان السياسية بغباء لا حدود له وفي الوقت نفسه يرتبطون. بجهات خارجية معادية للسودان كله وليس للسلطة الحاكمة، ومن المستحيل ان يفسح الشعب السوداني بذكائه المعروف المجال لأمثال هؤلاء ليكونوا قادة لمستقبله هذا هو المستحيل بعينه!!.