الأمم المتحدة اتهمت الأطراف السودانية في الشمال والجنوب بعدم الالتزام بقراراتها في أعقاب الحرب التي اندلعت على الحدود بينهما، وشهدت توغلات للقوات واستخدام للطائرات ونزوح للاجئين، وللأسف لا تزال أزمات السودان مغيبة إعلاميا، ولا يزال دور الجامعة العربية فيها غائبا بشكل كبير رغم محورية وأهمية هذه المشكلة القائمة، فأزمة السودان الرئيسية لا تتعلق بخلافات عامة وإنما هي جزء ضارب من تكوين الدولتين بعد الانفصال، والذي بات من الواضح أنه انفصال غير كامل، ولا تزال تداعياته مصدرا للأزمات والحروب المستمرة بين الطرفين. أمس الجمعة توجه ثابو أمبيكي كبير وسطاء الاتحاد الإفريقي للخرطوم من أجل الدفع بعملية الوساطة التي يرعاها الاتحاد الإفريقي للعودة إلى المفاوضات ولمسار أديس أبابا السابق، ولكن أغلب المؤشرات تقود للاعتقاد أن المساعي الدبلوماسية ستخفق، كون الصراع بين الدولتين أعمق وأعقد، وفيه الكثير من تضارب المصالح، حيث لا يزال هذا الصراع وقودا تستخدمه النخب السياسية في الدولتين للهروب من الكثير من الاستحقاقات الداخلية، وما لم يتنبه السودان لذلك فإن هذا الصراع وانعكاساته الداخلية مستقبلا سيكون لها أثر سلبي كبير عليه. جولة الحرب التي اندلعت انتهت هذه المرة، ولكن ليس في الأفق ما يبشر بعدم اندلاعها مجددا في ظل غياب توافق على إطار المفاوضات، وكذلك في ظل عدم استعداد أي من الطرفين على تقديم تنازلات فيما يخص حقول النفط أو الحدود بينهما في المناطق المتنازع عليها، وليس من المعلوم ما سيستطيع أمبيكي تقديمه في هذه الجولة من المفاوضات خاصة وأن الطرفين سبق لهما قبل اشتعال الحرب أن دخلا في مسار طويل من المفاوضات لم يسفر سوى عن عودتهما للحرب مجددا. أزمة السودان بحاجة لإطار حل دولي أكبر من مجرد الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الأفريقي، وهذا الإطار يتطلب بدءا إعادة الانطلاق من اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 بينهما التي أغفلت نقاطا وأجلتها، وهي النقاط التي تعود اليوم لإشعال حرب بين الدولتين ليس من المتوقع رغم توقفها الآن أن تنتهي بصورة كاملة ما لم تتدخل دول وتضغط باتجاه حل حقيقي وليس مجرد مسارات تفاوضية تمثل للطرفين فرصا لشراء المزيد من الوقت. المصدر: الوطن السعودية 20/5/2012م