حتى اللحظة لم يكذب المؤتمر الوطني خبر تعليق الحوار بينه والحركة الشعبية إلى ما بعد اجراء الانتخابات، ونبأ تعليق الحوار بين الشريكين مفزع لاطراف معادلة الحكم ومفزع أكثر للشعب السوداني، الذي ينتظر اجتماعات اللجان المشتركة لحسم بعض نقاط الخلاف التي تهدد مسار التحول الديمقراطي نفسه. وارتباطها بتنفيذ بنود اتفاقية السلام المتعثرة منذ سنوات. في شأن الانتخابات ثمة قضايا خطيرة لم تحسم بعد في مقدمتها اعلان الحركة الشعبية مقاطعة الانتخابات جزئياً في جبال النوبة، وقضية (معالجة) نتائج الاحصاء السكاني في الجنوب التي دخلت ضمن اجندة الحوار الأمريكي السودان، من خلال المقترح الامريكي الاخير الذي ينص على زيادة مقاعد الجنوب (60) مقعدا، لكن الحركة الشعبية (طمحت) أكثر وطالبت بتخصيص المقاعد الستين لنفسها دون انتخابات ومنافسة حرة مع الآخرين، واقترحت الحركة الشعبية من جانبها أن تذهب ثلاثة مقاعد لجبال النوبة وأبيي لكن بالانتخاب وليس التعيين، الشئ الذي دفع المؤتمر الوطني لرفض المقترح الأمريكي جملة. في شأن مقاطعة الحركة الشعبية للانتخابات في جبال النوبة فالواقع الماثل أمام كل الاحزاب بما في ذلك المؤتمر الوطني فقد لحق بمحليتي كادقلي والدلنج ظلم كبير. الأولى كانت ممثلة في انتخابات الجمعية التأسسية عام 1986م بأربع دوائر قومية، واليوم أصبحت دائرة واحدة للمجلس التشريعي الموالي يتنافس عليها سكان محليات أم دورين.. هيبان.. البرام وفي ذلك شديد غير مبرر ولا يسنده منطق سياسي او قانوني، لكن الحركة الشعبية ممثلة في رئيسها السابق هي من أسست لواقع الظلم الحالي برفضها ومقاطعتها التعداد السكاني، وتحريض الاهالي للتحرش بفرق التعداد السكاني التي فشلت في مهمتها وحاولت بطرقها الخاصة تقدير عدد سكان تلك المنطقة. الانتخابات ليست غاية ولكنها وسيلة لتحقيق غايات فاذا اصبحت الانتخابات نفسها سبباً لازمات في المستقبل، تهدد الاستقرار وتكون مدخل فوضى يعيد انتاج سنوات الحرب فلتعلو إرادة الدولة السياسية العليا على ما عدا ذلك.. ولن تخسر الاطراف او الطرفان شيئاً كثيراً اذا تمت معالجة الاخطاء باعطاء كل صاحب حق نسيبه، والاسباب التي برر بها الجنرال عبد العزيز الحلو مقاطعة الحركة الشعبية للانتخابات في المحليات الاربع مقبولة عندي، لكن الحلو عمم المقاطعة لكل الولاية وفي ذلك خطر حقيقي على السلام الذي تحقق في العام الجاري. اعادة ترسيم دوائر اربع محليات وزيادة عدد مقاعد المجلس التشريعي في ولاية واحدة لدرء خطر ما يترتب على ا لمقاطعة، تمثل حلاً مقبولاً عندي حتى لا يتسلل شيطان الحرب والازمات لبيت لم يتعاف بعد من آثار الحرب الطويلة. أعيدوا الحوار الثنائي قبل الانتخابات ولا تغلقوا أبواباً ظلت مفتوحة منذ (5) سنوات في الزمن الضائع لأن الخاسر الأول من مقاطعة الحركة الشعبية للانتخابات هو المؤتمر الوطني الذي تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في الحفاظ على تماسك البلاد، ولا يمكن مقارنة مسؤولياته بالآخرين مهما علا ضجيجهم.. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية 28/1/2010م