اعتبرها عدد من المراقبين أمراً نادراً، أقرت المنظمة الدولية بحدوث تقدم كبير في ملف حماية الأطفال والنزاعات المسلحة في السودان، وقالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بشئون الأطفال والنزاعات المسلحة (راديكا كومارا) أن تحسناً ملموساً ومضطرداً طرأ على أوضاع الأطفال في النزاعات المسلحة في السودان في الفترة من 2007م وحتى الآن وقالت كومار أنها ومنذ آخر زيارة تفقدية لها لهذا الملف في العام 2007م لمست وبصورة واضحة تقدماً كبيراً في اهتمام الحكومة السودانية بشئون الأطفال ودللت كومارا في هذا الصدد بقرار الرئيس السوداني الذي قضي بإطلاق سراح الأطفال الذين غدرت بهم حركة الدكتور خليل ودفعتهم عن طريق الخداع بالمشاركة في الهجوم على أم درمان في العاشر من مايو العام الماضي 2008م . وفي لقائها مع الجهات المعنية في الخرطوم طلبت ممثلة الأمين العام بالمحافظة على هذا التقدم وتدعيمه بوضع خطط وآليات أكثر فاعلية للارتقاء بأوضاع الأطفال والمرأة في السودان . وما من شك أن هذا الإقرار الموضوعي من جانب الأممالمتحدة بشان قضايا الأطفال والمرأة بمثابة عنصر دفع للحكومة السودانية لمد جسور ثقة ظلت مفقودة لسنوات بينها وبين وكالات ومنظمات الأممالمتحدة، إذ أن السمة لغالية والبارزة لعلاقة السودان بالمنظمات الدولية ظلت تتخذ طابع الخلاف والإثارة في الوقت الذي فيه بالإمكان قيام علاقة تكاملية، يتعاون فيها الطرفان على معالجة كافة المشاكل والقضايا التي تشغل بال الطرفين. ولعل أكثر ما يلفت النظر في هذا الصدد أن المنظمات التابعة للأمم المتحدة بدأت في الآونة الأخيرة تتخذ جانب الموضوعية، ولكنها ليست موضوعية كافية ففي ذات الوقت الذي أشادت فيه الممثلة الأممية بقرار الرئيس البشير كان المنطق يفترض من الجانب الآخر أن تدين الممثلة الأممية وبصورة واضحة تتجه لمعاقبة هذه الحركات، خاصة حركة د. خليل التي لا تزال تعمل على تجنيد الأطفال في صفوفها بعد أن تقوم بانتزاعهم من معسكرات النازحين واللاجئين في شرق تشاد، أو داخل إقليم دارفور. كما أن المسئولة الأممية تجاهلت – لأسباب غير واضحة – التعرض لبعض الأوضاع المزرية للأطفال في جنوب السودان حيث أثبتت تقارير لمنظمات حقوقية محلية ودولية وجود سجناء أطفال في سجون جنوبية جنباً إلى جنب مع السجناء الكبار وهو ما تنافي تماماً مع القوانين والمواثيق الدولية المتعارف عليها. وعلي كل فإن اعتراف الأممالمتحدة بحدوث تقدم في السودان بشأن قضايا الطفولة ينبغي أن يكون – في حد ذاته – حدثاً مهماً تبني على أساسه طريقة تعاملات المنظمة الدولية والسودان في قضايا أخرى ذات صلة بذات هذا القدر من الموضوعية والتوازن!.