بالرغم من تنبؤ الكثيرين بانهيار المفاوضات حول القضايا العالقة بين السودان والجنوب، إلا هناك أن جهداً كبيراً بذله الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي في إنجاح المفاوضات التي تكاد تكون حصيلتها الفشل لأكثر من مرة، وذلك بالقاء الضوء عليها بعد أن اعترتها العراقيل وحل بها ظلام دامس، غير أن جهود ثامبو أمبيكي لكي تنتهي بتوقيع الطرفين لم تكتمل بعد، إذ يشترط أن تتم تسوية تامة للملف الأمني ومن ثم التوصل لاتفاق مع الحركة الشعبية قطاع الشمال الذي أخذ حيزاً شغل الكثيرين على كل الأصعدة، والتي أظهرت تبايناً في المواقف بين الرفض والقبول للتفاوض مع قطاع الشمال، والحرص الشديد على إشراك أبناء المنطقتين في المفاوضات، فتمسك الحكومة بموقفها الرافض للتفاوض مع قطاع الشمال يؤكد لحد كبير عدم إحراز تقدم في الحوار مع قطاع الشمال، غير أن الوسيط الإفريقي يسعى لإنقاذ المفاوضات من الانهيار. وبحسب صحيفة «الصحافة» فإن ثامبو أمبيكي ينوي طرح مسودة اتفاق شامل على طرفي النزاع تتضمن الحلول المقترحة لقضايا الحدود وأبيي والنفط والترتيبات الأمنية وقضايا النيل الأزرق وجنوب كردفان والحركة الشعبية قطاع الشمال، إذ يرى مراقبون أن هذا الاتفاق أخطر بكثير من نيفاشا التي أدخلت البلاد في ما هي عليه الآن. واستبعد المراقبون موافقة الحكومة على هذه المقترحات التي تطرح خلال الجولة القادمة، فضلاً عن أن كثيراً من المراقبين يرون أن أمبيكي غير محايد بانحيازه لصالح دولة الجنوب، فقد تصدرت عناوين الصحف أن المسودة التي يزعم أمبيكي طرحها بشأن جنوب كردفان والنيل الأزرق ستنبني على الاتفاق السابق «نافع وعقار» الذي أبرم في نهاية يونيو من عام 2011م بالرغم من الرفض التام الذي قوبل به، والمراقب لهذا الأمر يرى أن ما ينوي أمبيكي القيام به يتزامن مع التوجيه الذي أصدره رئيس الجمهورية بعدم التوقيع على أي اتفاق لا يجد قبولاً من الشعب وقطاعاته المختلفة، وألا يتم التعجل والصبر على التفاوض لأمد طويل، ففي الوقت الذي يباشر فيه وفد التفاوض مهمته تحت الضغوط الغربية والإفريقية وتسليط مجلس الأمن الدولي السيف على رقبة الدولتين، يسعى أمبيكي جاهداً لإحداث اختراق في الملفات قبل أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقريره إلى مجلس الأمن في الثاني من سبتمبر المقبل، لاسيما أن مجلس الأمن سيحدد بموجب تقرير كي مون خريطة التعامل مع الخرطوم وجوبا بعد انقضاء المهلة. غير أن الخبير العسكري محمد بشير العباس يرى ألا يعطى قطاع الشمال حيزاً في التفاوض، مشيراً إلى أن مؤسسي قطاع الشمال هم أعداء السودان، وهم جزء من الحركة الشعبية، وذات العناصر المفاوضة في نيفاشا. ويمضي العباس في حديثه ل «الإنتباهة» قائلاً إنه يجب ألا تتاح الفرصة لأي حديث عما يسمى قطاع الشمال» مشيراً إلى أن أي حديث مثل ذلك سيؤدي إلى ما جاءت به نيفاشا، ويؤكد أن قطاع الشمال يمثل الطرف الذي يعبر ويساند ويعمل وفقاً لرؤية دولة جنوب السودان داخل السودان، لافتاً الانتباه إلى أنه يسعى لتنفيذ الأجندة التي يخطط لها الجنوب قبل نيفاشا، مما يؤثر على إدارة الصراع الذي تقوده حكومة الجنوب وقبلها الحركة بأجندة خارجية تسعى لتفتيت وحدة السودان، الأمر الذي فشلت فيه خلال الصراع الدائر بين الدولتين. نقلا عن صحيفة الانتباهة 15/8/2012