حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    وزارة الخارجية تنعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية    كباشي يزور جوبا ويلتقي بالرئيس سلفاكير    (بي ياتو ناحية ؟؟)    بيان توضيحي من وزارة الري حول سد مروي    عبر تسجيل صوتي.. شاهد عيان بالدعم السريع يكشف التفاصيل الكاملة للحظة مقتل الشهيد محمد صديق بمصفاة الجيلي ويؤكد: (هذا ما حدث للشهيد بعد ضربه بالكف على يد أحد الجنود)    شاهد بالفيديو.. لاعب سوداني يستعرض مهاراته العالية في كرة القدم أمام إحدى إشارات المرور بالقاهرة ويجذب أنظار المارة وأصحاب السيارات    بالصور.. الفريق أول ركن ياسر العطا يستقبل الأستاذ أبو عركي البخيت    اعلامي تونسي يرشح الترجي للتتويج بالأميرة السمراء    قال ديمقراطية قال!!!    بالفيديو.. شاهد الفرحة العارمة لسكان حي الحاج يوسف بمدينة بحري بعودة التيار الكهربائي بعد فترة طويلة من الانقطاع    سعر الدولار في السودان اليوم الإثنين 20 مايو 2024 .. السوق الموازي    سعر الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    والى ولاية الجزيرة يتفقد قسم شرطة الكريمت    علي باقري يتولى مهام وزير الخارجية في إيران    موعد تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    الحقيقة تُحزن    شاهد بالفيديو هدف الزمالك المصري "بطل الكونفدرالية" في مرمى نهضة بركان المغربي    إنطلاق العام الدراسي بغرب كردفان وإلتزام الوالي بدفع إستحقاقات المعلمين    مانشستر سيتي يدخل التاريخ بإحرازه لقب البريميرليغ للمرة الرابعة تواليا    الجنرال في ورطة    (باي .. باي… ياترجاوية والاهلي بطل متوج)    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان.. السلام يضل الطريق
نشر في سودان سفاري يوم 29 - 04 - 2012

سلام مع الانفصال خير من وحدة مع الحرب.. قول ماثور للرئيس السودانى عمر البشير برر به الموافقة على حق تقرير المصير لجنوب السودان لانهاء حرب اهلية استمرت 38 عاما على فترتينو على الرغم من انتهاء الامر الى انفصال الجنوب رسميا فى 9 يوليو 2011 الا ان السلام المنشود لم يتحقق و عاد البعض ليفضل الوحدة مع الحرب ، فقد تركت اتفاقية نيفاشا للسلام عام 2005 مناطق رمادية عديدة فى محاولة لتجاوز الخلافات التى حالت دون التوصل الى اتفاق على امل حلها فيما بعد بالتفاوض بين الطرفين , لكن على العكس تحولت الى قنابل موقوتة بعضها انفجر بالفعل و الاخر فى انتظار اطلاق شرارة الانفجار .. ما زال 20% من الحدود البالغ طولها نحو 2000كيلومتر متنازعا عليها بما فيها منطقة ابيي الغنية بالبترول و منطقة هجليج التى احتلها الجنوب لعشرة ايام قبل ان يضطر للانسحاب منها تحت الضغط العسكرى الشمالى و الانتقادات الدولية .. ما زال الخلاف مستعرا حول رسوم عبور بترول الجنوب عبر انابيب الشمال للتصدير للخارج بين 32 دولارا للبرميل تصر عليها الخرطوم و 67سنتا فقط تتمسك بها جوبا. الشمال يتهم الجنوب بدعم و ايواء المتمردين فى دارفور و جنوب كردفان و النيل الازرق , و الجنوب يتهم الشمال بدعم الجماعات المسلحة و اثارة الصراع بين قبائل الجنوب و اكل اموال التامينات و ممتلكات الجنوبيين فى اراضيه .. كما ترفض جوبا المساهمة بدولار واحد فى تسديد ديون السودان قبل الانفصال (38مليار دولار) بدعوى انه لم تعد منها على الجنوب اى فائدة بل تم انفاق جزء كبير منها لشراء السلاح و ضرب الجنوبيين به . و بذلك لا يلوح فى الافق حل سريع للخلاف و ستبقى الاشتباكات تندلع من وقت لاخر , و لكن لا اتوقع نشوب حرب واسعة او اجتياح جيش الشمال للجنوب لاسقاط نظام الحركة الشعبية كما هددت الخرطوم, لان الظروف الاقتصادية و العسكرية الداخلية لا تسمح بذلك , و كذلك القوى الكبرى و الاقليمية التى تعهدت بحماية دولة الجنوب.
ربما كانت مصر تستشعر منذ بدء التفاوض لانهاء الحرب الاهلية و ان انفصال الجنوب ليس هم الحل المثالى للمشكلة و لذلك طرحت العديد من الاقتراحات و المبادرات للحل من خلال منح الجنوب حكما ذاتيا واسعا فى اطار السودان الموحد ولكنها فوجئت فى النهاية بموافقة حكومة الخرطوم على حق تقرير المصير الذى اتاح للجنوب الانفصال بعدها تقبلت القاهرة الامر مثلما رضى به اصحاب القضية الاساسيون و حاولت كثيرا المساعدة فى عبور الفترة الانتقالية بلا عقبات تعرقل تنفيذ الاتفاقية او تعيد اجواء الحرب و استمرت جهودها بعد الانفصال للتغلب على المشكلات التى لم تحلها الاتفاقية ولكنها لم تحقق نجاحا كبيرا لصعوبة و تعقيد المشكلات من ناحية و تدخل اطراف خارجية عديدة تدفع احد الطرفين او كليهما للتشدد فى مواقفه من ناحية اخرى, و ربما لظن حكومة الجنوب ان مصر منحازة تقليديا لحكومة الشمال المسلم مثل بقية الدول العربية و الاسلامية و كانت اخر محاولات مصر زيارة وزير خارجيتها البلدين و لم تنجح فيما يبدو سوى فى اقناع حكومة الجنوب بالافراج عن اسرى الشمال فى معركة هجليج . الحديث يطول فى مشكلات السودان بقطريه و فى امكانية حل المشكلة و متى ذلك و الاثار المترتبة على استمرارها و هذا ما يحاول الزملاء القاء الضوء عليه من جوانب عديدة.
انتهت معركة هجليج..و لم تتوقف الحرب بين الخرطوم وجوبا
كتب:أسماء الحسيني
يبدو أن المعركة بين الجيش السوداني وجيش دولة جنوب السودان لم تنته بإنسحاب الأخير من منطقة هجليج البترولية بعد احتلالها لمدة10 أيام, هي الأسوا في تاريخ العلاقات بين البلدين منذ توقيع اتفاق السلام السوداني عام2005 الذي أنهي أطول حرب في القارة الإفريقية.
فلاتزال المعارك مفتوحة بين الدولتين في مناطق أخري, حيث اتهم الجنوب الخرطوم بمواصلة قصف منشآته البترولية في ولاية الوحدة, كما اتهمت الخرطوم جوبا باستمرار دعم المتمردين الشماليين ضدها, الذين واصلوا عملياتهم في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
مازال البلدين علي حافة الخطر وشبح الحرب يخيم رغم الضغوط الدولية العديدة عليهما لوقف الحرب والعودة للتفاوض, ورغم التأزم الشديد في وضع الدولتين علي جميع المستويات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية. وقد أحدثت هذه المعارك وماسبقها وما تلاها شرخا كبيرا في العلاقات ليس بين الشعبين والدولتين فقط, إنما امتد تأثيرها إلي أبعد من ذلك في الإقليم والعالم, ويبدو أنها ستلقي بظلال واسعة علي العلاقات المعقدة أصلا بين الدولتين, وسيكون لها تأثير كبير علي سيادة واستقلال الدولتين, حيث يتجه مجلس الأمن الدولي علي مايبدو إلي تبني خريطة الطريق التي قدمها الاتحاد الإفريقي بالاستناد إلي الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح الزام الطرفين بالقوة المسلحة إذا لزم الأمر.
وقداستمر الجدل بعد إنتهاء المعركة في هجليج علي توصيف ما حدث,في جزء من حرب نفسية مدمرة يشنها كل طرف علي الآخر, فحاولت الخرطوم تصوير نفسها بمظهر المنتصر, الذي تمكن من طرد الجيش الجنوبي وقتل جنوده بعد اعتدائه علي أراضيها, في حين قال جيش الجنوب إنه انسحب من هجليج التي يعتبرها جنوبية, وسيطلب التحكيم الدولي بشأنها, وأصر علي أنه لم يهزم فيها أو يطرد منها, بعد أن دخلها ردا علي عدوان الجيش الشمالي وقصفه المتكرر علي أراضيه.
ولعل حسابات الربح والخسارة النهائية لكل طرف, ستحددها الأيام المقبلة, وربما لن تكون خاضعة للحسابات الآنية لهذا الطرف أو ذاك, لكن المؤكد أن هذه معركة المنتصر فيها خاسر, لأنها في الحقيقة بين شعب واحد انقسم في دولتين, ولازالت كل عناصره ومصالحه متداخلة بشكل كبير.
وقد أدي عجز الطرفين عن التوصل لإتفاق بشأن التعاون في قضية البترول إلي إغلاق دولة الجنوب لانتاجها البترولي الذي تعتمد عليه ميزانيتها بنسبة98%, ولتفقد الخرطوم أيضا ماكانت تنتظره من عوائد مرور وتصدير البترول الجنوبي بعد أن فقدت ثلاثة أرباع البترول الذي أصبح من نصيب الجنوب بعد انفصاله, واليوم تفقد الخرطوم مرة أخري حوالي60% من انتاج تبقي لها من البترول ويبلغ نحو115 ألف برميل يوميا, بعد دمار واسع النطاق في منشآتها البترولية في هجليج.
وسيكون لمعارك هجليج تأثير كبير في توجيه دفة العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة, وقد يكون لها تأثير في إعادة بناء كل طرف لجبهته الداخلية من ناحية, ولسياساته وعلاقاته وتحالفاته الخارجية من ناحية أخري, وقد توجد استقطابا وإستقطابا مضادا, ليس في داخل الدولتين وإنما في الإقليم والعالم, وقد كانت المعركة علي محدودية إطارها الزمني كاشفة لنقاط الضعف والقوة لدي كل طرف, وقد أدرك كل منهما بلاشك أن تقوية جبهته الداخلية هو السلاح الأمضي في مواجهة تحديات الخارج, لكن هذا الأمر البديهي, لايستفيد منه كلا الطرفين باعتباره درسا يجب أن يتعظا به, بل كورقة ضغط يستخدمانها فقط عند الحاجة ووقت الشدة, وهو ما أوجد مشكلات كبيرة في السابق, ويمكن أن يؤدي إلي أوضاع أكثر سوءا في الحاضر والمستقبل, فهل ستفتح معارك هجليج الطريق أمام تحولات حقيقية تلغي احتكار الانفراد بالسلطة والهيمنة عليها في كل من جوبا والخرطوم, أم أن الضغوط والمخاطر والمخاوف التي تحيط بكل طرف وتسيطر عليه ستدفعه إلي مزيد من التشدد مع خصومه وإحكام قبضته علي الداخل تحت دعوي مواجهة الخارج, مما يزيد من إحتقان الداخل المتوتر أصلا في كلا الدولتين تحت وطأة تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية وفي ظل حالة الحرب والتعبئة والمواجهة.
ومن المؤكد أن كلا الطرفين الآن يعيدان ترتيب أوراقهما, وكلاهما يبحث عن حلفاء جدد أو يعيد التحالف مع الحلفاء القدامي, فالخرطوم تحاول تصوير نفسها لاسيما للعرب والمسلمين بوصفها الدولة المعتدي عليها, من دولة الجنوب التي تصفها بانها مخلب قط لأمريكا وإسرائيل في المنطقة, وتسعي الآن لاستدرار تعاطف العرب ودول إسلامية من بينها إيران وتركيا, أما الجنوب فقد حدث شرخ ما بينه وبين محيطه العربي, وهو الآن أيضا يستثير شفقة وتعاطف دول جواره الجنوبية, وقد أعلنت أوغندا دعمها الواضح له في المعركة, وقد أدرك الجنوب في هذه المعركة أن نقطة ضعفه الرئيسية تكمن في عدم إمتلاكه لسلاح طيران, وقد حاول الحصول علي مضادات طائرات لرد القصف الجوي للخرطوم, وسيكون هدفه الرئيسي في المرحلة المقبلة هو الحصول علي سلاح طيران بأي ثمن, وربما يكون من أسوأ نتائج ما حدث في هجليج أن دولة الجنوب ستكون مستعدة أكثر من أي وقت مضي لبناء تحالفات وإقامة علاقات عسكرية وأمنية وإقتصادية مع أي طرف لمواجهة الخرطوم بحزم, في حرب يستخدم فيها الطرفان كل الوسائل والأساليب بغض النظر عن مشروعيتها وأخلاقيتها.
النازحون تهددهم المجاعة والنسيان
هناء دكروري
مع كل يوم يمر تتزايد الأنباء حول تصاعد التوتر بين السودان وجنوب السودان وتتضاءل الآمال في امكانية تحقيق السلام وحقن الدماء وتحقيق الاستقرار الذي كان الهدف المنشود من انفصال الجنوب عن الشمال والذي يدخل عامه الأول في يوليو المقبل.ووسط هذه الأجواء المشحونة تغطي أصوات قرع طبول الحرب علي استغاثات مئات الآلاف من النازحين الذين يخشون أن يتم نسيانهم وتجاهل مآساتهم.
فعلي مدي الشهور العشرة الأخيرة منذ الانفصال,يعاني مئات الالاف من المدنيين في المنطقة الحدودية, خاصة في إقليمي جنوب كردفان(200 الف نازح) والنيل الأزرق(66 الف نازح), من الخوف والشعور بعدم الأمان وسلسلة خطيرة من انتهاكات حقوق الانسان. أما الأوضاع في معسكرات النازحين بجنوب السودان فحدث ولا حرج:معسكرات معزولة يصعب الوصول إليها ويمثل امدادها بمؤن منتظمة من الطعام ومياه الشرب تحديا كبيرا. ثم جاءت الاحداث الأخيرة في هجليج بجنوب كردفان لتزيد الأوضاع الانسانية سوءا حيث ذكر تقرير وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان35 ألفا قد فروا من منازلهم في هجليج وتالودي والقري المجاورة خوفا علي حياتهم وأنهم يعيشون في العراء. وتحذر المنظمات الدولية من تدهور الأوضاع خلال الشهور المقبلة في ظل استمرار عرقلة الخرطوم لوصول المساعدات الانسانية للجنوب واقتراب موسم الأمطار والنقص الحاد في المحاصيل نتيجة الصراعات المسلحة مما يهدد بمجاعة.ويلخص اريك ريفز, الباحث والمحلل الأمريكي الذي تخصص في الشأن السوداني علي مدي الثلاثة عشر عاما الماضية, الوضع الانساني المتردي بقوله ثمن فشل المرواغات الدبلوماسية والاخلاقية فيما يتعلق بالسودان علي مدي العام الماضي سيدفع قريبا بدم ومعاناة مئات الالاف من المدنيين في الشمال والجنوب. ويشير ريفز في تقرير لموقع صحيفة سودان تريبيون علي الانترنت إلي أن مئات الالاف من الابرياء أصبحوا علي شفا مجاعة لأنه لا توجد إرادة دولية لمواجهة حكومة الخرطوم بشأن رفضها المتعنت للسماح بوصول المساعدات الانسانية لجنوب كردفان والنيل الأزرق. ولكن المجاعة في السودان ليست نتيجة ولكنها مخطط و سلاح قديم للسيطرة,اعادت الخرطوم استخدامه للتخلص من المناوئين وتفريغ المناطق التي بها حقول بترول من السكان وذلك بدون استخدام رصاص, كما أنه يضمن استمرار عمليات النزوح والتشتت التي لا تمنح المواطنين وقتا أو جهدا للتفكير في المستقبل أو حتي التصدي للعبة المصالح السياسية والعائدات النفطية التي ينشغل بها السياسيون في السودان وجنوب السودان والدول المجاورة.
وهكذا يبقي النازحون غرباء في بلادهم وكأنهم في منفي يواجهون المطاردة والقهر والمرض والمجاعة والأخطر نسيان المجتمع الدولي وأخوتهم في البشرية كارثتهم فما لا تلتقطه عدسات الكاميرات وتسلط عليه الأضواء يبقي بعيدا عن دائرة الاهتمام وهذا ما تراهن عليه دائما الأنظمة القمعية.
دارفور.. الحاضر الغائب في المشهد الراهن
إيمان عارف
تعد قضية دارفور من أكثر القضايا السودانية التي حظيت باهتمام سياسي واعلامي مكثف سواء من قبل السياسيين أوالمشاهير ونجوم السينما العالميين, بحيث أصبح النزاع داخل هذا الاقليم السوداني الواقع في غرب السودان, والذي تشكل حدوده الحدود السياسية للسودان مع كل من ليبيا وجمهورية افريقيا الوسطي وتشاد, محل اهتمام دولي ليس فقط بسبب تداعياته السياسية أو تعقيداته العرقية و الخسائر البشرية الفادحة التي ترتبت عليه, وانما أيضا بسبب الحضور المكثف لوسائل الاعلام العالمية لمتابعة أنشطة وتحركات هؤلاء النجوم.
ولكن الحديث عن الصراع في دارفور الذي شهد علي امتداد تاريخه موجات من الشد والجذب, قبل انفجاره العنيف عام2003, يتطلب القاء نظرة علي وضع الاقليم وتركيبته السكانية والعرقية لمعرفة أسباب النزاع. فالاقليم الذي يمتد علي مساحة500 ألف كم ويسكنه حوالي6 ملايين نسمة, يتكون من عرقيات افريقية وعربية أهمها الفور التي جاءت منها تسمية الاقليم, الي جانب قبائل الزغاوة والمساليت والرزيقات.
وبسبب التنوع الثقافي لسكان الاقليم, خاصة مع توطن الكثير من القبائل الرحل, بدا يتشكل نوع من التميز العرقي والاجتماعي. وقد اشار المحللون الي ان جزء كبير من الصراعات التي اندلعت في الإقليم في السابق ترجع لأخطاء داخلية وتدخلات خارجية, فادخال السلاح بكميات كبيرة لهذه المنطقة في العديد من الصراعات الداخلية لمواجهة حركة التمرد في الجنوب, وفي الصراعات الخارجية مثل القتال في تشاد وافريقيا الوسطي أدي لانتشار السلاح بشكل كبير بين ابناء المنطقة. وطبقا لبعض التقارير الصحفية فقد كانت دارفور في فترة من الفترات مسرحا ومعبرا للسلاح بين الفرقاء السياسيين في تشاد والجهات الداعمة لهم, كما أن التداخل القبلي في المناطق الحدودية, شجع العديد من هذه القبائل علي العبور داخل الأراضي السودانية لنصرة القبائل المتنازعة, وهو ما انطبق لاحقا علي الوضع الداخلي عندما بدا تسليح الميلشيات العربية من المسيرية والرزيقات منذ ثمانينات القرن الماضي من قبل حكومة الصادق المهدي بهدف مواجهة حركة التمرد في الجنوب واستمر في عهد الرئيس عمر البشير, الأمر الذي ساهم لاحقا في انفلات الوضع في دارفور.
وبينما تشير الحقائق إلي أن قبائل دارفور تنقسم الي قبائل مستقرة يتكون غالبيتها من الأفارقة الذين يتكلمون لغات محلية الي جانب العربية, وقبائل رحل من العرب قد عاشوا في انسجام, الا أن الوضع اختلف لاحقا حيث زادت وتيرة النزاعات والحروب القبلية واتسعت مع الوقت وتدخلت أطراف دولية واقليمية.
وقد شهد الوضع انفجارا عام2003 علي خلفيات عرقية وقبلية, وليس دينية كما في الحرب بين الشمال والجنوب. وكان طرفا الصراع القوات الحكومية السودانية من جانب ومعها قوات الجنجاويد, وهي ميليشيات مسلحة من القبائل العربية, ويعتقد انهم مدعومون من الحكومة السودانية, والطرف الاخر هم المجموعات المتمردة, وأهمها حركة العدل والمساواة وهم من سكان دارفور من الأفارقة.
وقد ظل الوضع متوترا, حتي أعلنت الأمم المتحدة عام2009 أن القتال المستمر بين القوات الحكومية والمتمردين تسبب في تشريد أكثر من2.7 مليون شخص هجروا منازلهم وعاشوا في مخيمات, كما لقي أكثر من300 ألف شخص حتفهم بتأثير الحرب والمجاعة والمرض, وهي تقديرات رفضها بشدة الرئيس السوداني, مؤكدا ان هناك مبالغات اعلامية شديدية لتضخيم الازمة, وصدرت مذكرة اعتقال بحق البشير عام2009, وطالبت بمثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية متهمة اياه بارتكاب جرائم حرب, وهي اتهامات رفضها البشير تماما وترتب عليها قيام الخرطوم بطرد اكثر من16 مؤسسة غربية تعمل في مجال الاغاثة في دارفور, مما زاد الموقف سوءا.
وقد بدا واضحا أن المجتمع الدولي يلقي باللوم والمسئولية علي الرئيس السوداني, الذي أكد في حديث سابق لصحيفة الجارديان البريطانية أنه يتحمل المسئولية كاملة لما حدث في دارفور كونه الرئيس, رافضا المثول أمام المحكمة. ان الوضع وان بدا هادئا في الوقت الحالي بعد توقيع اتفاق الدوحة رغم عدم توقيع بعض الفصائل المتمردة, الا أن ذلك لايعني ان الحرب انتهت, فمازال الطريق طويلا للتعافي من أثار الماضي.
الخبراء والأكاديميون: لا بديل عن التفاوض لحل الخلاف
طارق الشيخ
إنفجر الصراع المسلح بين السودان وجنوب السودان حول منطقة هجليج.ولم يكن نشوب القتال بالأمر المفاجئ وإنما كان إختيار هجليجكميدان للصراع المسلح هو المفاجأة.
ومن جانبهم حاول الأكاديميون والخبراء التوصل الي أسباب الأزمة والقاء الضوء علي القوي الخارجية المستفيدة من الصراع المسلح بين الخرطوم وجوبا وتقديم سيناريوهات للأزمة.وقد لعبت الصدف والمقادير دورها في أن يكون كل من أ.د.جمال ضلع رئيس قسم السياسة والاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية ود. عباس شراقي مدير مركز تنمية الموارد الطبيعية والبشرية والأستاذ المساعد بالمعهد التابع لجامعة القاهرة, في زيارة للسودان خلال تلك الأزمة ليكونا من شهود العيان علي تلك الأحداث.
أشارا أ.د.جمال ضلع ود.عباس شراقي إلي أن المفاجأة والخطأ الذي إرتكبته جنوب السودان تمثل في إختيار هجليج لبداية الهجوم.فهجليج لم تكن أرضا متنازعا عليها بين الطرفين وبالتالي فملكية الشمال لها كانت محسومة وهو ما يجعل من الهجوم المسلح عليها بمثابة مأزق وقع فيه متخذ القرار في الجنوب من منطلق أن الهجوم أظهر الجنوب في موقف المعتدي وأجبر المنظمات الدولية علي اتخاذ موقف مناوئ لهذا التحرك العسكري الذي يعد إعتداء علي سيادة السودان حيث ظهر في موقف من تعرض للإعتداء مما منحه تعاطفا خارجيا بينما أضعف الموقف التفاوضي لجوبا.
وفيما يتعلق بالقوي الخارجية أكد أ.د.جمال ضلع أن الخبراء في الخرطوم يرجحون بأن تكون هناك قوي خارجية تقف وراء نشوب الأزمة الأخيرة إلا أنه نوه الي إحتمال وجود مشكلات داخلية دفعت جوبا الي مهاجمة هجليج أملا في إيجاد خطر وهدف قومي تتوحد حوله البلاد.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة يري د.عباس شراقي أن السيناريو الأول هو الإستمرار في الحرب وعدم وقف القتال وهو ما يمثل خسارة فادحة للطرفين وخاصة علي المستوي الاقتصادي. وبالتالي فهو يرشح السيناريو الثاني والمتعلق باللجوء الي المفاوضات.
أما أ.د.جمال ضلع فقد رصد تولد شعور لدي الشمال بأن ماتم تقديمه من تضحيات عند عقد إتفاق السلام لم يسفر عن مردود إيجابي بالإضافة لتزايد حالة القلق من وجود إستراتيجية توسعية لدي جنوب السودان.وبالتالي فهو يرشح سيناريو يقول بإستمرار المناوشات مع تكيفها وتغيرها تبعا للمستجدات, وهناك سيناريو يتعلق بالإستمرار في دعم العناصر المسلحة المعارضة للخرطوم مع الإستمرارية في المفاوضات بالتوازي مع المناوشات والأزمات.وقد تمارس الخرطوم ضغطا اقتصاديا بمنع مرور البترول الجنوبي مما يؤدي الي إقناع الجنوب بالدخول في مفاوضات برعاية وسطاء دوليين لحل الأزمات العالقة وهو السيناريو الأفضل.
ثمن الحرب في أرض الماء والعطش
ميادة العفيفي
لعقدين من الزمن كان السودان إما في حرب أو يفر من الحرب, لذلك لم يكن هناك أي فرصة أو وقت أمام السودانيين لانجاز أي شيء, مثل إدارة دولة, أو تأسيس بنية تحتية. أو دفع اقتصاد متعثر بالأساس, ويبدو أن الصراع أصبح جزءا رئيسيا في الموروث السوداني الحديث, حتي انه بات صراعا مفتوحا بلا نهايات محددة.
وربما نحن في حاجة إلي مراجعة سريعة, لبعض الخسائر, التي تبدو في نظر القادة السياسيين بسيطة, ويمكن مواصلة التضحية بها, لقد قضي أكثر من2 مليون إنسان حياتهم جراء الحرب الأهلية السودانية التي شنت بين عامي1955 و2005 لصراعات أيديولوجية وعرقية, حول الدين والنفط, ناهيك عن تشريد نحو5 ملايين مدني من أبناء جنوب السودان, وعندما عاد بعضهم أخيرا إلي الديار, واجهوا الفقر المدقع وبنية أساسية محطمة.. جوعي لا يعرفون وسيلة للحصول علي أي غذاء بعد قيام الجراد غالبا بمهمة التهام مصدرهم الرئيسي للتغذية, الذرة.
الواقع إنها لعنة الموارد كما يصفها الخبراء, تطارد السودان, شمال السودان ليس غنيا بالنفط مثل الجنوب الذي أنفرد ب75% منه بعد الانفصال, ولكن الشمال هو الأكثر ثراء, ففي أجزاء من السودان الشمالي تحسنت مياه الصرف الصحي بنسبة50% مقابل اقل من5% للجنوب, في أجزاء من السودان أكثر من30% من تلاميذ المدارس أكملوا تعليمهم الابتدائي في حين انه في الجنوب أكمل أقل من5% من الأطفال تعليمهم الابتدائي, بالنسبة لمعظم السودانيين في الشمال, يفتقر10-20% من الأسر إلي المواد الغذائية, في حين يفتقر30-40% من الجنوبيين إلي الحصول علي احتياجاتهم الغذائية الأساسية, في الشمال هناك نحو70 حالة وفاة لكل ألف ولادة للأطفال, بينما يتوفي لكل ألف ولادة لأبناء الجنوب أكثر من111 رضيعا, ولكن هذا لم يمنع الطرفين من إنشاد أغنيات الحرب بحماس.
في تقرير نشر عام2010, تم تقدير كلفة إي نزاع جديد بين الشمال والجنوب, بأنه سيكون علي الأقل110 مليارات دولار, التقرير وضعه مجموعة من خبراء مؤسسات فكر ورأي غربية ومراكز أبحاث ودراسات اقتصادية افريقية, وتم خلاله تقسيم كلفة الصراع المحتمل, إلي ثلاثة أجزاء, تكلفة ستتحملها السودان, وأخري سيتحملها الجيران, وثالثة هي تكلفة برامج حفظ السلام وعمليات الإغاثة الإنسانية التي سيتم تمويلها من قبل المانحين الدوليين. التقرير لا يشمل الخسائر البشرية المحتملة بعد العودة إلي ساحة القتال, ولكنه تنبأ أن أي صراع مستقبلي بين الجانبين سيستغرق من عشر سنوات إلي خمسة وعشرين عاما قبل استعادة السلام مرة أخري, وذلك نظرا إلي تجربة السودان السابقة.
بالتأكيد لدي جميع الأطراف الكثير ليخسروه, يمكن أن يفقد السودانيون أكثر من52 مليار دولار إذا ما تعطل تدفق النفط إضافة إلي13 مليارا من خسائر في الناتج المحلي الإجمالي وخسائر البنية التحتية, مع انخفاض عدد العاملين من خلال الموت أو الإصابة, في الوقت الذي ستفقد فيه الدول المجاورة, اثيوبيا وكينيا وأوغندا نحو25 مليار دولار نتيجة لآثار غير مباشرة للصراع المحتمل. كما ستفقد جزءا من أسواق صادراتها, مع خسارة مستثمرين سيهربون من المنطقة, وقد يجد المجتمع الدولي نفسه علي نطاق أوسع مضطرا لخسارة نحو30 مليار دولار في عمليات الإغاثة وحفظ السلام, لقد حصلت السودان بالفعل علي1.4 مليار دولار في مجال المساعدة الإنسانية عام2008, مما جعلها أكبر متلق للمساعدات الإنسانية في العالم لأربع سنوات علي التوالي.
إسرائيل لاعب رئيسي في الجنوب
عادل شهبون
التوتر المستمر علي الحدود بين دولة شمال السودان ودولة الجنوب والاشتباكات التي وقعت مؤخرا بينهما خاصة في منطقة هيجليج الحدودية ومطاردة الجيش السوداني في ولاية جنوب كردفان للمتمردين يأتي في إطار استمرار وجود مناطق متنازع عليها بين السودان شماله وجنوبه مثل أبيي و يؤكد أن هناك طرفا خفيا يشعل الصراع والازمات ويؤجج الفتنة بين الدولتين.
هذا الطرف هو إسرائيل التي تجيد التسلل إلي دول القارة السمراء ففي عام2008 كشف وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق آفي ديختر أن إسرائيل وضعت خطة تفكيك السودان ضمن استراتيجيتها مستغلة التعددية الاثنية والطائفية. وإسرائيل هنا تبحث لها أيضا عن موطئ قدم في السودان الغني بثرواته, خاصة مياه النيل والبترول والمعادن والأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة, وعن طريق جنوب السودان تستطيع إسرائيل لعب دور كبير مع دول حوض النيل. وقد ظل السودان طوال العقود الماضية يتهم إسرائيل بلعب دور كبير في دعم تمرد الجنوب عسكريا وهذا صحيح فإسرائيل عملت خلال الحرب السودانية الأولي والتي استمرت حتي عام1972 علي دعم ومساعدة الجنوبيين دبلوماسيا وعسكريا وفي بداية الستينيات قام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ليفي أشكول بالتواصل مع قادة جنوب السودان وقد أشاد سلفا كير خلال زيارته لإسرائيل بهذه المساعدات. ومنذ عدة أيام كشفت وسائل الاعلام الإسرائيلية أن تل أبيب تدرس احتمال إرسال قوة شرطية للانضمام إلي نشاط قوات الأمم المتحدة في جنوب السودان بعد أن طلبت الأمم المتحدة منها إرسال تلك القوة بشكل عاجل لكن من شأن أي دور إسرائيلي في قوات حفظ السلام في السودان أن يزيد الأمر تعقيدا بين الخرطوم وجوبا. وبعد انفصال جنوب السودان عن الشمال بدأ التقارب بين تل أبيب وجوبا التي سارعت بإقامة علاقات مع إسرائيل وهو ما تعتبره الخرطوم تهديدا لامنها القومي, واعترفت الحكومة الإسرائيلية بجنوب السودان فور إعلانه الاستقلال ووعد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بدعم جوبا, كما أن وسائل الاعلام في تل أبيب تشير دائما إلي وجود خبراء إسرائيليين في جنوب السودان خاصة في مجال الزراعة. ومن ناحية أخري يوجد في إسرائيل أكثر من ثمانية آلاف لاجئ سوداني منهم حوالي1500 من جنوب السودان وجميعهم تسلل إلي إسرائيل بطرق غير مشروعة ورغم ذلك تحتضنهم تل أبيب حتي يكونوا أداة في أيديها تستغلهم وقتما تشاء.
تمر الصحراء.. حكاية إقليم
دينا عمارة
ها هي منطقة هجليج الحدودية المتنازع عليها تجد نفسها مرة أخري في خضم المواجهات بين السودان وجنوبه المستقل حديثا, مما أدي إلي تجدد المخاوف من استئناف حرب شاملة, فأين تقع هجليج بالتحديد؟ الإجابة في السطور المقبلة. هجليج تقع علي الحدود مع السودان وجاره الجنوبي علي بعد نحو45 كيلو مترا إلي الغرب من منطقة أبيي نقطة الخلاف الأخري بين الشمال والجنوب, وجبال النوبة في ولاية جنوب كردفان في السودان, كذلك تقع علي مقربة من مدينة جاو الحدودية التي استولت عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال في نهاية فبراير. وهي كلمة عربية تعني( تمر الصحراء) وهي شجرة متوسطة الحجم دائمة الخضرة تفقد اوراقها فقط عند شدة الجفاف ولكنها تستعيدها بسرعة وتثمرعادة مرتين في السنة.
تعتبر هجليج من أغني المناطق الغنية بالنفط ويعود ذلك إلي إمتلاكها حقلا نفطيا كبيرا ينتج نحو نصف إنتاج السودان من النفط الخام البالغ115 ألف برميل يوميا, هذا الحقل تم تطويره عام1996 ويرتبط بالخرطوم وبورسودان أيضا عن طريق خطوط أنابيب النيل الكبري للنفط, هجليج تضم أيضا محطات نفطية أساسية أبرزها محطة ضخ النفط الرئيسية المسئولة عن ضخ النفط إلي شمال وجنوب السودان, تتمركز فيها المحطة الرئيسية لمعالجة النفط الخام لكل من البلدين, الإقليم يمتلك نحو75 بئرا للنفط وينتج ما يقارب نحو20 ألف برميل يوميا, إلي جانب خزانات الوقود الخام بسعة تزيد عن400 ألف برميل, يتوزع في هجليج نحو19 معسكرا لموظفي الشركات العاملة في مجال النفط, وكذلك تقول مصادر سودانية إن أعدادا منهم غادروا المنطقة بعد إحتلالها من قبل جنوب السودان.
منطقة هجليج ذات التربة الطينية لم تكن مثار اهتمام الكثير من السودانيين خلال الفترة الماضية, ولكنها كانت ولاتزال تعني الكثير بالنسبة للاقتصاديين وقطعا تعني الكثير لسكان المنطقة الذي ينتسب معظمهم إلي قبيلة المسيرية العجايرة الذين ينحصر نشاطهم في الرعي في فترة الصيف. توافر الثروة الحيوانية والغابية في المنطقة جعلتها من أهم المناطق التي تشكل حيوية للاقتصاد السوداني خصوصا بعد إنفصال جنوب السودان, الذي سعي لضم المنطقة اليه من خلال النزاع حول حدود ابيي عبر محكمة التحكيم الدائم بلاهاي في عام2009, ومؤخرا عبر احتلالها بالعمل العسكري, لذا تعتبر منطقة ذات طبيعة إستراتيجية حيوية من الناحية الاقتصادية والعسكرية ومن حيث موقعها الجغرافي.
المصدر: الاهرام المصرية 29/4/2012م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.