رغم أن بياناته وأحاديثه لا تنقطع لكن كان غريباً بعض الشيء أن يصمت الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان حول احتلال دولة الجنوب لهجليج، وكان الأغرب أن يكتب بعد صمته أن القضية ليست احتلال الجنوب لتلك المنطقة، ويذهب للقول إن هناك أراضي محتلة من دول أخري في حدود السودان قبل هجليج، المدهش فيما ذهب إليه عرمان أن يعتبر أن المؤتمر الوطني هو الذي يتباكي علي الاحتلال ومن أجل البترول فقط ليستخدمه في الاستهلاك المحلي... الحكومة وصفت عرمان ( بالخيانة) باعتبار أن ما يصدر منه في إطار دعم حكومة الجنوب والحركات المسلحة – تحالف كاودا. عرمان رغم بعده الجسدي عن السودان، تتردد أنباء تشير إلي أنه في إحدى العواصم الأفريقية، ظل علي تواصل يمكن وصفه ب (شبه المستمر) مع أطياف من المجتمع السوداني، يرسل كلمات وبرقيات تعزية ورثاء في شخصيات مهمة وملهمة للشعب كوفاة كل من وردي وحميد ونقد، ويرسل أيضاً بيانات نصر واستيلاء علي ممتلكات للقوات المسلحة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولا يتوقف عند ذلك وإنما يكتب أيضاً بيانات اتهامية تتعلق بحرق المؤتمر الوطني لمكاتب الحركة الشعبية واختطاف أعضائها، إلا أن بيانه الأخير خرج عن السياق المألوف والمقبول وهو ما طرح سؤالاً مهماً، ما هو مستقبل قطاع الشمال للحركة الشعبية في الخرطوم؟ هل يمكن أن يستعيد جماهيره الكثيرة تلك؟ أم أنه قبر نفسه بنفسه؟! تسرب صور عدد من قيادات حركة العدل والمساواة كجبريل إبراهيم وجبريل آدم بلال نفوا في تصريحاتهم لوكالات الأنباء الأجنبية أن يكون لهم دخل بما يتعلق بدخول قوات الجيش الشعبي التابعة لدولة الجنوب لمنطقة هجليج وأكدوا أن القضية هي حرب بين دولتين، إلا أن الحركة الشعبية قطاع الشمال ظلت ترسل بياناتها التي تشير إلي تقدمهم في بعض مناطق ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في إشارة إلي أنه لا دخل لهم حول ما يحدث من معارك في هجليج رغم اتهام قيادات في الدولة بأن قطاع الشمال له الدور الأكبر في هذا الاحتلال. عرمان لم يعد يظهر في الوسائل الإعلامية المرئية أو المسموعة، إلا أنه يطل عبر بياناته علي الإعلام المقروء، وتتسرب له من حين لآخر صور تجمعه مع بعض قادة الجنوب واقترن اسمه مع القيادي باقان أموم في أي توتر يحدث بين الشمال والجنوب سواء كانوا دولتين أو دولة واحدة. الحقيقة التي لا بد أن تُذكر أن بيانات ياسر عرمان لا تجد حظها من النشر في كافة وسائل الإعلام في السودان لاعتبارات مختلفة إلا أن (السوداني) تورد بعض ما جاء في مقاله الأخير، حيث اعتبر أن ما يحدث في هجليج ليس بحادث معزول إنما هو جزء لا يتجزأ من عدوان وحروب مستمرة للمؤتمر الوطني علي مدي ربع قرن راح ضحيته ملايين الضحايا وأن القضية ليست احتلال دولة الجنوب لتلك المنطقة ويذهب إلي القول إن هناك أراضي محتلة من دول أخري في حدود السودان قبل هجليج، ويضيف: "لكن شق الجيوب ولطم الخدود هو من أجل العيون السوداء لبترول هجليج الأمر الذي أدي إلي فقدان60ألف برميل بترول يومياً"، ويرسل عرمان الرسائل من خلال بياناته إلي ضباط وجنود القوات المسلحة للتوقف، كأنما يخاطب في قوة متمردة من خلال منصة دولة أخري، واعتبر عرمان في بيانه أن المؤتمر الوطني يتمني أن تفشل كل القوي الوطنية والقبائل وتحذو حذوه في العدوان وتخريب العلاقات بين الشمال والجنوب وأكد أن مستقبل الشمال والجنوب يكمن في العلاقات الإستراتيجية المشتركة والمتوازنة وقال إنهم كرسوا عمرهم لنسج الصلات بين الشمال والجنوب وأنه لا مناص إلا من طريق الجوار الجاذب والحوار، ورأي أن ما يبكي المؤتمر الوطني ليس هجليج إنما البترول، وأكد أن الجبهة الثورية ستقضي علي ما تبقي له من بترول حتى يتمكن الشعب السوداني من إسقاط النظام واختتم مقاله قائلاً "إنهم كقطاع شمال يعملون الآن وفي المستقبل لتوحيد السودان بين دولتين مستقلتين". رؤية أصدقاء كان من المهم أخذ وجهة نظر الأحزاب حول رؤيتهم لمستقبل الحركة الشعبية قطاع الشمال، فالقطاع الذي كان صديقاً قوياً ومهماً وملهماً للأحزاب أصبح بعد الانفصال حركة مسلحة تقاتل القوات المسلحة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وظهرت مستجدات عديدة كانت تستدعي ظهور مواقف واضحة سواء كانت مؤيدة أو معارضة.. لكن (السوداني) اتصلت بعدد من قيادات الأحزاب المختلفة إلا أنهم رفضوا الحديث حول هذا الموضوع بحجج مختلفة. وبحسب مصادر مطلعة، يعد ياسر عرمان هو المنسق الرئيسي بين حركات دارفور وقطاع الشمال والحركة الشعبية في الجنوب، وله علاقات دولية تبدو جيدة من حيث اللقاءات التي يجريها مع شخصيات مهمة في عدد من الدول إلا أنها غير مؤثرة إن تمت الإشارة إلي أنها لم تخرج بنتائج ملموسة تقوي من مواقف حزبه. وعادة ما يسافر إلي بريطانيا والولايات المتحدة وزار قبل بضعة أشهر ألمانيا وعقد لقاءً في السفارة الأمريكية. وهناك من يقول إن عرمان في أديس أبابا وهناك من يشير إلي أنه ينتقل بين نيروبي وكمبالا، إلا أنه يظهر فجأة وبصورة علنية في إحدى الدول خاصة بعد أن يتلقي دعوة رسمية للمشاركة في إحدى المؤتمرات أو الاحتفاليات. ورغم غضب الحكومة منه منذ انفصال الجنوب وانتخابات جنوب كردفان، إلا أنه يتعمد بأن يغيظ الحكومة ببياناته، وقد رفض عدد من قيادات الدولة الرد علي الأسئلة التي يطرحها باعتباره خائن ولا يستحق أن يحظي بإجابة، وكانت آخر تساؤلاته، لما اهتمت الحكومة بهجليج فقط، والإجابة البسيطة التي يرددها مسئولو الدولة أنها منطقة إستراتيجية في السودان تعرضت لعدوان من دولة أجنبية، وربما تكفي هذه الإجابة عرمان. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 17/4/2012م