*قرأت النص الكامل للرسالة التي بعث بها (أغبي) جنرال حرب هو جورج أطور دينق رئيس الحركة الديمقراطية لجنوب السودان في السادس عشر من شهر ديسمبر 2011م الي الرئيس اليوغندي اللواء يوري موسفيني ومن ثم حمل رأسه علي كفه وذهب به الي موسفيني وبالفعل كانت رحلته الأخيرة وهو يرفض كافة النصائح والتحذيرات التي قدمها له رجاله. *من المفترض أن يستجيب أطور لناصحيه وهو يعلم ان سجل موسفيني حافل بالإغتيالات وهي تجارة رائجة عنده ويكسب منها ملايين الدولارات وحتي عملية إغتيال جون قرنق يدور حولها حديث كثيف وتسريبات عن أموال كانت مثار التفاوض الذي أجراه جون قرنق في كمبالا مع موسفيني وبحضور عدد من الغربيين، والجدير بالذكر في هذا المقام أن جون قرنق لم يصطحب أحداً من المسؤولين في الحركة الشعبية وهو يستخدم طائرة هي رئاسية خاصة بالرئيس اليوغندي. *موسفيني معروف أنه عميل لعدد من أجهزة المخابرات الغربية والإسرائيلية وكذلك له أنشطة وأسعة مع المنظمات الغربية ساهمت في جعل كمبالا مركزاً إقليمياً لنشاط المنظمات وقبله لرجال المخابرات ومن داخل المؤتمرات والورش والإجتماعات السرية التي تعقد بكمبالا (تطبخ) الكثير من المؤامرات ولهذا من الطبيعي أن يتم التخطيط لعملية اغتيال جورج اطور، الذي بدأ يشكل خطراً حقيقياً للمشروع الأكبر في تاريخ القارة الأفريقية وهو مشروع فصل جنوب السودان وقيام دولة فيه وهو مشروع تخدمه من الدول في مقدمتها إسرائيل التي إستطاعت أن تحشد لهذا المشروع المجتمع اليهودي العالمي الذي هو في الحقيقة يشكل قوة إسرائيل وأسطورتها وذلك عبر الأدوار التي يلعبها اليهود في كل دولة عبر اللوبي اليهودي المؤثر في سياسة الكثير من البلدان الغربية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوربية بكاملها. *بدأ موسفيني منذ فترة يخطط لقتل أطور، وللوصول الي هذه النقطة تؤكد بعض التسريبات أن موسفيني شرع في تنفيذ خطة إستدراج بدأت بتدريب مجموعة من جنود أطور ومن ثم طلب منه أن يحضر تخريجهم والتفاكر معه حول التعاون مع حركته فما كان من أطور إلا وكتب رسالته التي نحن بصددها وبعث بها لموسفيني وهو يكاد يطير من الفرح الذي يبدو واضحاً من بين ثنايا النص الذي بدأه متشرفاً بمقابلة موسفيني، ومثمناً لدوره ودور الشعب اليوغندي في نضال شعب جنوب السودان ومتحسراً علي عدم جني الشعب اليوغندي لثمار إستقلال جنوب السودان وعلي العكس من ذلك جني الإغتصاب لنسائه والقتل لرجاله بواسطة الحركة الشعبية. ومن ثم يشرح أطور (المسكين) أهداف حركته وفي المقابل يشرح الأوضاع السيئة بالدولة الجديدة والتي آلت إليها بسبب سوء الإدارة والفساد الذي أضاع علي شعب جنوب السودان عشرين مليار دولار، وللحقيقة فإن أطور قدم شرحاً جيداً جعلني أستدرك الأفكار الكبيرة التي يدعو لها والسوء الذي وصل إليه الوضع في جنوب السودان وتعد رسالته في جانب تشخيص الأوضاع بجنوب السودان دقيقة جداً. *رواية جوبا حول مقتل أطور جاءت تفيد بأنه قتل أثناء إشتباك بين دورية للجيش الشعبي وقوات لأطور كان يقودها في منطقة (موربي كاونتي) بالإستوائية ثم عادت جوبا ونفضت يدها من هذه الرواية وهي تتهم كمبالا بإغتيال جورج أطور ويبدو أن هذا التغير في الرواية مرده للضغوط القبلية العنيفة التي تتعرض لها الحركة الشعبية علي إثر تبنيها عملية قتل أطور وما أدي لتصعيد قبلي تشهده عدد من المناطق بجنوب السودان. *عمالة موسفيني وقبلها سوء تقدير من جانب جورج أطور أديا الي عملية الإغتيال والتي لن يكون لها أثر كبير علي الأوضاع في جنوب السودان المضطرب من تلقاء نفسه ومكوناته وتعقيداته وها هي الأوضاع بعد مقتل أطور تزداد سوءاً إثر قتال بين قبيلتين، كما أن أطور من يخلفه وربما يكون أفضل منه في تقدير الأشياء لا سيما وأن هذا الإتجاه المناهض للحركة الشعبية هو إتجاه عام يساهم فيه سوء الإدارة الذي هو سمة حكم الحركة الشعبية. نقلا عن صحيفة الأهرام 10/1/2012