يعود العراق الى محيطه العربي بقوة حين يستضيف هذا الاسبوع أول قمة عربية منذ أكثر من عقدين وهي ايضا القمة الاولى منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربي التي جاءت للسلطة بوجوه جديدة صاحبها صعود للتيار الاسلامي على حساب التيار القومي العربي. ويرى محللون ان الأولويات على جدول اعمال القمة تغيرت لكن احتمالات الخلاف بين الزعماء باقية بما يقلل فرصة اتخاذ قرارات حاسمة ويجعل مجرد الحفاظ على الاستقرار إنجازا. ومن المقرر أن يبدأ وزراء عرب اجتماعات في بغداد اليوم للتحضير للقمة رغم عدم اليقين الذي يحيط بمستوى التمثيل وعدد الحضور من دول الجامعة العربية التي تضم 22 عضوا. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري امس ان عدد الزعماء المؤكد حضورهم يتراوح بين ثمانية و12 زعيما عربيا. وقالت السعودية ان مندوبها لدى الجامعة العربية سيرأس الوفد السعودي في القمة. وكان من المقرر عقد القمة الدورية الثالثة والعشرين العام الماضي لكنها تأجلت بسبب الانتفاضات التي اجتاحت عددا من الدول العربية. ويقول المحلل السياسي الفلسطيني سمير عوض ان القمة ستكون حفلة تعارف لان الوجوه التي كانت تأتي من ثلاثين سنة تغيرت. هناك وجوه جديدة. وأطاحت انتفاضات الربيع العربي منذ مطلع العام الماضي بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن وفتحت الطريق امام صعود تيار الاسلام السياسي. وفي المغرب فتح الملك محمد السادس نفسه الطريق امام حكومة اسلامية لتولي السلطة في البلاد. ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المغربي منار السليمي ان جدول الاعمال سيشهد ملفات صعبة في ظل هذه التغيرات الدولية والاقليمية. وقال أعتقد أن قمة بغداد هي من أصعب القمم التي تواجه العرب على اعتبار تغير خارطة النظام الدولي والتحديات الاقليمية ثم التحدي المتعلق بمتغيرات الربيع العربي. سيكون هناك تحد مطروح عن كيفية اجراء بعض الاصلاحات السياسية داخل العالم العربي. ومن المؤكد ان تغير الاحداث المتلاحقة في المنطقة من ترتيب جدول اعمال القمة. ويقول نبيل بومنصف المحلل السياسي والكاتب في جريدة النهار اللبنانية اصلا قبل الربيع العربي كان الصراع العربي الاسرائيلي بدأ يغيب لمصلحة الصراع العربي الايراني والان لا الصراع العربي الاسرائيلي ولا الصراع العربي الايراني حاضران في اولويات هذه الشعوب. وكتب طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية تدل السوابق أن مؤسسة القمة قد فقدت وظيفتها كإطار استثنائى جامع لاهل النظام العربي.. فلم يعد العرب عربا. ولم تعد القواسم المشتركة قائمة ومعتمدة ولو بحدها الادنى. صار الاسلاميون بأنواعهم اخوانا وسلفيين وأصوليين قد يلامس بعضهم حدود القاعدة أكثرية نافذة وتجاوزوا بمبادئهم وطروحاتهم القومية أي العروبة ولسوف يحاولون بالتأكيد أخذ القمة الى سياق آخر مختلف عما كانت تشهده رحابها من تجاذبات. ومن أسف أنه لم يعد ممكنا اعتبار القمة ساحة صراع بين العروبة والاسلام السياسى فالعروبة مهزومة والاسلاميون على صهوة جواد الانتصار وربما خطر فى بال المؤتمرين أو بعضهم تغيير التسمية ذاتها او وظيفة الجامعة ومن ثم القمة. وتعتبر حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي القمة العربية اهم حدث دبلوماسي حتى الان في عراق ما بعد صدام حسين الذي أطاح به الغزو الامريكي عام 2003 . ويقول المفكر والكاتب السياسي الكويتي محمد الرميحي إن أهم الملفات محاولة لعودة العراق الى الفضاء العربي وهي مشروطة بالوفاق الداخلي في العراق. ويأمل المالكي الذي يخوض صراعا مع زعماء سنة واكراد في بلاده ان تكون القمة فرصة ذهبية لإقامة جسور قوية مع الحكومات السنية في الدول العربية الاخرى. لكن الخلافات السياسية الداخلية ستحد من استفادة العراق فالحكم المركزى مشقق الرأس وسلطته الفعلية رمزية الى حد بعيد نتيجة للصراع السياسى الذى انحدر واقعيا الى المستوى الطائفى والمذهبي فضلا عن العرقي كما يقول طلال سلمان. وانفقت الحكومة العراقية ملايين الدولارات على الاستعدادات للقمة وفرضت اجراءات امنية مشددة حولت بغداد لما يشبه قاعدة عسكرية تحسبا لاي هجمات من الجماعات المسلحة الحريصة على التشكيك في قدرة السلطات على القبض على زمام الامور بعد تسع سنوات من الاطاحة بصدام. لكن اوضاع العراق ربما كانت سببا ضغط على جدول الزعماء الذين سيستغرق اجتماعهم أنفسهم نصف يوم الخميس القادم. وقال مسؤول لبناني كبير طلب عدم ذكر اسمه القمة وقتها قصير لدرجة ان احدا لن ينام في بغداد. وقال سلمان والأرجح أن تظل محركات الطائرات حاملة الضيوف شغالة. وسيسير المالكي على خط دقيق أثناء القمة بين دول عربية تريد دعما أكبر للانتفاضة في سوريا وبين موقف ايران التي يرتبط معها بعلاقات جيدة في حين تدعم طهران الرئيس السوري. ولم توجه الدعوة لسوريا للمشاركة في القمة. وقال الرميحي لن تتخذ قرارات حاسمة في أي ملف لان مستوى الوفود من الدرجة الثانية والثالثة وبالنسبة لسوريا لن تكون هناك نتائج بسبب الضغط الايراني على العراق الذي لا يريد ان يفقد الوفاق الايراني قبل ترتيب وضعه عربيا. وقال كمال حسن علي سفير السودان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية واحد أفراد وفد السودان في القمة خلافات المعارضة السورية تجعل الكثير من الدول العربية مترددة في الاعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل للشعب السوري. نقلا عن الراية 27/3/2012