ما زالت المفاوضات بين الحكومة والحركات المتمردة في دارفور تراوح مكانها دون تقدم يذكر رغم الجهود المكثفة التي تقوم بها الوساطة القطرية إلى جانب الوسطاء الدوليين، إذ لم تدخل هذه المفاوضات حتى مرحلة البداية الرسمية وذلك بسبب فشل الجهود الرامية لتوحيد الرؤية التفاوضية للحركات المسلحة. فتسبب الانشقاقات المتوالية تحول عدد الحركات المسلحة في دارفور إلى رقم قياسي فمن جناح مناوي إلى جناح عبد الواحد إلى جناح عبد الشافع إلى حركة خليل وجناح أبوقردة فيها وجناح مجموعة أزرق إلى سلسلة يفوق عددها العشرة أسماء يحمل كل منها لافتة براقة ويدعي تمثيل أهل دارفور والدفاع عن حقوقهم وبالطبع لن يكون من السهل جمع هؤلاء الفرقاء على رؤية تفاوضية واحدة نظراً لتقاطع المصالح والأهداف والخلفيات والثارات القبلية والعشائرية فضلاً عن الارتباطات الأجنبية لكل حركة طمعاً في التمويل والتسليح والسند الدبلوماسي. ويبدو أن المقطع الأخير المتعلق بالارتباطات الخارجية الإقليمية والدولية لكل من هذه الحركات سيظل هو العقبة الرئيسية أمام المفاوضات لاسيما وأن هذه القوى الدولية قد أنفقت ملايين الدولارات من أجل تحقيق أجندتها الاستعمارية وليس من أجل أهل دارفور لذلك لا يتوقع أن تسهم في التوحيد والتنسيق لموقف تفاوضي موحد وموضوعي يؤدي إلى دفع المفاوضات إلى الأمام حتى ينعم أهل دارفور بالأمن والاستقرار بعد طول عنت واحتراب. وأخطر ما في الأمر أن القوى الصهيونية العالمية دخلت مسرح الصراع في دارفور علناً وليست خفية أو استتاراً. وذلك واضح من الزيارات المعلنة التي قام بها بعض قادة الحركات المسلحة إلى الدويلة العبرية ولقاءاتهم بكبار القادة الأمنيين والعسكريين في الكيان الصهيوني ويبدو أن ذلك لم يأت من فراغ بل بناء على تخطيط إسرائيلي محكم عبر عنه آخي ديختر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في تقريره الذي قدمه في سبتمبر 2008 ونشر ملف الأهرام الإستراتيجي طرفاً منه، فبعد أن تناول ديختر الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه الدول العربية انتقل إلى السودان ليوضح أن "الخط الإستراتيجي للتعاطي مع السودان يرتكز على تفجير بؤر وأزمات مزمنة ومستعصية في الجنوب وفي أعقاب ذلك في دارفور. غداً بمشيئة الله نواصل لنرى مدى توافر فرص التوصل إلى اتفاق بسلام في دارفور في ضوء التعقيدات الإقليمية والعالمية وأثارها في المنطقة. نقلا عن صحيفة الرائد 2/2/2010