قالت حكومة ولاية النيل الأزرق أنها شرعت في اتخاذ إجراءات قضائية لملاحقة حاكم الولاية السابق مالك عقار إثر ورود تقرير مفصل من المراجع العام بالولاية يشير إلي تورط عقار في مخالفات ماليه جسيمة. نائب الوالي الحالي للولاية الدكتور آدم أبكر أبان في تصريحات صحفية أن تقرير المراجع العام حوي جملة مخالفات ماليه تورط فيها عقار تصل إلي ملايين الدولارات حول بعضها لمنفعته الشخصية وأودعها في حسابه الخاص، وحول البعض الآخر لمصلحة جيشه وتقويته لخوض الحرب ضد السلطة المركزية. وقال أبكر أن ما كشف عنه تقرير المراجع العام هو جزء من ملف فساد هائل تعتزم حكومته كشفه بكامله في غضون الأيام القليلة المقبلة. والواقع أن هذا التطور ذي المنحي الجنائي يكمن أن يقرأ في سياق مجري عادي لمسلك كل قادة ما يسمي بقطاع الشمال فقد ارتبطوا جميعهم بصوره أو بأخرى- إما بمخالفات ماليه كما هو الحال الآن بالنسبة لعقار أو مخالفات جنائية كما حدث من قبل- في ثمانينات القرن المنصرم- لياسر عرمان، أو أيضاً كما حدث للحلو في ولاية جنوب كردفان ومما لا شك فيه أن العديد من هؤلاء القادة لم يجدوا مهرباً من الملاحقة القضائية سوي الالتحاق بالتمرد، إذ أن الكل يعلم القصة الحقيقية المعروفة لالتحاق ياسر عرمان بحركة الراحل جون قرنق في منتصف الثمانينات حين حدثت ملابسات اغتيال أحد الطلاب بجامعة القاهرة فرع الخرطوم وقتها، وأتهم فيها عرمان ولكنه استطاع أن يهرب ويلتحق بمعسكرات الحركة الشعبية حينذاك ليزعم انه جاء من الخرطوم مناضلاً!! كان واضحا أن عرمان جاء مناضلاً (ضد ملاحقته قضائياً) ولم يكن له أدني خيار، وليس أدل علي ذلك من أن الفتى ذي التوجه الماركسي لم يجد مناصاً من أن يدور مع حركة قرنق مائة وثمانون درجه حين تحولت -لأغراض تكتيكيه- من الماركسية إلي المعسكر الغربي واستقرت في الحضن الأمريكي. واضطر عرمان وسعيا لحماية رقبته إلي اعتناق الراسماليه الغربية متحولا إلي مسمار في ماكينة الامبريالية الامريكية كما كان يحلو له أن يناديها في مواقفه الماركسية!!الآن عقار فعل ذات الشيء إذ انه وحالما تبين أن ميزانية الولاية ماضية نحو النفاذ وان تقرير المراجع العام لا محالة سوف يكشف عن ما وقع فيه من جرائم سارع علي الفور بحمل السلاح والانخراط في حرب غير مبرره ضد المركز! ولعل اغلي دليل لتأكيد هذه الحقيقة وان حرب عقار لم تكن مبرره ألبته انه وحين سبقه المتمرد الحلو بالتمرد في جنوب كردفان، بدا غير راضٍ، وسعي لاحتواء الازمه، وظهر عليه تردد واضح ومحاوله لحل المشكلة ولكنه في خاتمة المطاف كان يحس بوطأة الجرم الفادح القريب من الانكشاف، لذا ركب الموجه. ولعل الشيء الغريب حقاً أن عقار ومع كونه كان يدير ولاية بالغة الاهميه وشديدة الخصوصية ويزعم أنها تضم أهله وعشيرته إلا أنه وإمعاناً في خيانة أمانته، سلب أهله مال التنمية المخصص لتنمية الولاية،وهو مال- كما قال تقرير المراجع العام- يصل إلي ملايين الدولارات كانت كفيلة لو أن الرجل أخلص لأهله بتغيير واقعهم التنموي والخدمي إلي الأبد ليضع نفسه في سجل زعماء المنطقة. غير إن عقار أختار منفعته الشخصية وحسابه المليوني الخاص الذي يواجه به ملذاته وحاجاته الشخصية كما انه- للأسف الشديد- صرف جزءاً مقدراً منه في تقوية جيش لم يكن يتبع له بقدر ما كان يتبع لحكومة جنوب السودان التي يتلقي منها التعليمات والترقيات!! إن من يريد تلخيص أزمة ما يسمي بقطاع الشمال فعليه أن يراجع سيرة قادتها الذين اشتهروا بالجرائم الجنائية والمالية والتي ولفرط فقدانهم للرجولة لمواجهتها بشجاعة لجأوا إلي الفرار منها والاستعصام بمزاعم وإدعاءات عنترية لا أساس لها، فقد كان ثالثهم الحلو هو الآخر ذو سهم عال في القتل و الاغتيال، ما ترك منافساً له من أبناء النوبة وقادتها إلا و أزاحه عن الطريق وكانت ذروة مخالفاته الجسيمة تسببه شخصياً في اعتقال اللواء تلفون كوكو الذي ما يزال حبيساً لمعتقلات الحركة الشعبية في جوبا!!!