أزمتنا ليست في دارفور ولا في جنوب كردفان ولا في النيل الأزرق وإنما في تلك (الفراغات) التي تحيط بمجمل معالجاتنا لقضايانا بحيث يقف الجميع من (الواجب) مسافة واحدة دون أن يتقدم أحد نحوه وكل منا ينتظر الآخر ليضطلع هو بالواجب وإن لم يفعل لم يحرك أحد ساكنا وتغيب عن الفعل أو رد الفعل الذي يخاطب (الواجب) حتي المراوحة وهي أضعف الإيمان وبهذه السلبية نترك مستصغر الشرر يكبر حتي يتحول إلي حريق يقضي علي كل شئ. منذ فترة طويلة ظل المجرم والمخرج (جورج كلوني) يتآمر علي بلادنا وهو يخدم مشروعاً صهيونياً بدأه بأدوار لعبها من داخل الأنشطة التي كان ينظمها تحالف المنظمات اليهودية (save darfur) وأسهم هذا المجرم في إنتاج عشرات الأفلام الخيالية عن الأوضاع في دارفور وبعض هذه الأفلام يلعب دور (الجنجويد) فيها مصير بكامل هيئته ولهجته التي لا يخطئها أي مواطن في دارفور أو حتي في الوطن العربي أما هناك في أمريكا وأوروبا فإن خداعهم أسهل من شربة ماء ما دام فهمهم للصراع يقوم علي أنه صراع بين العرب والأفارقة وهذه أكبر كذبة في أزمة دارفور وهذا ما يقر به سلاطين باشا في كتابة (السيف والنار في السودان) وقد كان حاكماً لدارفور (1879. 1884م) وشهد عدة صراعات قبلية وجلسات صلح تحمل ذات الملامح التي قوم عليها الصراع اليوم وكذلك الصلح وهناك دراسة أخري بمكتبة جامعة الخرطوم أعدت في ستينيات القرن الماضي تتحدث عن عوامل الصراع وتردها إلي النزاع حول الأرض والمياه وتعدي الحيوان ودراسة أخري ترصد الصراعات القبلية منذ العام 1932م وتجد أن الصراعات تحدث بين القبائل العربية في ما بينها والقبائل الأفريقية في ما بينها مثلما هي تحدث بين كافة القبائل وهذا ما ينفي البعد الإثني في الصراع. هذا المعتوه المدعو (جورج كلوني) أبرز المخرجين والممثلين في (هوليوود) رابط الأسبوع الفائت أمام سفارتنا بواشنطون وقبل هذه المرابطة بأربعة أيام تنشط كافة المواقع علي الانترنت وهي تكتب عدة أسطر تحت عبارة (تعال لتشاهد اعتقال جورج كلوني) وبهذا الترويج احتشد المئات ووسائل الإعلام أمام السفارة السودانية والقضية هي (الحرب في جنوب كردفان) وسفارتنا المحترمة هنالك لم تحرك ساكنا قبل وأثناء وبعد اعتصام جورج كلوني أمامها وبقليل من الذكاء والهمة كان من الممكن أن يتحول الحدث لصالح السودان وضد هذا الرجل الذي أطال أمد الحرب في دارفور وهو الآن يطيلها في جنوب كردفان. كان من الممكن أن يحتشد عشرات السودانيين مثلما احتشد قبل ذلك الكباشي ومجموعة من السودانيين في وجه بعض المرتزقة أمام مقر الأممالمتحدة بنيويورك مما حمل المرتزقة للاعتداء عليهم وكنا قد شاهدنا ذلك وعندما قدم الكباشي إلي بلاده تم تكريمه من عدة جهات وسفارتنا لم تفعل غير أنها أسهمت في المؤامرة وهي تبلغ الشرطة لتأتي لتعتقل كلوني وتكمل الناقصة. التقصير في مسألة كلوني هذه يطال حتي الفنانين السودانيين وهم لا يحركون ساكنا تجاه فنان يستخدم فنه ضد بلادهم كان من الممكن إيقافه في حده بذات الوسائل التي يستخدمها التي يمكن أن تبدأ بوقفة احتجاجية أمام سفارة بلاده بالخرطوم . بالإضافة إلي عدد من الأنشطة التي تبصر الناس وبالذات النخب السودانية بالاستخدامات السيئة للفن في إنتاج ملفقة وخيالية ليس فيها جزء من الحقيقة كما إن مثل هذه الأنشطة تسهم في تأجيج الصراع وقطع الطريق أمام كافة المبادرات التي يمكن أن تضع حداً لمعاناة الناس كما إن إعداد وثيقة تتم صياغتها بعناية ويوقع عليها الفنانون السودانيون ومن ثم يتم إرسالها الي جورج كلوني وإلي المواقع الالكترونية ذات الصلة بصناعة السينما مثل هوليوود وإلي كافة الفانين الكبار علي مسوي العالم وبمثل هذه الأنشطة وغيرها يمكن محاصرة جورج كلوني بدلاً من أن يحاصرنا وهناك حملة التوقيعات التي يمكن أن ترسل إلي البيت الأبيض وإلي جورج كلوني نفسه والأمثلة كثيرة والمجال لا يتيح استعراضها. أطالب بهذه الحملة ضد كلوني وإن فرص نجاحها كبيرة لاسيما أنها بدأت بالفعل من الغربيين أنفسهم ونحن نطالع مقالاً لمراسل صحيفة التلغراف البريطانية جاء عنوانه (ليس المهم كوني.. أوقفوا كلوني) في إشارة إلي الحملة اليهودية التي انطلقت تطالب بالقبض علي جوزيف كوني المتمرد اليوغندي المعروف وفي هذه المقالة يصف الكاتب تحركات جورج كلوني بأنها لا تقدم شيئاً لاسيما وله تجربة سابقة في قضية دارفور وقال إن هذه الطريقة التي يتبعها كلوني تجعلنا نتواصل إلي حلول خاطئة لأنها بصراحة تقوم علي تبسيط الأمور وكأنها الخير مقابل الشر المبالغ فيه. كل شئ ممكن ولكننا للأسف لا نبادر ولا نقوم بواجباتنا ونترك الحبل علي الغارب وننتظر ونحن نتفرج. نقلا عن صحيفة الأهرام السودانية 26/3/2012م