القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي أوباما في البيت الأبيض البيضاوي والخاص بسياسة مد حكومة الجنوب بالأسلحة والعتاد الحربي بذريعة الدفاع عن نفسها، وتأمين المصالح الأمريكية في المنطقة والسودان يعلم بأن دعم أمريكا والدوائر الصهيونية للجنوب كان منذ أول تمرد في عام 1955م وأن القرار ما هو إلا امتداد لتلك السياسة العدوانية الأمريكية ضد السودان الذي اعتاد علي مواجهتها بالصمود والتحدي لعلمه بأن السلاح مهما كان حديثاً يفقد فعاليته إذا كان خلفه مقاتل رعديد وغير مؤهل ويفتقر للروح الصدامية والتماسك! كل تلك الصفات السالبة في جنوب الحركة الشعبية أكد من صحتها الجندي السوداني من خلال تجارب الحرب مع المتمردين الجنوبيين منذ أول تمرد في أغسطس عام 1955م في توريت وثلاثة عشر مدينة التي كانت أحداث دامية راح ضحيتها الإنسان الشمالي الأعزل والنساء والعجزة والأطفال الرضع وتم إخماد ذلك التمرد بتدخل القوات المسلحة السودانية وتكرر التمرد عبر أنانيا (1) وأنانيا (2) وتمرد جون قرنق "الهالك" في عام 1983م والذي أوشكت شمسه علي المغيب بفضل ضربات القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وصناديد الدفاع الشعبي والدبابين, وانحصرت قوات التمرد في شريط ضيِّق في الحدود بالرغم من الدعم غير المحدود له بالأسلحة والعتاد الحربي والمؤن من أمريكا وإسرائيل وأعداء السودان الآخرين، ولكن تدخل دول الإيقاد كان الخلاص للمتمردين الجنوبيين عبر اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل التي تمت صياغة بنودها في ألمانيا وبصم عليها البيت الأبيض الأمريكي ودفع بها لمنظمة الإيقاد لطرحها علي الطرفين المتقاتلين مصحوبة بضغوط جائرة علي الشمال. الكل يعلم بأن اهتمام الغرب وأمريكا وإسرائيل بأمر الجنوب ليس حباً في سواد عيونهم وإنما جرياً وراء ثرواته في باطن الأرض وطمعاً في موقعه الإستراتيجي للسيطرة علي منابع النيل وإيجاد موطئ قدم للإمساك بزمام أمن القرن الأفريقي ودول البحيرات الغنية باليورانيوم، والذهب، والماس، ومحاولة خنق السودان ومصر بهدف إضعافها وإذلالها وتركيبتها، وإيجاد سوق لصناعات الشركات الأمريكية من الأسلحة ومزاحمة الشركات الصينية وإخراجها من سوق الاستثمار في القارة السمراء التي هددت الاقتصاد الأمريكي . أننا نعتقد بأن سياسة أمريكا العدوانية ضد السودان باستعداء دولة الجنوب لخوض حرب بالوكالة ما هو إلا تفادياً لاعتراضات الرأي العام الأمريكي الذي يرفض زج أبنائهم في أتون حرب خارج حدودهم خوفاً من تكرار سيناريو فينتنام، والصومال، ووحل العراق، وأفغانستان. إننا نجزم بأنها لن تحقق هدفها الخبيث مهما تدثرت بلباس شرطي العالم الأمين عبر بندقية الحركة الشعبية والفصائل الدارفورية المتحدة المأجورة لأن حكومة السودان قد أعدت العدة لمجابهة ذلك التهديد المحتمل، وذلك بحرصها علي تطبيق الخطة (ب) التي أفصحت عن بعض بنودها، وما خفي أعظم ومنها استخدام كرت دعم الفصائل الجنوبية المتمردة ضد حكومة الجنوب، وفي وضح النهار العين بالعين، والسن بالسن، والبادئ أظلم. لقد دبَّ الرعب في قلوب قادة الحركة الشعبية مما جعلهم يشرعون في تحريك قواتهم صوب الحدود مع الشمال، وقد فات عليهم تفريغ العاصمة جوبا من القوات وبالتالي انكشف ظهر الحكومة هناك مما يسهل علي الفصائل المتمردة ضدها ابتلاع العاصمة أو حدوث انقلاب يطيع بالحكومة. إن السودان حكومةً وشعباً سيتصدون لأي اعتداء دفاعاً عن تراب الوطن الغالي وعقيدته وعرضه ومكتسباته وإنها لن تبدأ الحرب مهما كانت التحرشات والاستفزازات ولكنها ستخوضها إذا فرضت عليها وحينها "الحشاش يملا شبكتو". الآن قد وضحت جلياً مرامي الصهيونية العالمية وإتباعها وأن محاور اعتداء مأجوريها قد حددت بمهنية عالية وهي عبر جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، ومحور النيل الأبيض عبر أعالي النيل بمنطقة الرنك مستهدفة مناطق جودة والمقينص والكويك الزراعية، وحتماً فإن قواتنا المسلحة وفرسان الدفاع الشعبي والمجاهدين والدبابين سيقيمون لها حفلات راقصة في تلك المحاور تعزف فيها أنغاماً موسيقية بالذخيرة الحية والقاذفات الأبابيل والدبابات والمدفعية والراجمات وحاجات تانية حامياني لذا وجب علينا أن نسدي النصح لحكومة الجنوب أن تتقي الله في شعبها وممتلكاته ودوره ومؤسساته، وأن تفِ إلي رشدها لتستبين عدوها الحقيقي وصديقها وألا تجني علي أجيال الجنوب القادمة برهن مستقبلها تسارق ثرواتها ونهمس في أذنها بأن الشمال قد تراصت صفوفه لدحر كل من يحاول المساس بسلامة وطنه. والله أكبر والعزة للسودان ولا نامت أعين الجبناء نقلا عن صحيفة اليوم التالي 22/2/2012م