يصل البلاد اليوم الرئيس التشادي إدريس دبي، بعد سنوات من القطيعة والعداء بين الخرطوم وأنجمينا، وزيارته هذه في اطار الترتيبات وتطبيع العلاقات بين البلدين وازدياد وتيرة التحركات والاتصالات خلال الفترة الماضية لطي ملف الخلافات وحسم النقاط العالقة ومعالجة كل ملفات سوء التفاهم السوداني التشادي، وقد تعقدت العلاقة ولم تزل بسبب التورط التشادي في دارفور والدعم الذي تجده الحركات المسلحة والمساندة من انجمينا التي وصلت الى درجة مشاركة قوات من الجيش التشادي في معارك الحركات في دارفور أو الهجوم على أم درمان، فضلاً عن أن قيادات هذه الحركات تتحرك بجوازات تشادية وتنطلق من هناك، وتنسق الحكومة التشادية كل عمليات الدعم الغربي والاقليمي لتمردات دارفور. وظلت تشاد هي الداعم الاكبر في كل القارة الافريقية، لمؤامرة المحكمة الجنائية الدولية، ضد الرئيس عمر البشير ووصلت الى درجة اعلان الرئيس ادريس دبي نفسه، استعداده للتعاون مع المحكمة لتسليم البشير. صحيح أن جراح السياسة سرعان ما تندمل، ولا يمكن أن تنزف للابد، لكن العلاقة مع النظام الحالي في تشاد، علاقة محكوم عليها دائماً، بأنها علاقة خاسرة، وجرح غائر من الصعب مداواته وعلاجه. فنحن في السودان، لا نستطيع أن نثق كامل الثقة في تشاد، إن لم نر، افعالاً حقيقية لا أقوالاً، وأن تكف عن تدخلاتها في الشأن السوداني، وتلتزم بعلاقة حسن الجوار ومراعاة العلاقات التاريخية والوشائج الاجتماعية التي تربطها بنا، وتحترم السودان قيادة وشعباً، مثلما نحن نكن هذا الشعور لهم ونحترم ما يجمعنا والآخرين. اذا كان الرئيس البشير قد تواثق مع ادريس دبي داخل الكعبة المشرفة وابرم اتفاقاً برعاية خادم الحرمين الشريفين في أقدس وأطهر مكان، ولم يتم الالتزام به، مثلما فعل باتفاق طرابلس وسرت والدوحة وداكار!! فما الذي لدى دبي ليقوله ويفعله الآن في الخرطوم؟ مصلحة البلدين الجارين، هي معالجة اسباب التأزم والتوتر والبحث عن افق جديد للتعاون والتعايش، وهذا يتطلب صدقاً عميقاً وثقة كاملة، وهذا ما لا يتوفر الآن، على الأقل عند الجانب التشادي الغارق حتى أذنيه في قضية دارفور وصار احد اخطر مهدداتها، فجزاء السودان كان دائماً جزاء سنمار، فعندما ساعدنا في عودة الرموز المعارضة منذ عباس كوتي ومحمد نور وحسن الجنيدي واحمد صبيان وغيرهم، ظللنا نخدم السلطة الحاكمة في تشاد ونحل لها مشكلاتها ونعالج لها ازماتها، بينما هي تقابل الاحسان بالاساءة وتعض ايادينا كل يوم. اذا اردنا فتح صفحة جديدة، فعلينا أن نتعامل بجدية وحسم فإما ان تخرج قوات حركات دارفور، من الاراضي التشادية وتغلق انجمينا هذا الملف تماما وتتعاون معنا لاعادة الهدوء والسلام الى دارفور وتعود العلاقات الى ما كانت عليه في السابق منذ سحيق الحقب، أو نغلق نحن ملف الخداع المستمر وعدم الوفاء الذي تقابل به خطواتنا نحو جارتنا. نحن نعلم اي منزلق سارت فيه جحافل العداء ضدنا والتنسيق مع اسرائيل وفرنسا وامريكا ودول اقليمية لاضعاف السودان واسقاط نظامه، كل هذا قد ولى فإما أن يصدق معنا الناس أو لا أهلاً ولا مرحباً..!!! نقلاً عن صحيفة الانتباهة السودانية 8/2/2010م