في محاولة لرأب الصدع وتجاوز صدام محتمل في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بنظام مبارك، بادرت قوى سياسية ووطنية بطرح مبادرات للوصول إلى رؤية واضحة للخروج من الأزمة الحالية، عقب اشتباكات دموية وقعت أمام مقر مجلس الوزراء بشارع قصر العيني بوسط القاهرة، قبل أسبوعين، أسفرت عن مقتل 17 وإصابة المئات. وبينما يرى مراقبون أن هدف هذه المبادرات واحد؛ لكن الاختلاف في الطريقة التي ستمكن أي مبادرة من الوصول إلى أهدافها، أكد سياسيون ممن شاركوا في وضع هذه المبادرات، أن توحيد القوى السياسية ونبذ خلافاتها هو الخطوة الأولى للوصول إلى حل فوري لما يحدث الآن، وإعادة ثورة «25 يناير» لمسارها الطبيعي. وأطلق المجلس الاستشاري مبادرة «الحوار الوطني»، دعا فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجميع القوى السياسية للاجتماع والتوافق فيما بينها على ترتيبات الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية. ودعا الدكتور علي جمعة مفتي مصر في مبادرته التي أطلقها باسم «المصالحة الشاملة» إلى البعد عن الاتهامات المتبادلة دون دلائل بين السياسيين، وكذا البعد عن التخويف والتخوين وإثارة القضايا الفرعية والاهتمام بالقضايا الأساسية. ولاقت مبادرتا الاستشاري ومفتي مصر قبولا لدى الكثير من القوى السياسية. وبينما قال طارق زيدان رئيس حزب «الثورة المصرية» ل«الشرق الأوسط»، إن «المبادرتين تدعوان لتفعيل لغة الحوار التي افتقدناها خلال الفترة الماضية»، لافتا إلى أن مصر لن تنجو إلا بالحوار والمصالحة، واشترط الدكتور عبد الجليل مصطفى المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، أن يسبق المبادرتين تلبية مطالب الناس وإيقاف العنف ضد شباب الثورة. وأطلقت 63 شخصية وطنية مبادرة وطنية لإنقاذ الثورة، دعوا فيها إلى تقديم موعد الترشح للانتخابات الرئاسية إلى يوم 25 يناير المقبل وإعلان أسماء المرشحين يوم 11 فبراير (شباط) المقبل، وتنصيب رئيس جديد لمصر في غضون 60 يوما. وقال الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، أحد المشاركين في المبادرة ل«الشرق الأوسط»: «إن ذلك يقلل من الصدام بين الثوار والمجلس العسكري». وتزامن مع مبادرة إنقاذ الثورة، مبادرة «مصر تختار رئيسها في 25 يناير»، التي أطلقها تحالف ثوار مصر واتحاد شباب الثورة، للمطالبة بنقل السلطة من المجلس العسكري لرئيس منتخب في موعد أقصاه فبراير المقبل، وأكد الموقعون على المبادرة أنه حال موافقة المجلس العسكري عليها، سوف يتم إخلاء ميدان التحرير والعودة فقط إليه في 25 يناير، للاحتفال بالعيد الأول للثورة. وأطلقت حركة شباب 6 أبريل مبادرة «ائتلاف القوى المصرية» لرفض العنف ضد المدنيين، والتأكيد على احترام الخلاف في الرأي ووضع صيغة عامة توافقية حول فلسفة الثورة. وطرح الدكتور أحمد زويل الحائز جائزة نوبل عام 1999، مبادرة من 5 نقاط، اعتبرها السبيل الأنسب لتجاوز الأزمة السياسية في مصر، تضمنت تولي نائب الرئيس السابق عمر سليمان الإشراف على عملية الإصلاح السياسي وتشكيل مجلس يضم عددا من القانونيين والشخصيات العامة لتعديل مواد بالدستور، وتحديد جدول زمني لإجراء انتخابات ديمقراطية. وأطلق الدكتور عمرو حمزاوي (النائب المستقل) في مجلس الشعب، والدكتور مصطفى النجار (رئيس حزب العدل) مبادرة تدعو لوضع جدول زمني جديد للمرحلة الانتقالية بما يضمن إجراء عقد أول جلسة مشتركة لمجلسي الشعب والشورى منتصف فبراير المقبل لبدء إجراءات وضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) المقبل. وتعليقا على المبادرات المتلاحقة، قال الدكتور بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ل«الشرق الأوسط»: إن «جميعها تصب في اتجاه واحد، يتلخص في توحيد كافة القوى السياسية التي يجب أن تنسى خلافاتها تماما بمختلف أطيافها، وأن يعلن المجلس العسكري بمنتهى الوضوح خطته لنقل السلطة وإصدار تطمينات واضحة لكل القوى وعدم السماح لأي تيار أو فصيل سياسي بالتأثير عليه في قراراته». المصدر: الشرق الأوسط 29/12/2011