لا احد يدري لماذا قطع سلفاكير زيارته للصين بصورة مفاجئة وعاد لجوبا فالوضع الأمني لدولة الجنوب لم يستقر علي أي حال منذ ما قبل انفصالها عن الدولة الأم منتصف العام الماضي ما يرشح من جوبا يفيد بتحركات مريبة لبعض قيادات الجيش الشعبي في مناطق حساسة بالعاصمة لكن هل عودة رجل المخابرات الغامض لعاصمته سريعاً ستسهم في إجلاء الغموض حول ضبطية التحركات أم ستزيد الأمر تعقيداً ربما تكشف عنه الساعات والأيام القليلة الماضية. لعنة هجليج منذ دخول قوات الجيش الشعبي لهجليج وحتي خروجه مهزوماً بعد 10 أيام من الاحتلال ازداد اضطراب الأحوال الأمنية والسياسية في دولة الجنوب فالإقتصاد بدا ينهار سريعاً وازدادت هجمات المتمردين علي ولاية الوحدة ومناطق بانتيو وبدا المشهد أكثر إضطراباً بتهديد مجلس الأمن للدولة الوليدة بفرض عقوبات في حال عدم انسحابهم من هجليج تضاربت تصريحات المسؤولين ما بين مؤيد للانسحاب وساخط علي خطوة الاحتلال قبل هجوم القوات المسلحة وتحرير المنطقة الذي ختم كابوس الاحتلال واحال نهارات جوبا الي ليال طويلة من إضطراب الأمن دفع سلفا كير للهرولة لدولة الصين طلباً للتفاوض. البنك الدولي توقع البنك الدولي في تقرير حديث انهيار اقتصاد الجنوب بحلول شهر يوليو المقبل بسبب فقدان عائدات النفط الذي قررت الحكومة في جوبا وقف تصديره في شهر مارس الماضي وامتناع المانحين عن تقديم المساعدات المطلوبة لسد العجز المفاجيء في الموازنة، تقرير البنك الدولي اعد بصورة سرية لمجموعة المانحين الستة لدولة الجنوب التي تضم الولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد الاوربي والنرويج وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي كشف التقرير عن احتمالات انهيار وشيك للاقتصاد خلال 4 أشهر حتى في حالة استمرار الحكومة في سياسة التقشف التي خفضت الإنفاق الحكومي من 880 مليون دولار الي 660 أي بنسبة 26% وأشار التقرير الي أن المسؤولين في حكومة الجنوب لم يكونوا علي إدراك تام بأبعاد القرار وما يمكن أن يترتب عليه علي المدي القريب. مؤشرات الأداء الاقتصادي لحكومة الجنوب الموسوم بعدم الشفافية وسوء التصرف في الأموال العامة والفساد المالي والإداري سيقود بحسب التقرير لآثار اجتماعية واقتصادية خطيرة علي مجتمع جنوب السودان كازدياد معدلات المواطنين والذين يعيشون تحت خط الفقر وهم الذين يقل دخل الفرد منهم عن دولارين في اليوم وارتفاع وفيات الأطفال دون سن الخامسة وكشف التقرير عن زيادة معدلات الفقر بنسبة51% للعام 2012م الي 83% في العام 2013م مقارنة بنسبة90% للعام 2004م قبل توقيع اتفاق نيفاشا مما يعني تراجع متسارع عن المكاسب التنموية الأساسية التي حدثت في الجنوب بعد توقيع اتفاق السلام. ولفت التقرير الي أن المسؤولين في جوبا يرسلون إشارات مشوشة للمجتمع الدولي فيما يتعلق بوقف تصدير النفط عبر الشمال بعضهم حسب التقرير يقول إن الغرض الأساسي هو إسقاط حكومة الخرطوم وآخرون يرون ان حكومة الجنوب ستخسر علي كل حال ولفت التقرير الي ان اخطر التداعيات الناجمة عن وقف التصدير هو تعميق الفجوة الغذائية وانعدام الأمن الغذائي بما في ذلك مساعدات برامج الأغذية العالمي الذي يغطي 54% من جملة الاستهلاك. مفاوضات.. مفاوضات هزيمة هجليج دفعت بقيادة الحركة الشعبية الي مزيد من اضطراب الخطاب الإعلامي والحراك السياسي فيما يتعلق بملف المفاوضات مع الشمال، دينق ألور وزير الرئاسة بحكومة الجنوب مثلاً أعلن استعداد حكومة الجنوب للعودة سريعاً لطاولة المفاوضات ووقف إطلاق النار وقال ألور الذي شهد اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي أول أمس إن التوصل لتسوية بالتفاوض بين الجانبين هو أفضل الخيارات المتاحة في المقابل لم تبد الخرطوم أي حماس للعودة للطاولة مرة أخري إلا في حالة موافقة الجنوب علي جملة شروط وقصر التفاوض في الوقت الراهن علي الملفات الأمنية. حرب بانتيو مجموعات متمردة تتقدم علي مناطق بانتيو بولاية الوحدة حسب ما شرح من أنباء المعارك الدائرة الآن بين قوات الجيش الشعبي ومتمردين مناوئين لحكومة الجنوب اغلبهم من قبيلة النوير ويري المراقبون ان ازدياد وتيرة العنف القبلي والصراع بين الجيش الشعبي والمتمردين سيقود علي المدي القريب الي أن تحل دولة الجنوب علي سجل الدولة الفاشلة حسب تصنيف معهد فورن بولسي بواشنطن الذي يقيس الفشل بمعايير محددة منها فقدان الحكومة للسيطرة الفعلية علي أجزاء كبيرة من أراضيها. محاولة انقلابية في حال تعرض حكومة الحركة الشعبية لأي محاولة للإنقلاب علي الأوضاع الحالية فإنها سترد بعنف مما سيغرق الجنوب في جولات من العنف وربما انهارت الدولة تماماً مما سيترتب عليه مخاطر جديدة علي المنطقة ولكن في حال لم تتعرض لأي احتمال بالتغيير عن طريق الإنقلاب فإن المعادلة الموجودة الآن ستظل فاعلة الي حين دخول متغيرات جديدة علي الساحة. نقلا عن صحيفة الوفاق 29/4/2012