يجمع كثير من الخبراء السياسيين والعسكريين والأمنيين، على أن الهجوم الذي نفذته الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان، يفوق امكانات حكومة الجنوب العسكرية والمادية، كما أن الخبرة التي تم بها تعطيل المنشآت النفطية، تؤكد كل المعطيات والمؤشرات أنها خبرات أجنبية، ليست متوفرة في حكومة جنوب السودان، التي انتقلت قياداتها حديثاً من حرب العصابات و«الغابة» الى إدارة الدولة.. ويستدل كثير من الخبراء على عملية اختراق حكومة الجنوب بواسطة القوى الأجنبية بكثير من المعطيات، وذلك من خلال المؤشرات الآتية: أولاً: خلفية الدورالاسرائيلي في الجنوب.. مما لا مراء ولا جدال فيه أن الدعم العسكري الإسرائيلي للحركة الشعبية بزعامة الدكتور جون قرنق بدأ مبكراً كما ذكر ضابط الأمن الإسرائيلي المتقاعد «موسي فوجي»، والذي أكد في كتابه:«إسرائيل وحركة جنوب السودان» أن الدعم الإسرائيلي لحركة جنوب السودان بلغ أكثر من (500) مليون دولارحتي مطلع التسعينات...الوجود الإسرائيلي أثناء مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في نيروبي التي انتهت بتوقيع اتفاق نيفاشا، كان حاضراً بشكل واضح على مستوى الخبراء، وفي هذا يقول الخبير الاستراتيجي البروفيسور حسن مكي إن اللاعب الإسرائيلي الخفي كان حاضراً بشكلٍ طاغٍ أثناء المفاوضات... بعد انفصال جنوب السودان سارعت اسرائيل الى تعيين سفيرها هناك، حيث سبقت كل دول العالم في تمثيلها الدبلوماسي بدولة جنوب السودان وإقامة سفارتها هناك.... ثانياً :الجسر الجوي الإسرائيلي: قبيل الإعتداء الجنوبي الأول على الأراضي السودانية في هجليج بأقل من أسبوع، تناقلت وكالات الأنباء الأجنبية أنباء عن إقامة اسرائيل جسر جوي لنقل أسلحة متطورة الى دولة جنوب السودان، في وقت كانت فيه الصحف المحلية تتحدث عن حشود عسكرية للجيش الشعبي قبالة جنوب كردفان، وهي الأيام التي شهدت الهجوم الأول والثاني على منطقة هجليج، مما يشير الى أن الأسلحة التي تم عن طريقها الهجوم على هجليج هي أسلحة اسرائيلية- حسبما أشار الى ذلك خبراء أمنيون وعسكريون، أبرزهم الفريق بابو نمر، والفريق جلال تاور، عقب عملية الاحتلال، بينما تشير مصادر أمنية الى استلام كمبالا أسلحة اسرائيلية لتمريرها الى دولة جنوب السودان، في وقت أشارت تقارير صحفية كينية الى تورط الحكومة الكينية في تمرير أسلحة اسرائيلية الى دولة جنوب السودان... وبناء على ماسبق، فإن معظم الدلالات والمعطيات تشير الى الأيدي الاسرائيلية الخفية، في الهجوم على هجليج ... ثالثاً: تدمير منشآت البترول: بعد عملية تحرير هجليج، أكد فريق من الخبراء والفنيين في مجال النفط- والذي زار المنشآت النفطية المدمرة برئاسة وزير الطاقة والتعدين الدكتور عوض الجاز- أكد أن كل عمليات التدمير وتعطيل المنشآت تؤكد وجود خبراء عالميين تمت الإستعانة بهم في عملية تدمير المشغل الإلكتروني «سوفت وير»، حيث تشير كل المعطيات الى أن الخبرة التي تم بها تعطيل المشغل الإلكتروني، أكبر من إمكانية وخبرة الجنوب في هذا المجال، كما أن استهداف مواقع محددة في المنشآت، وشكل محكم يوحي بوجود خبراء عالميين، وعلى درجة عالية من الخبرة والتأهيل، وهذا ما أكده رئيس فريق التفتيش أثناء تلك الزيارة، والذي أشار بشكل جلي الى أن هناك خبرة عالمية أكبر من الخبرات الجنوبية المتواضعة في هذا المجال، والتي مازالت في مراحلها الإبتدائية، هذا فضلاً عن التخطيط لإستهداف المنشآت النفطية التي تنتج 60% من بترول السودان، والتي هي بمثابة الرئة التي يتنفس بها الاقتصاد السوداني، حيث أن السيطرة على آبارالنفط من شأنها تيسير التحكم في عملية خنق السودان إقتصادياً.. وبالتالي إسقاط النظام الحاكم في السودان، وهذا ماذهب إليه الخبير الاستراتيجي الفريق مهدي بابو نمر في تحليله الذي لم يستبعد من خلاله الأيدي الاسرائيلية الخفية التي تغلغلت في جنوب السودان قبل انفصاله، في يناير 2011.. نقلا عن صحيفة اخر لحظة 6/5/2012