هاجمت حركة العدل والمساواة مؤخراً منطقة (فتاحة) بولاية شمال دارفور والتى تبعد عن حاضرة الولاية الفاشر بحوالي 30 ميلاً الى الجنوب؛ وقال المتحدث بإسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد أن الجيش تصدي لها وألحق بها خسائر وأضراراً فادحة، وأشار الصوارمي الى أن المنطقة التى تعرضت للهجوم تمثل ملتقي طرق تجارية وقد قامت الحركة بنهبها ونهب القري القريبة منها وقتلت عدداً من المواطنين. هجوم حركة العدل والذى تكرر مؤخراً فى عدة مناطق بدارفور بدا مختلفاً وفى سياق جديد نوعاً ما، فهو هجوم من أجل كسرة خبز أو شربة ماء! وهو بهذه المثابة يعد فى حد ذاته تطوراً ينذر بفناء الحركة حتى وإن بدا ذلك أمراً مستغرباً للبعض، إذ أن الحقيقة التى بدأت تتكشف وتحاول قيادة العدل والمساوة المداراة عليها ان الحركات الدارفورية جميعها - وليس فقط حركة العدل - تعيش واقعاً لوجستياً مزرياً بكافة المقاييس، والقصة بدأت منذ أن وطأت أقدام هذه الحركات معسكرات بدولة جنوب السودان؛ ففي الوقت الذى قالت فيه مصادر داخل الحركة فى العام الماضي إن حركة العدل عبرت الى الجنوب – عقب مصرع خليل ابراهيم زعيم الحركة فى منطقة ود بندة – وهى محمّلة ببعض المؤن والمال أُستجلب حينها من ليبيا القذافي، وأن هذه الاموال تم سحبها منها هناك فى الجنوب مقابل الإيواء والتدريب، قالت عناصر ميدانية فى حديث متبادل بينها، إن الأموال تصرَّف فيها بعض قادة الحركة لصالحهم الشخصي، وبعض آخر قال ان الأموال المستجلبة لم تكن بذلك القدر وأن سوء إدارتها جعل الحركة تشارف على الإفلاس، فى ظل غياب أىّ مصادر أخري للدعم. ومن المؤكد ان الهجمات التى تكررت مؤخراً، والقتال الدامي الذى دار بين حركتيّ مناوي وحركة العدل فى إحدي مناطق جنوب دارفور قبل حوالي ثلاثة أسابيع فى شهر مايو الماضي كان سببه الأساسي النزاع حول كيفية أخذ المال من المواطنين، إذ بينما تصرّ حركة مناوي على فرض رسوم بقيمة عالية، كانت حركة العدل تستشعر وطأة تلك الرسوم وتحاول التخفيف منها، فهي رغم كل ما تعانيه أفضل حالاً من حركة مناوي, وتشير متابعات (سودان سفاري) ان حركة مناوي لم تستطع حتى الآن - منذ خروج مناوي من الخرطوم - الحصول على دعم ثابت ومتواصل، فأقصي ما حصلت عليه من كمبالا لم يتجاوز حفنة دولارات منحت لها بإذلال خلَّف مرارة مكتومة لديها؛ كما أن حركة عبد الواحد الأفضل قليلاً من حركتيّ مناوي والعدل من ناحية الدعم المالي المتدفق عليها من الكيان الصهيوني لا تملك على الارض قوات قادرة على القتال وفى ذات الوقت تتمنع فى منح بقية الحركات دعماً منها – ولعل أقرب دليل علي معاناة حركة العدل من الدعم المالي، الخلاف المتصاعد بشدة هذه الايام داخل كابينة القيادة ومحاولات إقصاء جبريل ابراهيم زعيم حركة العدل الذى يتهمه بقية القادة بإبتعاده عن الميدان ووقائع ما يجري فيه وفشله فى جلب الدعم المالي بالقدر الذى كان يبرع فيه خليل. بعض قادة جبريل الميدانيين يتهمونه كذلك بإخفاء الأموال أو على الاقل إبعادها عن الانظار مما جعل الحركة تعتمد على النهب وسلب أموال المواطنين. ويسود الآن سجال مكتوم بين الحركات الثلاثة بشأن المال والدعم، حيث تراهن كل حركة على تجفيف منابع دعم الأخريات حتى يخلو لها الجو وهو ما حاولت القيام به حركة العدل وقتالها مع حركة مناوي بجنوب دارفور مؤخراً. وعلى كل فإن المال الذي يشكل عصب هذه الحركات التى تاهت تماماً منذ أن إنغلقت أمامها أبواب تشاد وليبيا وباريس يُنتظر أن يغيِّر من تكتيكها ليصبح همّها الأوحد السعي للحصول على المال من أيدي المواطنين وبالطبع ليس بغرض استخدامه فى ترف مقاتلة الجيش السوداني، بقدر ما بغرض استخدامه فى العيش والبقاء على قيد الحياة .