يبدو أن العالم أصبح موعودا بمشاهدة عملية اختبار قوة بين الولاياتالمتحدة والصين. انه اختبار حاسم لأن نتيجته سوف تثبت أيا من القوتين تتفوق على الأخرى في ساحة النفوذ الدولي.. وبالتالي ما اذا كانت الولاياتالمتحدة لا تزال هي القوة العظمى الأولى في هذا العصر. العلاقة الآن بين القوتين هي في حالة توتر.. والأزمة الناشئة عن هذا التوتر تتصاعد. اندلعت الأزمة فور صدور اعلان من ادارة الرئيس أوباما بأن الولاياتالمتحدة قررت ابرام صفقة مع تايوان لتزويدها بأسلحة أميركية متقدمة بقيمة نحو ستة مليارات دولار. على الفور استشاطت بكين غضبا. ذلك أن تايوان في نظر مؤسسة الدولة الصينية اقليم تابع لجمهورية الصين الشعبية. ومن ثوابت السياسة الرسمية الصينية استعادة تايوان الى الوطن الأم. وما أعلن نبأ الصفقة حتى تحركت بكين قائلة إن الصفقة تضر بأمنها القومي. واستنادا الى ذلك قررت الحكومة الصينية فرض عقوبات على شركات الأسلحة الأميركية الضالعة في الصفقة. على هذا الموقف الصيني ردت الادارة الأميركية بحزم قائلة إن واشنطن تعتزم الوفاء بالتزامها «لضمان تمتع تايوان بالقدرة اللازمة للدفاع عن النفس». والسؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: ما المغزى السياسي للصفقة الأميركية.. والى أي مدى يمكن أن تصمد ادارة أوباما على موقفها الحازم؟ يجمع المحللون الأميركيون على أن الادارة الأميركية أرادت للصفقة أن تكون اجراء «تأديبيا» للصين لمعاقبة بكين على موقفها الرافض للتوجه الأميركي في مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات متشددة على ايران في اطار التحرش الأميركي بالبرنامج النووي الإيراني. معنى ذلك أن الحسابات الأميركية بنيت على أساس أن الصين سترضخ لضغوط واشنطن فتسارع الى دعم الموقف الأميركي نحو طهران. لكن ماذا لو تصلبت الصين في موقفها؟ سيكون الوضع حينئذ قابلا لتصعيد وتصعيد مضاد. هنا يكمن اختبار القوة.. ويبدو أن الولاياتالمتحدة هي الطرف المرشح للتراجع. لماذا؟ هناك شاهد التاريخ وشاهد الحاضر. تاريخيا تراجعت أميركا فاعترفت بجمهورية الصين الشعبية في عام 1972 بعد ما يقارب ربع قرن من القطيعة والحصار. أما في الحاضر فإنه بينما تتقدم الصين حثيثا لتحتل مكانة القوة الاقتصادية الأولى في العالم فإن الاقتصاد الأميركي يتدهور داخليا وعالميا. ويكفي أن الصين أصبحت الآن أكبر دائن لأميركا بقيمة تناهز 11 ترليون دولار. المصدر: الوطن القطرية 9/2/2010