بعد أن وجدت المبادرة التي قادتها قيادات أبناء جبال النوبة القادمة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، لحل الأزمة بجنوب كردفان، مباركة قيادة الدولة وتشجيعها، وبينما يعتزم الوفد طرح المبادرة على الطرف الآخر في الأزمة، انتظمت قيادات أخرى وتنظيمات سياسية من المنطقة في حراك كثيف لوقف الحرب وإعادة الأمور إلى نصابها في جنوب كردفان. وفي السياق، كشف رئيس حزب العدالة، مكي بلايل لصحيفة "الشرق" السعودية أمس الأول، عن حراك سياسي واسع يقوده أبناء النوبة بمختلف توجهاتهم السياسية في الداخل والخارج لإيقاف الحرب ونزيف الدم، لافتا إلى أن الجهود التي بذلوها أثمرت في إقناع المقاتلين المتمردين الذين باتوا الآن أكثر قناعة بالسلام ونبذ الحرب، مؤكدا استمرار جهودهم السياسية حتى تتحقق العملية السلمية في المنطقة، وبشّر بلايل بقرب السلام الشامل في جبال النوبة وطي صفحة الحرب والتفرغ لمرحلة البناء والتعمير والتنمية، مشيرا إلى وقوف جهات أجنبية وراء إشعال حريق الحرب في منطقة جبال النوبة لتحقيق أجندة تتماشي مع المخططات الرامية لإضعاف السودان وتفتيته، وقال بلايل إن أبناء النوبة لا يريدون الحرب ويقفون مع السلام، مؤكدا أن عبد العزيز الحلو أشعل الحرب في المنطقة بالتواطؤ مع دولة الجنوب التي يرتبط بها سياسيا. ومنذ أن حط وفد قيادات أبناء النوبة القادم من الولاياتالمتحدةالأمريكية برحله في الخرطوم الشهر الماضي، انخرط في سلسلة لقاءات واتصالات بمختلف الكيانات السياسية والحزبية والاجتماعية، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ونائبه الأول ورئيس البرلمان، الذين تسلموا نسخا من المبادرة، ثم بدأ الوفد جولة واسعة في الولايات شملت جنوب كردفان، الجزيرة، النيل الأبيض، البحر الأحمر، لتسويق مبادرته التي تقوم على محاور تؤكد على وحدة البلاد والحوار النوبي- النوبي وإكمال مشاريع التنمية والخدمات بجنوب كردفان، وتقترح المبادرة عقد مؤتمر جامع برعاية إحدى الدول الصديقة وإدارة حوار بين أصحاب المصلحة من أجل بناء الثقة وإيقاف الحرب ورتق النسيج الاجتماعي. وبعد أن أنهى الوفد الذي يزور البلاد استجابة لدعوة من حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وضم قيادات مؤثرة بينهم وزير السياحة الأسبق، أمين بشير فيلن ورئيس لجنة العلاقات الأسبق بالبرلمان، محمد أبو عنجة أبو رأس ومدير عام ضرائب جنوب كردفان السابق، أزرق زكريا خريف- أنهى جولة مطولة في عدد من الولايات، عاد والتقى مجددا ببيت الضيافة مساء السبت، مع رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، بحضور مساعده ونائبه لشؤون الحزب، الدكتور نافع علي نافع، وبحث اللقاء سبل تحقيق السلام في جنوب كردفان، وأبان عضو الوفد أزرق زكريا في تصريحات عقب اللقاء، أن الوفد قدّم لرئيس الجمهورية مبادرة تتكون من شقين لتحقيق السلام في جنوب كردفان، تشتمل على إجراءات لتهيئة المناخ للسلام كالعفو العام ووقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية مع إبداء حسن النوايا وقال أزرق "إن رئيس الجمهورية وافق على المبادرة"، ووصف عضو الوفد اللقاء بأنه مشجع للسلام مؤكدا أن رئيس الجمهورية أطلق أياديهم للبحث في سبل تحقيقه، واعتبر أزرق أن الحرب في ولاية جنوب كردفان ضد الدولة ويقودها أشخاص غرر بهم لأن الحرب فرضت عليهم وليست خيارهم وقال "إن قادة الحرب كانوا حتى وقت قريب جزءا من قسمة السلطة والثروة بالولاية"، مبينا أن وفد قيادات النوبة الذي يطرح مبادرة للحل سيلتقي مع الطرف الآخر وينقل لهم المبادرة التي قدموها لرئيس الجمهورية. ووجدت مشروعات التنمية والخدمات التي تم تنفيذها في جنوب كردفان الثناء والتقدير من الوفد الزائر، الذي أكد أن السلام هو خيار أبناء المنطقة، وأوضح عضو الوفد أزرق زكريا أن الوفد التقى خلال الجولات التي قام بها بأبناء النوبة الرسميين والشعبيين في تلك الولايات، وقال "إن كل اللقاءات كانت إيجابية وتهدف لتحقيق السلام"، مؤكدا أن جهودهم تستهدف إيقاف الحرب في المنطقة بصورة نهائية. وأطلع الوفد، رئيس المجلس الوطني، أحمد إبراهيم الطاهر على المبادرة التي يحملها لحل الأزمة في جنوب كردفان، بجانب نتائج الزيارة الميدانية التي شملت عددا من الولايات، واستعرض أعضاء الوفد محاور المبادرة التي قدموا نسخة منها للمسؤولين بالدولة، وامتدح الطاهر خلال لقاء جمعه إلى الوفد، بالإثنين، مبادرة أبناء جبال النوبة العائدين من الولاياتالمتحدةالأمريكية، ودعا الطاهر أبناء النوبة للتفاعل مع الدولة والتعاون من أجل حل المشكلة وتحقيق الاستقرار والتنمية بولاية جنوب كردفان خاصة والسودان بصفة عامة، كما دعا رئيس البرلمان الوفد لإعداد دراسة علمية حول موقف دولة الجنوب من السودان وجبال النوبة، وأكد أعضاء الوفد وقوفهم مع الدولة من أجل تحقيق الأهداف العليا للبلاد متعهدين بعكس الإيجابيات التي لمسوها من خلال زيارتهم لأبناء المنطقة بالولاياتالمتحدةالأمريكية عند عودتهم. وأكد أعضاء الوفد لدى وصولهم البلاد الشهر الماضي، أنهم يهدفون من الاستجابة لدعوة المؤتمر الوطني، إلى الإسهام في حل الأزمة في جنوب كردفان ووقف نزيف الدماء هناك، وانتقد عضو الوفد أمين بشير فلين بشدة الدور السلبي للحركة الشعبية وتخليها عن أبناء جبال النوبة واستغلالها لهم والزج بهم في حرب تخدم أجندتها، مبينا أن عودتهم للبلاد وحضورهم إلى الوطن يصب في الإسهام في إخماد الحرب التي تدور بجنوب كردفان، ونفى عضو الوفد أزرق زكريا أن تكون عودتهم من أجل المشاركة في السلطة، مؤكدا أنها من أجل التشاور والتفاكر في كيفية إيقاف الحرب والحفاظ على أمن واستقرار الوطن، بينما أوضح عضو الوفد محمد أبو عنجة، أنهم عودتهم للبلاد جاءت من أجل أن يضعوا أيديهم مع بعض لأجل حل مشكلة المنطقة، مؤكدا أنهم يملكون الإرادة لتحقيق ذلك الهدف، وقال إن من يملك الإرادة يستطيع فعل كل شيء وأن يساهموا في صنع وطن آمن ومستقر خال من المشاكل وذلك عبر الحوار والتشاور في أمر الوطن الذي هو ملك للجميع. وتتزامن مبادرة قيادات أبناء النوبة القادمين من الولاياتالمتحدةالأمريكية، لحل الأزمة في جنوب كردفان، مع العديد من المبادرات التي أطلقتها قيادات وقوى سياسية بالداخل، بينها مبادرة أطلقها رئيس الحركة الشعبية- جناح السلام، الفريق دانيال كودي، لإحلال السلام في كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي مبادرة بحسب ما أوضح كودي تقوم على تكملة ما تبقى من بنود اتفاقية السلام الشامل، وطالب بإلغاء السلاح والدخول في الترتيبات الأمنية ومن ثم المشورة الشعبية. كما تتزامن الجولة الميدانية في الولايات الأيام الفائتة مع خطوات مماثلة ابتدرها حزب العدالة برئاسة مكي علي بلايل، حيث بدأ الحزب مطلع الأسبوع الحالي، جولة في عدد من الولايات، تهدف لرفض الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتشمل الجولة التي من المقرر أن تستمر عشرة أيام، ولايات الجزيرة، سنار، القضارف، البحر الأحمر، النيل الأزرق، وولاية النيل الأبيض، وأوضح الأمين السياسي للحزب، بشارة جمعة أرور ل"سونا"، أن الجولة تأتي في إطار نفرة كبرى يقودها الحزب من أجل تحقيق السلام بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي استمرار لجولات بدأت بولاية جنوب كردفان وولاية الخرطوم لتكوين رأي عام من أجل وقف الحرب والتأكيد على حرص الجميع لتحقيق السلام والاستقرار مع استصحاب كل آراء أهل جنوب كرد فان بمختلف إثنياتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية، وستخلص الجولات في نهاية المطاف لتكوين آلية تضم كل مكونات أهل جنوب كردفان لتقديم رؤية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الولاية، وثمّن والي الجزيرة البروفيسور الزبير بشير طه، لدى لقائه أمس الأول، وفد حزب العدالة بقيادة مكي علي بلايل، الجهود التي يقودها حزب العدالة لتحقيق الأمن والاستقرار في جنوب كردفان مشددا على ضرورة تقوية الجبهة الداخلية وتوحيد الصفوف لمواجهة المخططات الاستعمارية. نقلا عنة صحيفة الرائد14/6/2012