من المقرر أن يصبح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ((توني بلير)) مستشاراً لحكومة جنوب السودان كجزء من اتفاق بين مؤسسته الخيرية (مبادرة الحكم في أفريقيا) ورئيس حكومة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميارديت)). وبحسب صحيفة التلغراف البريطانية، الصادر الأحد الماضي، فإن الاتفاقية تم التوصل إليها الشهر الماضي بين مؤسسته وسلفاكير)) بعد زيارة وزير الخارجية في حكومة حزب العمال البريطانية السابقة ((ديفد ميليباند)) التي استغرقت أربعة أيام نهاية شهر مايو، بطلب من ((بلير كممثل عن مبادرته في أفريقيا. وسيرأس ((ديفيد براون)) مكتب المؤسسة في جوبا، الذي عمل بدوره لحساب حكومة جنوب السودان في العام 2007م، وحكومة أوغندا في الفترة من 2002 إلي 2004م كما عمل أيضاً لمدة خمس سنوات في وحدة الإستراتيجية في عهد ((بلير)). وقال بيان على موقع المؤسسة، مبرراً خطوته، فتح مكتبه في جوبا: (إن الهدف من عملنا يتمثل في تعزيز قدرة المؤسسات الجديدة في مركز حكومة جنوب السودان الجديدة، بحيث تكون أكثر قدرة على قيادة عملية التنمية في البلاد. ونأمل أن يساعد عملنا في تحقيق تحسن لشعب الجنوب)، مشيراً إلي أن المؤسسة ستعمل مع الرئيس ((سلفاكير)) وحكومته لمواجهة هذه التحديات وخلق مؤسسات قوية مطلوبة للمساعدة في تنمية البلاد. وأضاف (بينما تحتفل دولة جنوب السودان بالذكرى السنوية الأولي للاستقلال، فإن التفاؤل بالمستقبل يبد عالياً، لكن البلاد تكافح للخروج من الصراع، الذي طال أمده مع جارتها شمال السودان. وتواجه الحكومة الجديدة بقيادة ((سلفاكير)) مجموعة من التحديات الجسام، وتتمثل في معدل وفيات الأمهات، التي تحتل الرقم الأول عالمياً، أكثر من 60% من السكان دون خدمات صحية، 55% فقط من السكان يمكنهم الوصول للمياه الصالحة للشرب، أكثر من مليون من أصل 2.3 مليون طفل يفتقدون التعليم الابتدائي، بجانب أن الوضع الأمني لا يزال هشاً). وقلل الدبلوماسي السابق ((الرشيد أبو شامة)) من أن يؤثر تعيين رئيس وزراء بريطانيا الأسبق في العلاقات الثنائية بين الخرطوموجوبا، مشيراً إلي أنها لا تؤثر في علاقات البلدين بصورة فعلية، لأن ((بلير)) حالياً لا يتسنم أي موقع رسمي في الحكومة البريطانية. وقال ((أبو شامة)) ل((المجهر السياسي))، أمس الأول، إن توتر العلاقات بين السودان وبريطانيا في عهد ((توني بلير)) كانت بسبب الشريعة الإسلامية وقضايا الإرهاب، منوهاً إلي أن ((بلير)) حينها كان تابعاً للرئيس الأمريكي السابق ((جورج بوش)) في حربه ضد الإرهاب، وهذا ما أدي للإطاحة به في نهاية المطاف. ويري ((أبو شامة)) أن حكومة الجنوب ربما سعت ل((بلير)) ليصبح مستشاراً لحكومتها، لأنها تبحث عن حلقة تربطها بالمجتمع الأوروبي على أعلي مستوياته. وأشارت الصحيفة أن ((بلير)) وسع إمبراطوريته الأفريقية إلي دولة جنوب السودان، التي لديها الآن مكاتب في بلدان أفريقية، هي سيراليون ورواندا وليبيريا وغينيا. وقال الرئيس التنفيذي للمؤسسة: (هذه لحظة حاسمة لجنوب السودان، هذا المشروع يطرح تحديات فريدة من نوعها، ونحن سعداء بتوجيه الدعوة لنا من قبل الرئيس سلفاكير لدعم حكومته). من جانبه، قال الصحفي البريطاني ((روبرت مينيدك)) في مقال له بعنوان (كيف يصنع ((بلير)) ثروته)، في صحيفة التلغراف، قال إن ((بلير)) منذ خروجه من دوانينغ ستريت في يونيو 2007م، أبرم عدداً من الصفقات المربحة التي أكسبته الملايين من الجنيهات، واصفاً إياه – أي بلير – ب(العلامة التجارية المزدهرة)، فهو مستشار لحكومات أجنبية – بعضها يقودها حكام طغاة، مدفوع الأجر بعض الأحيان، وغير مدفوع الأجر في أحياناً أخرى وأخرى مكرساً عمله لخدمة محنة الأفارقة. وينوه مينيدك إن ((بلير)) يتقاضي (3) ملايين جنية إسترليني سنوياً لتقديم المشورة لبك جي بي مورغان وبنك الاستثمار الأمريكي وشركة زيوريخ انترناشونال. وعلاوة على ذلك يدير ((بلير)) مؤسسته الاستشارية ( توني بلير وشركاؤه)، والتي تملك مكتباً في كازاخستان وآخر في الكويت، ووسع في الآونة الأخيرة نشاطاته في الصين، حيث أقام صداقات مع مسؤولي هيئة الاستثمار الصينية، التي تعتبر صندوق الثروة السيادية، وتملك محفظة استثمارية تحتوي على 256 مليار جنيه إسترليني (حوالي 412 مليار دولار)، منوهاً إلي أن أعمال ((بلير)) مزيج من الخلط بين الأعمال والسياسة والأعمال الخيرية، يديرها نظام معقد من الشركات، التي تدار من مكاتب فخمة وسط لندن. ويقول ((أبو شامة)) عن معظم الدبلوماسيين الغربيين عندما يغادرون مناصبهم يسعون لخلق وظائف تدر عليهم دخلاً، لكن في المقابل يرفض ((بلير)) بشدة أنه يعمل من أجل الحصول على المال، مشدداً على أنه يقتطع من وقته من أجل العمل الخيري. ومع ما ذهب إليه ((أبو شامة)) إلا أن ((بلير)) قد احتج على الاتهامات الموجه له بالسعي إلي تكوين الأموال. وقال في مقابلة مع محطة تلفزيونية هندية أنه لا يسعي من خلالها لإثراء نفسه، مؤكداً أنه إذا كان حقاً مهتماً فقط بالحصول على المال، فإنه لن يكرس الكثير من وقته للأعمال الخيرية والأنشطة غير مدفوعة أخرى. (أقضي ربما الثلثين من وقتي في النشاط المؤيد للمصلحة العامة، وأقضي على الأرجح أكبر قدر من وقتي على عملية السلام في الشرق الأوسط دون أجر). نقلاً عن صحيفة المجهر السياسي 18/7/2012م