ينتظر أن تنطلق بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم جولة جديدة من المفاوضات المستمرة بين دولتي السودان وجنوب السودان، بشأن العديد من القضايا المتبقية على طاولة الحوار بين الجانبين، وفي مقدمتها قضية الخلاف بشأن تقاسم إيرادات النفط وترسيم الحدود وأبيي. وتلتئم الجولة الجديدة من مفاوضات أديس أبابا، في ظل متغيرات لافتة ستجعل من طاولة المباحثات بين وفدي الخرطوموجوبا، محلاً لتيارات باردة ومنخفضة، ستهب عليها ضغوطاً كثيفة من اتجاهات متعددة، على أثر المبادرة التي قادتها الصين مؤخرا لتقريب وجهات النظر بين جوباوالخرطوم، ودعوتها لإشراك أعضاء آخرين من المجتمع الدولي في حل الأزمة، ومناداة حكومة الخرطوم بذلك. الأمر الذي دفع بالولاياتالمتحدةالأمريكية والنرويج للدخول على خط الوساطة بجانب الصين. وتبحث جولة المفاوضات التي تنطلق اليوم وفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية، العبيد مروح، في تصريحات قضايا البترول وترسيم الحدود بجانب قضية ابيي، التي قفزت مجددا إلى السطح الأيام الفائتة على أثر تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، التي وصف فيها وجود القوات المسلحة في المنطقة بأنه احتلال الأمر الذي أغضب الخرطوم وردت عليه منتقدة في شدة ودعته لإطلاق الأوصاف التصحيحية في مثل هذه الحالات، وقال مروح إن جولة المباحثات لن تكون فيها مخرجات وان الطرفين اتفقا على عقد جولة أخرى تحدد من خلال الجلسات للمفاوضات المباشرة. وفي حين لا يتوقع أن ترسى سفينة المفاوضات بين الطرفين، والتي ترعاها لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، بقيادة ثامبو أمبيكي، على بر يتجاوزا فيه خلافاتهما، نسبة لصعوبة وتعقيدات القضايا محل التفاوض، من جهة وتوقيت انعقاد جولة المفاوضات بالنظر إلى قرب موعد الاحتفالات بأعياد الكريسماس ورأس السنة الجديدة، إلا أنها – المفاوضات -، ينتظر بحسب مراقبين، أن تخرج بتأكيد والتزام الطرفين بمواصلة الحوار كوسيلة وحيدة لحل القضايا العالقة، مع الإتفاق على جدولة محددة لبحث مختلف الملفات، لكن مع ذلك من المؤمل أن يشهد ملف الخلافات بشأن البترول تقدما على اثر المقترحات المحددة التي عكف المسئولون في كل من الخرطوموجوبا على دراستها خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى الوساطة التي قادتها الصين للوصول إلى تسوية حول القضية. وكان مقررا أن تعقد جولة المباحثات المنطلقة اليوم في العاصمة الإثيوبية في حاضرة جنوب السودان جوبا وفقاً لإتفاق سابق بين الجانبين، إلا أن التوترات الأخيرة التي نشبت بين الحكومتين بسبب خلافات وأسعة حول الرسوم المقرر أن تدفعها حكومة الجنوب مقابل تصدير نفطها عبر الأنابيب العابرة للأراضي السودانية، حدت بالوسطاء إلى نقل المباحثات إلى أديس أبابا. وستجرى المفاوضات بصورة غير مباشرة وعبر وسطاء دوليين، حسبما إقترحت حكومة الجنوب. وهو مقترح وأفقت عليه الخرطوم، حيث كشف رئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، الدكتور قطبي المهدي أن عددا من الدول على رأسها النرويج والولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي، بجانب الاتحاد الأفريقي ستكون في مقعد الوساطة لحل القضايا العالقة بين دولتي السودان وجنوب السودان، وقال في تصريحات صحفية أمس الأول "إن الوسطاء حريصون وحادبون ويمارسون ضغوطاً لإنهاء القضايا الخلافية بين الخرطوموجوبا"، وأضاف "إنهم يضغطون الآن بجدية على الجنوب وبروح إيجابية من أجل الوصول إلى اتفاقات تحسم القضايا العالقة". ويضغط أولئك الوسطاء لأجل عقد لقاء بأديس أبابا يجمع بين الرئيسين عمر البشير وسلفا كير. لكن تقارير أكدت في الخرطوم عدم سفر الرئيس البشير لعقد قمة مع سلفا كير. ومع أن محللين يستبعدون أن تثمر المفاوضات غير المباشرة، عن نتائج سريعة أو عاجلة، وذلك استنادا إلى تجربة الآلية الأفريقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو أمبيكي، حيث ظل الرجل لشهور يمشي ما بين الخرطوموجوبا، حاملا مقترحات مرة وأفكار مرة أخرى، رأى الدكتور قطبي، بإمكانية حسم القضايا العالقة بين الخرطوموجوبا من خلال الحوار غير المباشر الذي اقترحته حكومة الجنوب، الذي سيتم عبر وسطاء يضمون بجانب الاتحاد الأفريقي دول أمريكا، النرويج، الاتحاد الأوروبي، بينما توقعت تقارير صحفية حضور المبعوث الصيني للشؤون الإفريقية. وكانت الولاياتالمتحدة أعربت عن ثقتها في حل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب في جولة اليوم، من المفاوضات بين الجانبين. وأعربت سفيرتها لدى جوبا، في مقابلة مع راديو صوت أمريكا الحزبين الحاكمين في السودان والجنوب على العمل من أجل حل القضايا العالقة بينهما، معربة عن ثقتها في الوصول إلى حل ناجح للقضايا العالقة تحت إشراف الاتحاد الأفريقي والتي يقودها رئيس جنوب أفريقيا السابق رئيس اللجنة العليا رفيعة المستوى ثامبو امبيكي. ويتوقع أن تلقي الصين بثقلها لأجل تأكيد نتائج الوساطة التي قادتها بين الخرطوموجوبا، لحل الأزمة، بعد أن أنهى مبعوثها للشئون الإفريقية ليو قوي جين، الشهر الماضي، جولة من المشاورات شملت كبار المسئولين في الخرطوموجوبا، وحذر من أن فشل محاولات الحل سيشكل خطرا كبيرا للجانبين في مختلف المجالات، وحث البلدين بشدة على تسوية خلافهما. وقال جين إن الصين تعمل على حل الخلافات قبل بدء عطلة أعياد الميلاد في الخامس والعشرين من ديسمبر الحالي، وأنها مستعدة لقبول أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان بعد فشل الجولة السابقة من المفاوضات. وقال كبير مفاوضي جنوب السودان، باقان أموم، في تصريحات حينها "إن الصين استطاعت الضغط على السودان حتى يغيِّر موقفه". وأضاف ل"الجزيرة نت"، بقوله إن الطرفين سيجتمعان بأديس أبابا للاتفاق على رسوم العبور. لكن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، العبيد مروح، قال "إن كل ما تم في الموضوع مجرد اقتراحات قد تعتمد أو ترفض في المباحثات المقبلة بين الطرفين". وبالنسبة إلى الصين فإن الخلافات بين الخرطوموجوبا خاصة المتعلقة منها بالنفط تحتاج إلى تدخل دولي وهو ما دعا إليه مبعوثها وطلبته حكومة الخرطوم، حيث قال وزير الخارجية علي كرتي، ل"الحياة" اللندنية، "ما طالبنا به الصينيين عندما جاءونا هو أن يشاركوا الآخرين"، وأضاف، "نحن نقبل وساطة الصين من دون شك، ولكن من أجل نجاح الصين نحن عرضنا عليهم أن يُشركوا الآخرين في هذا الجهد"، وكشف أن الحكومة السودانية، أبلغت الصين بضرورة إشراك الغرب والولاياتالمتحدة في وساطتها لحل الخلافات بين الخرطوموجوبا كي تنجح الوساطة. وفشلت جولة من المفاوضات حول خلافات ملف النفط، بين الخرطوموجوبا عقدت بأديس أبابا نهاية الشهر الماضي، بعد أن وصل الطرفان إلى طريق مسدود، وفشلت كل محاولات تقريب وجهات النظر من قبل لجنة الوساطة الإفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي. ورفض وفد حكومة جنوب السودان، مقترحا تقدم به الوسطاء الأفارقة يدعو جوبا لدفع 300 مليون دولار للسودان، مقابل تصديره للنفط خلال شهرين كترتيبات مؤقتة لحين التوصل إلى اتفاق نهائي بين البلدين. وبدورها هددت حكومة السودان بأخذ حقها من رسوم تصدير نفط الجنوب عينا، وحددت أن السودان سيأخذ 23% من نفط جنوب السودان عينا مقابل السماح بتصديره عبر الأراضي السودانية وإستخدام خطوط الأنابيب وموانئ التصدير السودانية. وسبق أن حددت الخرطوم مبلغ 32.8 دولار للبرميل الواحد مقابل تصديره، موضحة أن قيمة إيجار خطوط النفط وإستخدام وحدات المعالجة والميناء لتصدير بترول الجنوب تقدر بقيمة 2.6 مليار جنيه للفترة المتبقية من العام الحالي. نقلا عن صحيفة الرائد بتاريخ :20/12/2011