*لسنا من الذين يفرحون لموت أحد، ولكننا نأسى ونحزن عندما يقتل منا رجل كنا نود أن يكون بيننا داعياً للسلام والمحبة، فكم من شهداء سألت دماؤهم غزيرة في أرض الجنوب، لكنها لم تكن أرواحاً صعدت الي بارئها تدعونا الي تعميق الغل وأسباب الحقد والإنتقام في نفوسنا، بل كانت تلك التضحيات معبراً نحو الدعوة للسلام والأمن، وفض الإشتباك بين سلاح الحق، ومعاول الباطل. *والذين يتوقعون أن تتصاعد أدخنة اللهب المفضي الي مزيد من الإقتتال، لم يضعوا في حسابهم أن الحرب لا عمر لها، وهي إستثناء من حيث النظر الي القواعد التي تدفع نحو التعايش السلمي، وأن السلام هو القيمة الباقية والإسم الرباني لخالق الأرض والبشر والسماوات. *ولقد كان خليل إبراهيم هو أول من سعي نحو توقيع الإتفاق لإحلال السلام بدارفور، في مدينة الدوحة القطرية، قبل كل الجماعات الأخرى، وما كنا نود أن يكون طريق تحقيق الأهداف هو الطريق القاضي بحمل السلاح وإتخاذ سبيل الهجوم والهجوم المضاد، لأن الغايات السامية والمثل الرفيعة وقبول الآخر لا يأتي هكذا رغم الأنوف ولا علي أسنة الرماح، أو من خلال فوهات المدافع وأزير الطائرات. *وكم كنا نكون سعداء، فيما تطور الإتفاق الإطاري الذي وقعته حركة العدل والمساواة ليثمر سلاماً يشارك فيه خليل إبراهيم وجماعته بتحمل المسئولية، وأداء الواجبات و بذل الخدمة ليس لأهل دارفور فحسب وإنما لكل مواطن يسعي من أجل العيش الكريم والبحث عن الأمان في كل صقع وقفر وبدو وحضر في ديار بلادنا السودان. *وقصة الحرب والسلام قصة قديمة مخطئ من يظن أنهما يتساويان في القيمة والعمر بحساب معيار الزمن، أو التاريخ الذي تثبته المسيرة اللاحبة الطويلة لبني الإنسان. *فالحرب وفقاً للطبيعة الإنسانية لا تحظي بالحب ولا الإختيار وهي بهذه الصفة لا تملك العناصر التي تضمن لها التطاول والامتداد لا في القلوب ولا علي أرض الواقع، لأنها مكروهة لا تحبذها الفطرة السليمة بإعتبار أنها تؤثر سلباً علي الأمن الإجتماعي وتوغر الصدور بحب الإنتقام، وتقضي علي الحرث والنسل مما يتناقض مع إستدامة الحياة وإستقرارها. *أما السلام فهو القيمة الباقية كما هو المشاعر التي لا تفارق أمل أمة تسبح آناء الليل وأطراف النهار بأن اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام. *وقصة الحرب والسلام فيما بعد مصرع خليل إبراهيم هما قصتان تطغي فيهما الأخيرة علي الأولي لأن الشمس والقمر لا ينكسفان أو ينخسفان لموت أحد أو لحياته. نقلا عن صحيفة السوداني 2/1/2012