يتوالى وصول القوات العسكرية الأميركية إلى جمهورية هاييتي التي ضربها زلزال مدمر في الثلث الأول من كانون الثاني /2010/.. ومن المنتظر أن يصل عدد القوات الأميركية إلى /20،000/ شخص. وفي هذا السياق، أشار مسؤول أميركي إلى أن واشنطن تعدّ العدة لاحتلال طويل الأمد للجمهورية الكاريبية المنكوبة بفعل الزلزال المدمر الذي ضربها مؤخراً، وفي لقاء خصص لبحث المساعدات للدولة المنكوبة، قال «اليخاندرو وولف» الممثل الدائم للولايات المتحدة في الأممالمتحدة: «سوف يطول بقاؤنا هنا (أي في هاييتي) على اعتبار أن الوضع القائم حالياً يحتاج إلى الوقت.. والمهمة تبدو صعبةً». وقد شارك في الاجتماع المذكور إضافة إلى الولاياتالمتحدة ممثلون عن البرازيل وكندا وفرنسا وهاييتي والأورغواي، وتشارك البرازيل والاوراغوي بأكثر من /10،000/ شخص أرسلوا إلى هاييتي في إطار قوات السلام التابعة للأمم المتحدة وتحتل كندا وفرنسا رأس قائمة الدول الواهبة على صعيد المساعدات لهاييتي. وكان «وولف» وفي تصريح سابق أدلى به من على منبر الأممالمتحدة.. قد استنكر التصريحات التي أدلت بها حكومات نيكاراغوا وبوليفيا وفنزويلا والتي اتهمت واشنطن باستغلال الكارثة التي حلت بهاييتي لفرض الاحتلال العسكري على الجزيرة. ولم يتردد «وولف» في اتهام الحكومات الثلاث «بتسييس هذه المسألة والجري وراء شكوك لا أساس لها من الصحة والترويج لمقولة الاحتلال». في هذه الأثناء، ترتفع وتيرة الغضب والاحتجاجات ضد العسكرة التي تلجأ إليها الولاياتالمتحدة، كرد فعل على كارثة يقدر عدد قتلاها ب /200،000/ قتيل و/250،000/ جريح وملايين من الذين لا مأوى لهم. من جانبها، اتهمت فرق المساعدات الإنسانية والطبية العسكريين الأميركيين الذين تولوا السيطرة على المطار الدولي بأن هدفهم الأول انحصر في نشر قواتهم وإخراج رعاياهم، في الوقت الذي أدرج فيه نقل المساعدات الطبية والتجهيزات الأخرى إلى المرتبة الثانية. وقد استنكرت وكالات الإغاثة الطبية هذه الإجراءات التي أدت إلى تأخير وصول هذه المساعدات الضرورية لإنقاذ الجرحى ما أسفر عن موت العديد من المصابين. وتشير المعلومات إلى وجود كميات كبيرة من الأدوية والتجهيزات الطبية الأخرى في مطار بور أوبرانس لكن هناك غياباً واضحاً لآلية توزيع مجدية، بل وعلى العكس من ذلك يبدو عدم الاهتمام واضحاً. واستناداً إلى «فيليب بولوبيون» مراسل التلفزيون الفرنسي القناة /24/ فإن المساعدات الموجودة بالقرب من مطار العاصمة بور أوبرانس كثيرة لكن الإهمال وسوء التوزيع يبدوان واضحين. حيث يتساءل الجميع عن السبب الكامن وراء عدم استخدام هذه المساعدات وإيصالها إلى المنكوبين، ولعل الجهة الوحيدة الموجودة في محيط المطار هي منظمة الصليب الأحمر الاسباني. واستناداً إلى «فران سيفيلا» مراسل الإذاعة والتلفزيون الاسباني، فإن هناك غياباً واضحاً في توزيع المساعدات الإنسانية وفي الأغذية والماء.. ما يدفعني للتساؤل كيف يتسنى لهؤلاء الناس العيش والاستمرار في الحياة. في المقابل، أظهر العسكريون الأميركيون استياءهم من عودة وسائل الإعلام الأجنبية، حيث لم يترددوا في منع المراسلين الأجانب من الهبوط في المطار. من جانبها، أشارت الأممالمتحدة في /28/ كانون الثاني إلى أن /700،000/ شخص في هاييتي بلا مأوى، والقليل المتبقي من الحكومة الهاييتية هو الرئيس «رونيه بريفال» الممتثل لأوامر واشنطن، فقد ترك مهمة إدارة العمليات للبنتاغون ما يعني أنه اختفى عملياً. وفي إطار غياب التنظيم وعدم وجود آلية محكمة لتوزيع المساعدات، تشير مصادر مطلعة إلى أن القوات الأميركية وسلطات الأممالمتحدة ستوقف عمليات إنقاذ الذين يرزحون تحت الأنقاض في بور أوبرانس بحجة عدم وجود أي فرصة لإمكانية إيجاد أحياء. وكان التلفزيون الكوبي قد التقط صوراً لقوات تابعة للأمم المتحدة وهي تطلق عيارات مطاطية وقنابل مسيلة للدموع على حشود من الهاييتيين كانوا يقتربون من محيط المطار الذي تحتله القوات الأميركية بحثاً عن الأغذية والعمل. وفي الوقت الذي ترتفع فيه حدّة الغضب الشعبي في هاييتي جراء الإهمال والفوضى في تنظيم المساعدات إضافة إلى تنامي وارتفاع وتيرة الاستنكار الشعبي لإمكانية الاحتلال الأميركي، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تولي القوات الأميركية مهمة قمع وملاحقة المعارضين. المصدر: تشرين 31/1/2010