السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    (برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل نقد .. جدل الخلافة والفكر يحتدم
نشر في سودان سفاري يوم 25 - 03 - 2012

هناك نواقص في عمل الحزب الشيوعي السوداني) كانت العبارة السابقة أحدي الإعترافات النادرة التي جاءت
على لسان زعيم الحزب الشيوعي السوداني الراحل محمد إبراهيم نقد الذي يواري جثمانه صباح اليوم الثرى، فإعتراف نقد هذا والذي جاء لسانه في حوار صحافي نشر في صحف الخرطوم عام 2007م إي قبل خمسة أعوام من الآن يصلح أن يتصدر تقريرنا هذا الذي نحاول عبره إعادة قراءة لأوراق الحزب الشيوعي السوداني أعرق أحزاب اليسار في المنطقتين العربية والافريقية ، فبعد رحيل آخر عمالقته وهو السكرتير العام (نقد) الذي ظل رمزاً للفكر الماركسي خلال العقود الأربعة الماضية برزت إلى السطح أسئلة عدة متصلة بمستقبل الحزب الفكري والسياسي بجانب ملف خلافة نقد وأبرز المرشحين لخلافته .
قبل نحو ثلاثة أعوام أي في عام 2009 م وبعد اثنين وأربعين عاماً،تم انتخاب قيادة جديدة للحزب الشيوعي عبر المؤتمر الخامس وهذا التغيير الذي تم في ذاك المؤتمر لم يخرج عن ثلاث فئات في كل مستوياته، الكادر القديم، المرأة، وشباب الجيل الجديد لليسار، الذين بدأوا يتململون من الوضع الراهن، ويرتابون في الوعود بقيام تغيير طالما انتظروه، فالموجودون في القيادة اليوم ينضوون تحت من سَمَّتْهم الأوراق الأولية للمناقشة العامة "مخضرمين" ولا وجود للشباب ضمن هذه القيادة، التي تُعتبر غالبيتها من المُعَيَّنِين، وذلك يعنى أنه لم يبق مِن الذين جاءوا عبر مؤتمر إلا قِلَّة تُحصى على الأصابع.
وحتى لحظة موارة جسده للثرى صباح اليوم ليس هناك إجماع – داخل الحزب الشيوعي- على أي شخص بعد نقد، فمعظم القيادات تكاد تتساوى في الحظوظ والمؤهلات، وليست هناك شخصية تحظى بكاريزما خاصة تقدمها على الآخرين، هذا الوضع فاقم من الخلافات داخل الحزب، وظهر التنافس بين القيادات وصراع التيارات، وأصبح موضوع خليفة نقد هو الشغل الشاغل داخل الحزب، فليس هناك حديث في مجالس الشيوعيين سوى المرشحين المحتملين لخلافة السكرتير الراحل ، وتشير الإرهاصات وسط عضوية الحزب إلى أن هناك عدة أسماء متداولة لخلافة السكرتير الحالي محمد إبراهيم نقد أبرزهم سليمان حامد ويوسف حسين وصديق يوسف والشفيع خضر وتاج السر بابو.
وتفيد مصادر مطلعة إلى أن الحزب يموج هذه الأيام بصراعات حادة بسبب ملف الخلافة الذي من الممكن أن يحدث شرخاً كبيراً في جسد الحزب لا يستبعد أن يرقى إلى درجة الانقسام والشقاق، فالتيارات المتصارعة تنشط بصورة كبيرة في تنافس استقطابي وسط العضوية المغلوب على أمرها، وبرزت دعوات إلى عقد مؤتمر استثنائي ليحسم هذا الأمر، إلا أن هذه الدعوات تجد رفضاً من البعض بحسبان أن هذا الأمر من اختصاص اللجنة المركزية بحسب لوائح ودستور الحزب، الحرس القديم يبدو أنه لن يتنازل عن الموقع بسهولة، كما أن أسرة السكرتير محمد إبراهيم نقد ألقت بثقلها في هذا الأمر وتنشط في أن لا تجعل المنصب يذهب بعيداً عن المقربين من السكرتير الحالي.
قبل وفاة سكرتير عام الحزب الشيوعي بأسبوع سألت أحد كوادر اليسارالتنظيمية المخضرميين ممن أثروا الإبتعاد في الفترة الأخيرة عن خليفة نقد فاجابني بشيء من التحفظ قائلاً: (لا نعرف للحزب الشيوعي سوى نُقد، وذلك بسبب الوضع الفكري للرجل) ويضيف الرجل: (يوجد أشخاص يمكن أن يحلُّوا محَلّ نقد من حيث النشاط والفاعلية، لكنهم لا يضارعونه فكرياً، برغم مقدراتهم العالية، منهم خضر الشفيع ، وفتحي فضل، وحسن وداعة)،ويواصل محدثي لكن متطلبات الظرف السياسي تذهب إلى حاجة الحزب في المرحلة الراهنة إلى نشاط كبير وفاعلية، مما يرجح إلى صعود جيل جديد من شباب الحزب ويواصل محدثي :برغم ضعف خبرتهم، يعطي الشباب الحزب حيويةً هو في أمَس الحاجة إليها حالياً، لذلك لا بد من إعطائهم الفرص لاكتساب الخبرة، أما مَن يشغلون سُدة القيادة اليوم وهم مَن يُسمون "مخضرمين"، و يجب أن يكون دورهم توجيهياً أكثر منه نشاطاً مباشراً، لتتسنّى صناعة صفوف ثانية وثالثة داخل الحزب الذي لم تتغير قيادته منذ أربعة عقود.
ويخلص محدثي أن خليفة نقد لن يخرج عن سليمان حامد والشفيع خضر، والأخير، بالرغم من أنه متطوِّر فكرياً، وهو الذي كان من الممكن أن يقود هذا التغيير، إلا أن قدراته التنظيمية ضعيفة، وتجربته لا تسعفه في قيادة الصراع مع الديناصورات.فالشفيع بحسب محدثي سيتعذَّر عليه تقديم التغيير المطلوب، ويعزِّز ذلك قائلاً: تصريحات الشفيع حول رؤى الحزب كلها عبارة عن محفوظات أولية لا يسعها أن تسهم في التجديد، ولا يليق أن تصدر عن رجل يمثِّل جبهة العلاقات الخارجية في الحزب لأكثر من عشرين عاماً.
ويرى مراقبون أن مشاكل القيادة الحالية للحزب الشيوعي - وبعد رحيل سكرتيره العام - ناجمة عن المدة الطويلة التي قضتها الهيئات القائدة في مناخ السرّية، فلم يتحرك التسلسل القيادي على النحو الطبيعي، مما أثّر على بعض الهيئات وأدَّى إلى تضخيمها على حساب هيئات أخرى، السكرتارية في مقابل المركزية، مثلاً..شباب الحزب الشيوعي بدورهم فقد أعلنوا تقدمهم لصفوف التغيير في الحزب وهذا ما بدأ واضحاً للعيان عبر إسهاماتهم في الصحف والمنابر الإلكترونية بالإنترنت، ويؤكدون أنهم يعملون على التغيير بحكم أن الحزب الذي انتموا إليه يدعو إلى الثورة.
وعلى صعيد الفكر الماركسي وبعد إنهيار الاتحادي السوفيتي في عام 1989م بدأت الحديث والنقاش يدورحول مستقبل الفكر الماركسي بعد إنهيار التجربة الأم. وبعد مرور أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً من ذاك الإنهيار يلحظ المراقب أن الاسهام والسوداني بإعتباره أعرق أحزاب المنطقة- لا يزال ضعيفاً في النقاشات الدائرة حول مصير (الماركسية) ومستقبلها، وقد حاول الزعيم الراحل نقد ، في كتاباته وحوارته الأخيرة، أن يدخل بعض تعديلات على مواقفه، حيث عمد التركيز على مفهوم (تجاوز الرأسمالية)، كان يعتقد أن رفض الرأسمالية، بالرغم من كونها قد أنتجت عالمية (مبتورة ومشوهة)، سيعني (الخروج من التاريخ)، مما يجعل الامكانية الوحيدة المتاحة هي العمل على بلورة مشروع يسعى إلى تكملة ما بدأت الرأسمالية في تحقيقه، ليس في المجال المادي وحسب بل ايضاً في مجال الحرية الفردية والديمقراطية السياسية، وذلك في أفق الوصول إلى تجاوزها، مع الاستمرار في توجيه النقد لمظهرين رئيسيين من مظاهرها، هما الاستلاب السلعي والاستقطاب العالمي. ويقول نقد حول ذلك في حوار سابق له نشر عام 2007 بالخرطوم : هناك تياراً من الشيوعية الأوروبية تبلور في السبعينيات استند على انتقاد نظام الحزب الواحد في الاتحاد السوفيتي خصوصاً أن ظروف غرب أوروبا تتطلب أنماطاَ مغايرة للاشتراكية غير النمط السوفيتي.
وفي ما يتعلق بتبلور الأفكار الجديدة، فمن المؤكد أنه حدث تطور كبير بالنسبة للفكر الماركسي، في ما يتعلق بدراسة التحولات الباطنية في النظام الرأسمالي وفي ظاهرة الشركات متعددة الجنسيات وسطوتها العالمية، وفي طرح برامج لمعالجة المظالم في دول العالم الثالث، وعلاقاته مع مؤسسات الرأسمالية العالمية، وفي طرح برامج لمعالجة المظالم في دول العالم الثالث، وعلاقاته مع مؤسسات الرأسمالية العالمية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولعل أهم إسهامات الفكر الماركسي هو الدراسة العميقة لكوامن الأزمة في النظام الرأسمالي المعاصر.
نقلا عن صحيفة الرائد 25/3/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.