قال الدكتور الحاج آدم يوسف نائب الرئيس السوداني إن بلاده باتت فى حالة حرب مع دولة جنوب السودان؛ وقال آدم فى تصريحات صحفية – الثلاثاء – إن العدوان الجنوبي على منطقة هجليج يعتبر بمثابة إعلان حرب، الأمر الذي يجعل حكومته في حل عن أي مفاوضات في الوقت الراهن لتكون اللغة السائدة هي لغة السلاح. والواقع ان العدوان الجنوبي على هجليج النفطية رسم سيناريو قاتم لمستقبل علاقات الدولتين اللتين تجمعهما قضايا مشتركة عديدة لا يمكن على الإطلاق التوصل الى حل بشأنها بعيداً عن المفاوضات، غير أن الحكومة الجنوبية – وبحسابات معقدة – إختارت فيما يبدو لغة مختلفة أغلب الظن انّ مردّ ذلك لإعتقاد خاطئ يدور فى ذهنها بإمكانية الضغط على السودان بمثل هذا العمل العسكري الأخرق. وتشهد الخرطوم هذه الأيام حملة تعبئة عامة ليس لها مثيل جراء العدوان الذي أوجد شعوراً سودانياً عاماً وسط المواطنين بأن الحكام الجنوبيين قد تمادوا وتجاوزا تماماً الخطوط الحمراء وهو ما يعد مكسباً سياسياً سودانياً بتوحد الجبهة الداخلية قاطبة ووقوفها خلف الجيش لرد العدوان، ومن المؤكد أن أحداً لا يريد الحرب ولكن الجانب الجنوبي لم يدع للحكومة خياراً آخر، خاصة وأن الأطراف الدولية المعنية بالأمر لزمت الصمت، وهو صمت ذي صفة تواطئية واضحة إذ أن التساؤل يثور بشدة الآن، عما إذا كان مثل هذا العمل العدواني لا يعتبر مخالفة صريحة للقانون الدولي، وعما إذا كان مثل هذا العمل سيُقابل بذات هذا البرود الدولي لو أنه كان قد وقع من قِبل أى دولة أخري على دولة جنوب السودان؟ إن الحرب أمر مستهجن وليس من إستراتيجية الدولة السودانية ولكن من المفروغ منه أن السودان هو الطرف المُعتَدى عليه والذي منحه القانون الدولي الحق في الدفاع عن نفسه ورد العدوان. ولهذا فإن الأوان هنا قد فات على التساؤل بشأن أسباب ودوافع العدوان وأهدافه، وأصبح التساؤل عن ما بعد رد السودان للعدوان، إذ أنَّ من المؤكد تماماً ان الجيش السوداني سيتمكن من دحر العدوان وغلّ يد الجيش الشعبي فى القيام بأى عمل مماثل سواء فى المستقبل القريب أو البعيد، ولكن السؤال هنا، ماذا ستكون خيارات الحكومة الجنوبية بعد ذلك؟ ربما لم تسأل حكومة الجنوب نفسها هذا السؤال أو ربما لم يسأل الخبراء الذين يقفون خلف هذا العدوان هنالك في جوبا هذا السؤال. ولكن من الضروري الإجابة على هذا السؤال، فالسودان قادر على رد العدوان دون شك وانتزاع هجليج، والى ذلك الحين فهو قد قرر وقف المفاوضات، وإذا ما أُوقفت المفاوضات فإن القضايا الخلافية بين البلدين لا يمكن أن تُحل بغير مفاوضات، وبوسع السودان أن يظل على موقفه بعدم الجلوس للتفاوض حتى تتم حلحلة القضايا الأمنية كافة، وحينها لن يجد القادة الجنوبيين مهرباً لهم فهم مجبرون على حلحلة هذه القضايا الأمنية ومجبرون على التفاوض لإعادة ضخ نفطهم وكل هذه ستصبح أموراً مفتاحها بيد الحكومة السودانية! من شأن ذلك أن يعكس ويقلب المعادلة تماماً، ففي الوقت الذي كانت حكومة الجنوب تراهن فيه على الأسلوب العسكري للحصول على مكاسب تفاوضية، هاهي ذي تجد نفسها مضطرة للعودة الى المربع الأول!