ما كان علي الحكومة أن تقع بطوعها واختيارها في الفخ المنصوب لها بقبول دخول "20" منظمة طوعية إغاثية أجنبية إلي مناطق التمرد بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق برغم تخوُّفاتها التي أعلنتها من أن تستغل الإغاثة لدعم المتمردين في هاتين المنطقتين.. وتنشط المنظمات الأجنبية العاملة في المجال الإنساني لتوريط الحكومة كما دلّت التجربة في الجنوب سابقاً وفي دارفور، مهما كانت النوايا حسنة والمقصد نبيلاً، وكيفما كانت الضوابط والإجراءات والاحترازات التي تقوم بها الحكومة من أجل مراقبة ومتابعة عمل هذه المنظمات والرديئة التي تُتّخذ.. صحيح أن خطة الحكومة وموجِّهاتها للتنسيق بين المنظمات العشرين والمنظمات الوطنية، تهدف للتقليل من مخاطر جنوح وانحراف العمل الإنساني عن مساره المخصَّص له في مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، خاصة منظمات ووكالات الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى لديها تجربة طويلة مع هذه الضوابط الإجرائية والاتفاقيات الفنية التي تتم والمواد الإغاثية والخدمات التي تحدد الحكومة أن تتم عبر مفوضية العون الإنساني والهلال الأحمر السوداني، لكن التجربة علي الأرض تكون غير ذلك في كثير من الأحيان لضعف الرقابة الإدارية وبطء التعامل مع التنبيهات والبلاغات التي تصدر.. وقبل قبول الحكومة، استبقت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض حلفائها الغربيين الحكومة وأعلنت عن وجود مجاعة في هاتين الولايتين وبدأت في دعاية سوداء تمهِّد لدخول منظمات غربية ومساعدات مباشرة لمناطق محدَّدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، مما اضطر بعده الحكومة لاستدعاء العشرين منظمة وإبلاغها بالإجراءات المنوط بها تنظيم العمل الإنساني وتقديم المساعدات والخدمات الضرورية للمواطنين في هذه المناطق. والهدف الذي لا مراء فيه أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية تريد عبر دعمها المباشر والمنظمات التابعة لها من ذوات الغرض السياسي، تقديم الدعم للتمرد في المناطق التي يوجد فيها، وهو دعم عسكري مباشر "سلاح وذخائر وأدوية وغذاء وغيرها من الدعومات الأخرى" لضمان استمرار التمرد والإبقاء علي ناره مشتعلة في جنوب كردفان والنيل الأزرق. ومن الصعب جداً السيطرة علي عمل منظمات الإغاثة الغربية والأجنبية بوجه عام, ففي قضية دارفور وقبلها فترة الحرب في جنوب السودان، لعبت المنظمات الأجنبية دوراً محورياً في تفاقم الحرب، وفي تشويه صورة السودان خارجياً، فكثيرٌ من المعلومات المضللة والتقارير المفبركة كانت تُعدُّها فرق المنظمات من موظفين وكوادر مختلفة تعمل تحت هذا الغطاء الإنساني، ولا نحتاج للتذكير بشواهد كثيرة حول هذه الشؤون التي لولا التباطؤ وسوء التقديرات الحكومية لما حدثت، وعندما يصل النصل العظم وبعد خراب سوبا تضطر الحكومة لطرد هذه المنظمات وتعلنها علي الملأ دون أن تقول للناس إنها هي المخطئة وإن متابعتها ومراقبتها كانت لا ترقي لمستوي الجرم المرتكّب! والآن قبل أن تتورَّط الحكومة وتغرق في تفاصيل صغيرة ودقيقة في الجانب الفني للاتفاقيات مع هذه المنظمات حتى لو كانت منظمات الأممالمتحدة، عليها أن تعزِّز من آليات المراقبة والمتابعة وتقليل حالات التفريط وإبعاد حسن النية في التعامل مع أي منظمة غربية إن كانت من بين المنظمات العشرين. هنالك جهات خارجية تنتظر أن ترفع لها هذه المنظمات تقارير غير صحيحة ومفبركة عن الأوضاع الإنسانية وأي انتهاكات لحقوق الإنسان أو جرائم ارتكبت ضد الأمومة أو الأطفال والقصر، أو ما يسمّي بالإبادة الجماعية، لتقوم هذه الجهات بالترويج لها والدعاية السياسية المغرضة حتى ينفتح جرح نازف في جسد البلاد ويتّسع الرتق وتكون الحكومة في محل اتهام لا أول له ولا آخر. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 24/1/2012م