إن حكم الحركة الشعبية لجنوب السودان بات صداعاً دائماً للسودان مما يجعل تغيير الواقع في قمة أماني الحكومة السودانية ولن يغزو الجيش السوداني دولة الجنوب حتى تسقط جوبا تحقيقاً لهذه الأمنية والخطر الأكبر على الحركة الشعبية في صراعاتها الداخلية التي تشكل امتداداً لصراعات الجنوب القبلية والانفلات القبلي في الجنوب هروباً إلى الشمال. أن دولة الجنوب التي ولدت معاقة إلى درجة الموت ألسريري كمثل من يلقي بنفسه في أتون النار كي يختنق عدوه بدخانه! وان المصالح الاقتصادية لم تفلح رغم قوتها الظاهرة في ربط البلدين بسلام طلب. هنالك عوامل أسهمت في ترجيح كفة الغرب عند جوبا. فالسودان الشمالي يعتبر عدواً لدولة الجنوب وعدواً لإسرائيل لكونه الامتداد العربي المسلم في أفريقيا ومرور النيل وانه لمن الابتلاء العظيم للسودان أن يجد نفسه مسرحاً لكل هذه الصراعات المختلفة والمتداخلة وهناك صراع عبر الموارد بين الكبار والصراع العبي الإسرائيلي والصراع الثقافي الاجتماعي بين أفريقيا العربية المسلمة. لقد بات واضحاً أن التفاوض مع الحركة الشعبية لا يمكن أن يقوم على منطق المصالح البحث حيث يتنازل كل طرف عن بعض مصالحه مقابل الحصول على مصالح مشتركة اكبر وان ذهاب حكم الإسلاميين في الشمال لن يفتح أبواب النعيم على السودان سيظل الشعب السوداني عربي الثقافة حنيفاً نحو الإسلام. وتحدث الباحث في العلوم الإنسانية على عبد الرحيم علي في منتدى أقيم بمركز التنوير المعرفي أنه من العسير على السودان خلع الحركة الشعبية من حكم الجنوب عنوة مشيراً إلى أن التفاهم المبني على منطق المصالح غير ممكن فلا يبقي للسودان إلا ثاني أصعب العلاجات وهي الحرب الباردة وأضاف انه على السودان إن يعمل على تقوية مؤسسته العسكرية أفقيا ورأسياً بحيث تكون قوة الجيش السوداني رادعاً عن تكرار مثل محاولات هجليج. ولابد للحكومة الوصول إلى سعر معقول لتصدير النفط الجنوبي موضحاً أن كل المؤشرات تقول إن اقتصاد الجنوب يختنق ولا يستطيع خلفاؤه توفير متنفس بديل في الوقت المناسب فلا يبقي له غير رئة الشمال ليتنفس عبرها وزاد انه لا يعني الاتفاق حول النفط نهاية التحرشات الجنوبية لموضوع أبيي سيظل معلقاً لسنوات قادمة وان التوترات الحدودية ستستمر في مواسم الرعي موضحاً أن الحكومة لابد أن تبدي اهتماماً أكبر وأسرع بموضوع توطين الرعاة الرحل. وقال علي السودان تقوية دفاعاته إلى أقصي حد ممكن معتبراً ان الوئام التام بين دولة الشمال والحركة الشعبية شبه مستحيل وان مواجهة الأمور الجسام تحفز الهمم وتدفع الشعوب للإبداع والعمل. موضحاً أن مستقبل السودان في المدى البعيد هو في الميلان شمالاً نحو مصر. وأشار إن مشكلة السودان في الأساس مشكلة بنيوية وليست ظرفية ستتابع الطامات عليه ذاتية وخارجية ودعا أن يكون انفصال الجنوب والربيع العربي في شمال أفريقيا تهيئة إلهية لتصحيح بناء عمد الماكرون على إيجاده مختلاً وإحداث نهضة شاملة لرفع راياتنا وأردف قائلاً إن السودان يمكن إن يستقوى بمصر في عدة مجالات أولها الدفاع وان الرادع الأفضل والرادع الأقوى لحدود السودان سيكون اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين وإكمال قائلاً إن انفصال الجنوب في السودان والثورة في مصر تشكل مطبات واضحة للتجاذب في وسط وادي النيل بعد أن تنافر الأطراف والسودان خاض صراعات مشابهة مع معظم جيرانه مثل ارتريا وإثيوبيا ويوغندا وأخيرا تشاد وخرج منها جميعاً بحالة من الاستقراء الحذر وهو مرحلة أفضل من الحرب الباردة. ومن جانبه قال د. محمود متخصص في الصراعات إن دولة الجنوب تواجه اطماعاً من الخارج وتواجه نوعاً من التخلف في التعليم وأشار إلى أن تأخر تقدم السودان يعود الى الحروب الدائرة بين الجنوب والشمال. ولابد التعامل في مثل هذه القضايا بدبلوماسية وأضاف قائلاً إن الصراعات لا يمكن مواجهتها بآليات محلية مشيراً إلى أن الصراع هو صراع صليبي صهيوني وقال من الصعب جداً الوصول إلى اتفاقية سلام شامل بين البلدين. نقلاً عن صحيفة الوفاق 31/5/2012م