بإنتهاء جولة المفاوضات الأخيرة بأديس أبابا بين الحكومة ودولة جنوب السودان، والتي أملَ فيها الكثيرون باقتراب الطرفين من وجهات النظر، غير أن الأوراق تبعثرت ما بين مطالب دولة الجنوب التي وصفت بالتعقيدات فيما يختص بالحدود والخرائط الجغرافية التي ظهرت بها بعض المناطق الجديدة، بالإضافة إلي تأخير النقاش حول الملف الأمني شرط الحكومة الأول في حسمه ومن ثم التقدم في الملفات الأخرى. ومن جهة أخرى واجهت مفاوضات إدارية أبيي بين اللجنة السودانية ولجنة جنوب السودان حول تشكيل الإدارية ذات العراقيل والخطط والإستراتيجية من لجنة جنوب السودان حول كيفية تشكيل الإدارية وإبداء الشروط والإصرار علي رئاسة الإدارية مما يضع مسألة المفاوضات الجارية ما بين الحكومة ودولة الجنوب علي صفيح ساخن وعلي طاولة ملتهبة دون إطفاء لحرائقها المفتعلة من قبل دولة الجنوب، بإصرارها علي شروط لم تقبل بها الحكومة ليكن الوقوف في مربع الاختلاف هو المشهد السياسي الماثل، تحت ظل الترقب لمآلات ردود الأفعال علي الشريط الحدودي، والتي غالباً ما تمثل في اختراقات أمنية وتعديات علي أراضي سودانية من قبل جيش الحركة الشعبية. من جانبه يري الخبير والمحلل السياسي دكتور الساعوري أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين أن إستراتيجية دولة جنوب السودان هي أن لا تصل إلي اتفاق مع السودان لعدة أسباب عزاها إلي أن هدف دولة جنوب السودان هو إسقاط النظام في الخرطوم، بوضعه تحت الضغط المستمر والاستنزاف لموارده، وإحداث الارتباك الاقتصادي وقال: يجب أن لا ننسي تصريحات باقان أموم عندما أعلن بأنهم لا يريدون أن يتفقوا مع حكومة الشمال، ولم يكن هذا للاستهلاك السياسي أو الإعلامي بل هو قرار دولة وحكومة الجنوب، أما جلوسها للمفاوضات فهو انصياع للمجتمع الدولي، وتنفيذ لأوامره وأجندتهم الخاصة، وأشار إلي أن السبب الثاني يعود لعدم توفر الثقة بين الطرفين، ونشأ ما يسمي برهاب الثقة، والذي ذهب بعيداً في فكر الطرفين مما جعل الريبة والتوجس والتمرس حالة ذهنية لدي الطرفين وأيضاً هنالك استقلال لحال التفاوض والتجاذب من قبل الحركة الشعبية لإقناع الذين يختلفون معها داخل دولة الجنوب بعدائية دولة الشمال حتى يتمكنوا من كسبهم إلي جانبهم، وتوحيد جبهتهم الداخلية بدعوي أن الحرب مع الشمال تحافظ علي الجنوب. وأشار الساعوري إلي ضعف الوسيط الأفريقي ثامبيو امبيكي وعدم إقناعه للطرف الآخر بقراراته وارجي السبب لأنه يتحرك بصفة شخصية، رغم أنه يمثل الآلية الأفريقية الذي رأي ضرورة تدخله بحسم وإلزام الطرفين بقراراته، وإلا ما جدوى وساطته. وقال إن دولة الجنوب بهذا التكتيك السياسي وبطء المفاوضات والتلكؤ فيها ووضع العراقيل والشروط ما هي إلا محاولة لكسب الوقت لوضع الحكومة أمام لعبة الزمن عندما تنتهي الثلاثة أشهر، وحينها يصبح الموقف عند طاولة مجلس الأمن ليعيد ويصيغ قراراً جديداً باعتبار أن دولة السودان هي التي ترفض التفاوض، وخارطة الأممالمتحدة، وبهذا يصل إلي نقطة إحكام الحصار علي حكومة السودان وإسقاطها. ويري أن الحل يكمن في ضرورة العمل الدبلوماسي والتحرك لحكومة السودان في هذه الفترة المقبلة، وتوضيح موقفه لدي الأصدقاء في الصين وروسيا وحتى أمريكا لكسب الرأي العام قبل أن يتخذ مجلس الأمن قراراً جديداً. نقلا عن صحيفة آخر لحظة 11/6/2012م