يبدو واضحاً أن مصير ما يسمي بالجبهة الثورية لن يكون بأفضل من سابقاتها جبهة الخلاص الوطني، جبهة حسنين العريضة، وغيرها من الجبهات التي راق الاسم والرسم لمكونيها، وطفرت بهم الأحلام إلى آفاق لا مكان لها في عالم الواقع ومكانها الوحيد هو عالم الخيال. الجبهة الثورية التي ضمت كل من حركة العدل، وقطاع الشمال وحركتي ميناوي وعبد الواحد لم تولد ميتة فحسب ولكنها ولدت وهي تتناوشها الأمراض الفتاكة بجانب موت (دماغي) جعلها ممدودة على سرير البعض ينتظرها أن تنهض وتتعافي دون جدوى والبعض الآخر يتمني موتها حتى يكفوا عن محاولة إنعاشها والبحث عن وسيلة جديدة. وتشير متابعات (سودان سفاري) أن الأزمة داخل هذه الجبهة تبدو على جانب كبير من التعقيد فقطاع الشمال مثلاً والذي يتزعمه المتمرد عقار وبجانبه الحلو وعرمان خلا تماماً من العضوية دعك من المقاتلين وليس أدل على ذلك من أن قادة أمثال اللواء دانيال كودي بمنطقة جنوب كردفان ود. تابيتا بطرس واللواء المعتقل لدي حكومة جنوب السودان تلفون كوكو، يقودون أبناء النوبة بعيداً جداً عن قطاع الشمال وبمعزل تماماً عن قادته ويقول القيادي بمنطقة جنوب كردفان والذي رمز لاسمه ب(ع.ا.ن) أن مقاتلين يتجاوز عددهم ال(5) ألف هم من قاتلوا في سنوات فائتة في صفوف الحركة الشعبية هم الآن خارج حظيرة القطاع ومن ثم خارج نطاق الجبهة الثورية ويدلل الرجل بأن السر وراء انخراط الجيش الشعبي التابع لحكومة جنوب السودان في دعم متمردي جنوب كردفان، والمحاربة عملياً والقتال (بإسمهم) هو انعدام مقاتلين من أبناء المنطقة ويشير – وهذا هو الذي جعل مالك عقار في ورطة عقب تعينه زعيماً للجبهة فقد اكتشف بقية المنضوين تحت الجبهة أن عقار والحلو كليهما لا يملكان ولو (100) مقاتل الأمر الذي سبب لهما حرجاً سياسياً بالغاً حيث لم يقبل قادة الحركات الدارفورية المسلحة بقيادة قائد مثل عقار، أو الحلو وهما بلا جنود وبلا مقاتلين. وتأكيداً لهذه الحقيقة يقول أحد القادة الميدانيين بحركة العدل والمساواة إن الحركة اكتشفت زيف ادعاء عقار والحلو بأنهما قادران على العمل الميداني فالاثنين – للأسف الشديد – والحديث للقيادي الميداني لم يتمكنا من إحضار جنود يصل عددهم إلى كتيبة واحدة يمكن الاعتماد عليهم، ولهذا يضيف القيادي الميداني الملقب ب (أبو السباع) فإن من الصعب القبول بقيادة لا جنود لها ولا برنامج ولا رؤى محددة، مما سيجعل من جنودنا وقوداً لهم ليصبحوا هم في المستقبل في المقدمة. وتكشف محاضر اجتماعات عقدت في مدينة جوبا حاضرة دولة جنوب السودان في فبراير المنصرم إلى ارتفاع حدة التلاسن في اجتماعات تكوين الجبهة بين قطاع الشمال والحركات الدارفورية المسلحة حيث اضطر أحد قادة حركة العدل لإحراج قادة قطاع الشمال بان (خليل) لو كان حياً لما تجرأ أحد منكم لتقديم نفسه لقيادة لا يملك ادني مقوماتها. ويبدو بالفعل الأمر شائكاً للغاية، ففي خضم هذه الخلافات الحادة تراجعت كل الحركات المسلحة وبدأت تبلور أفكاراً ورؤى خاصة بها، لاسيما وأن قطاع الشمال بدا للمتحالفين وكأنه (مجرد أداه) للحركة الشعبية في جنوب السودان وأنه يقاتل لصالحها وحدها وأن هناك (فواتير) واجبة السداد على التحالف سدادها عاجلاً أم أجلاً. ولهذا فإنه وكما فشلت جبهة الخلاص الوطني التي سبق أن قادها خليل قبل أربعة أعوام، وفشلت جبهة علي محمود حسنين المكونة قبل عامين في لندن، فإن من المحتم أن تفشل الجبهة الثورية لان المتحالفين ليسوا فقط متنافرين ومصالحهم متقاطعة ولكنهم أيضاً فقدوا – والي الأبد – عنصر المبادرة، والإرادة القوية، ولم يعد لديهم من شيء يقدمونه سوي الائتمار بأمر حكومة جنوب السودان وهي – كما رأينا – ليست بذات المستوي ولا القدر الذي يجعلها تدير كل هذا الحراك بذكاء ومهارة!!