اتسمت اجواء المفاوضات التي تتواصل حاليا بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا بين وفدي السودان ودولة جنوب السودان بشئ من التفاؤل حول إمكانية حدوث قدر من التقارب في وجهات النظر بين الطرفين خاصة في ملفي النفط والجنسية. وتتوقع المصادر أن تكون الآلية الافريقية رفيعة المستوى دفعت خلال يوم امس بمقترحات وسيطة لتقريب وجهات النظر بين الخرطوموجوبا فيما يلي ملف النفط، واشارت الانباء التي تواترت من العاصمة الاثيوبية اديس ابابا الى ان المبعوث الامريكي للسلام فى السودان برنستون ليمان قد وصل اديس ابابا وانخرط في المفاوضات بقوة واجرى فور وصوله إلى مقر المفاوضات مباحثات مطولة مع وفد دولة الجنوب الذي يقوده باقان اموم اكثر العناصر تشددا، وألمحت المصادر إلى أن اللقاءات المطولة التي اجراها ليمان مع الاطراف قد أسهمت الى حد بعيد في تليين مواقف الطرفين، خاصة وفد جنوب السودان، ونقلت الانباء ايضا ان وفد دولة الجنوب بدا اكثر مرونة عن ذي قبل في عمليات التفاوض بعد اجتماعه بالمبعوث الامريكي ليمان، خاصة في ملفي الحدود والمواطنة والجنسية بما يمثل مؤشرا الى إمكانية حدوث تراض وتفاهمات بين الطرفين، وحرص على مواصلة التفاوض بشأن الحدود، ووفقا لمذكرة التفاهم التي كان قد تم توقيعها نهاية العام الماضي والتي اشارت الى توافق البلدين على (80%) من الحدود، ارتفع سقف التفاؤل وفقا للمراقبين بامكانية حدوث اختراق نوعي في ملف النفط اكثر الملفات تعقيدا خلال اليومين المقبلين. مراقبون لمسار التفاوض بين الطرفين يرون ان الخرطوم ومنذ فترة طويلة اصبحت تضع واشنطن في اماكن ومواقف اكثر حرجا، خاصة فيما يلي الموضوعات والقضايا العالقة التي تجمع بينها وجوبا، وترى المصادر ان كل العراقيل التي تضعها جوبا تدحضها وتتجاوزها الخرطوم بالحقائق والمستندات وبالتالي تغلق كل مناطق المناورات التي تسعى واشنطن للعب داخلها لحساب جوبا، واعتبر المراقبون اعلان الحكومة السودانية بان الجولة الحالية للمفاوضات يجب ان تكون حاسمة ونهائية، وانه لابد من الوصول خلالها لنهايات تجعل الخرطوم في موقف هو الاقوى مما دفع بالولاياتالمتحدةالامريكية لان ترمي بثقلها بقوة بما لها من كلمة عليا مسموعة على دولة جنوب السودان، وقد تمكن ليمان من خلال اللقاءات التي اجراها مع وفد الحركة الشعبية من زحزحة وفد الحركة المفاوض من مواقفه الأكثر تعنتا الى اخرى تحمل قدرا من المرونة، وقد بدا ذلك بوضوح حسب رأي بعض مراقبين في مفاوضات ملف النفط حيث ظهر بعد لقاءات ليمان ان هناك اصرارا من قبل الوساطة والاطراف على ضرورة التوصل الى نهاية، وقد جاءت ذات العبارات على لسان باقان اموم رئيس وفد دولة الجنوب في تصريحات له باديس ابابا امس الأول، اشار فيها الى إمكانية التوصل إلى نهاية، ويعد صدور هذا التصريح عن باقان أكبر دليل على الدور والتأثير الكبير لواشنطن على دولة جنوب السودان، ومؤشرا كبيرا على دخولها بقوة في ملف التفاوض في الجولة الحالية. مختصون في شأن العلاقات السودانية الأمريكية، عزوا رمي الولاياتالمتحدة بثقلها في هذه الجولة الى ان ادارة اوباما منشغلة حاليا بالترتيب للانتخابات العامة في الولاياتالمتحدة ولا ترغب بالدخول في قضايا اخرى انصرافية، خاصة وأن واشنطن تعرف أن لجوبا نزعة للانزلاق نحو الحرب، وترى أيضا أنه في حالة نشوب حرب بين الدولتين قد تشمل المنطقة بأسرها لن تقتصر على الدولتين فقط، وهذا ما لا تريده الادارة الامريكية، خاصة وأنها تعد الراعي الاول ومهندسة اتفاقية السلام الشامل، اضافة الى ان الولاياتالمتحدة تواجه حاليا انتقادات لعدم تمكنها من فعل أي شىء لايقاف المأساة الانسانية في سوريا. ويبدو أن واشنطن حاليا غير مستعدة للدخول في أية مغامرة أخرى تجرها لحرب جديدة في المنطقة، ويرى البعض أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتقد أيضا أن القضايا العالقة بين الطرفين ليست بالصعوبة التي يتعذر عندها ايجاد الحلول المناسبة ، وان هناك تعنتا ومماطلة تبدو واضحة من الأطراف، خاصة الحركة الشعبية التي تسعى من خلال تلك الملفات والقضايا العالقة، سيما النفط، لممارسة نوع من الابتزاز وإرهاق الطرف الآخر. و يبدو ان الطرف المفاوض للسودان قد اظهر بحكم الاحتكاك و الخبرة في تعامله مع صقور الحركة الشعبية قوة وثباتا في المواقف قد تتكسر عندها كل حيل و تكتيكات وفد دولة الجنوب بما ينبىء بامكانية التوصل الى حلول مرضية لكل القضايا و ان طال الزمن . نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 11/3/2012م