أين الدرديري محمد أحمد من ملف التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية حول أبيي؟ * الأستاذ الدرديري محمد أحمد عرفته أول مرة والتقيته وجهاً لوجه بنيروبي عام 1997م وكان يتولي منصب القائم بالأعمال بالسفارة السودانية بنيروبي ولقد انتبهنا منذ ذلك الوقت لحركته الديناميكية والدؤوبة في أروقة المفاوضات وأصبح بفضل ذلك المجهود الدبلوماسي الرفيع والهمة العالية والوطنية الصادقة عضواً دائماً بوفد المفاوضات ومقرراً للجانب الحكومي بنيفاشا حتى التوقيع على اتفاقية السلام وتابع تنفيذها بكل همة وإقتدار واوكل له حزبه – حزب المؤتمر الوطني رئاسة ملف أبيي ولقد سعدنا بمنبر (أخبار اليوم) الدوري في استضافته والسيد باقان أموم لأكثر من أربع ساعات حول قضية أبيي. * ولقد لاحظنا في الآونة الأخيرة اختفاء الأستاذ الدرديري محمد أحمد من المسرح السياسي بل غيابه حتى من مفاوضات أديس أبابا الحالية حول أبيي وثارت الكثير من التساؤلات حول هذا الغياب. * وقد علمت أن السيد الدرديري كان خارج البلاد وعاد قبل أيام وقد اتصلت به هاتفياً ودار بيني وبينه الحوار التالي والذي يجب على سؤال نقطة نظام اليوم: س: مرحباً بك في الخرطوم بعد طول غياب .. فهل نتوقع أن تلتحق قريباً بوفد المفاوضات؟ ج: شكراً على الاتصال والسؤال. تعلمون أنني كنت أتولي التفاوض في ملف أبيي، والمعروف أن التفاوض حول هذا الملف قد انتهي في 20 يونيو 2011م ومن ثم فإنه ليس هناك ما يستدعي التحاقي بفريق التفاوض الذي أدعو له بالتوفيق والسداد. س: بعد انقضاء الأجل المضروب للاستفتاء حول أبيي دون إن يجري، سعت الحركة الشعبية لضم أبيي للجنوب بقرار إداري حتى تنفصل أبيي مع الجنوب في 9 يوليو 2011م وبسطت سيطرتها الميدانية على المنطقة تمهيداً لذلك. بعد طرد قوات الحركة من أبيي تم تعزيز ذلك النصر العسكري بانتصار سياسي تمثل في توقيع اتفاقية 20 يونيو 2011م التي تضمنت خمس نقاط هامة هي: أن أبيي شمالية وتظل كذلك وفقاً لحدود عام 1956م ما لم يتم الاتفاق على إنهاء الوضع الراهن. أن تدار المنطقة إدارة مشتركة مناصفة بين المسيرية والدينكا. إن تنشر في المنطقة قوة أثيوبية لحفظ السلام. أن تكون في المنطقة شرطة مشتركة بين المسيرية والدينكا. أن لا يفتح التفاوض مجدداً حول الوضع النهائي لأبيي إلا بناءاً على طلب مشترك يتقدم بها رئيسا السودان وجنوب السودان للاتحاد الأفريقي. بسبب هذه الاتفاقية انفصل جنوب السودان بخريطة لا تتضمن أبيي وبسببها تكونت فيها الآلية الإشرافية المشتركة وبسببها انتهي التفاوض في أبيي اللهم إلا إذا ما قرر رئيسا البلدين فتحه مجدداً وهذا مستبعد. س: ولماذا لم تشارك أنت شخصياً في تنفيذ هذه الاتفاقية؟ ج: بمجرد تقدم الوسطاء بمقترح الاتفاقية، وأذكر منهم بالخير الرئيس الأثيوبي الراحل ملس زناوي، وكان ذلك في 17 يونيو 2011م، رجعت للخرطوم في فجر 17 يونيو للالتقاء بالأخ الرئيس وأخذ قراره حولها. وبعد قبوله بها طلبت منه في ذات الجلسة إعفائي من الملف الذي ظللت أتولاه لمدة وذلك بسبب إنتهاء التفاوض حوله بتلك الاتفاقية. كذلك سقت سبباً آخر لإعفائي هو أن انتقالي للعمل في الإدارة المشتركة للمنطقة سوف يعطي رسالة خاطئة للطرف الآخر مفادها أنه يمكن فتح التفاوض حول أبيي مجدداً وربما يدفعهم ذلك لتعيين دينق ألور، نظيري وغريمي التاريخي، ليكون رئيساً مشتركاً لإدارة المنطقة الأمر الذي كان سيجدد المواجهة فيها. ومن ثم فقد رأي الأخ الرئيس وجاهة طلبي، وكلف الأخ عمر سليمان ثم الأخ الخير ألفهيم بتولي إدارة المنطقة. وأنا أثق تماماً في الأخ الخير وطاقمه وهم على قدر من التحدي وزيادة. س: كنت أظن أن غريمك هو باقان أموم الذي شهدت هذه الصحيفة مواجهات ساخنة لك معه أثناء الفترة الانتقالية؟ ج: بكل اكتوينا إلا أن المواجهة المستمرة على مدي اثني عشر عاماً كانت مع دينق ألور. س: المعيار الأساسي لنجاح اتفاقية 20 ينويو هو اعتراف الجنوب بشمالية أبيي وبقاء أبيي مستقرة، وهذا ما تحقق بنسبة 100%. فأبيي الآن حرم آمن يتخطف الناس من حوله. وتدور المعارك في هجليج وجنوب كردفان وبحر الغزال ولا تدور في ابيي. والناس اليوم يختلفون حول منطقة سماحة والميل 14 ولكنهم لا يختلفون حول منطقة أبيي أو تبعيتها. وقد حدثني الأخ الخير ألفهيم والأمير محمدي الدودو أثناء زيارتهم لي بالمنزل بعد عودتي أن العرب الرحل تمكنوا هذا العام بفضل الاستقرار في ابيي من التوغل جنوباً في فترة الصيف لمناطق لم يصلوها لأكثر من عشرين عاماً. وكما هو معروف فإن الصيف الماضي كان هو أول صيف ينقضي دون أي مواجهات مسلحة في أبيي منذ سنوات. س: إذا جاز لي أن أسأل، أين كانت هذه الغيبة الطويلة؟ ج: حصلت في وقت سابق على درجة الماجستير في القانون من جامعة أكسفورد وشرعت مؤخراً في التحضير للدكتوراه. وبعد إعفائي من الملف تسني لي إن انقطع للدراسة والبحث لمدة أربعة أشهر ببريطانيا وربما أعود لها قريباً. ومن المؤمل أن أفرغ في مطلع العام القادم وأقدم أطروحتي للمناقشة. س: وما هو مجال الدراسة؟ ج: كانت الماجستير في قانون حقوق الإنسان والدكتوراه في القانون الدولي. س: ثم ماذا بعد؟ ج: كنت ولا أزال أزاول العمل في مكتبي للمحاماة. س: ثم ماذا بعد؟ ج: استمر في مكتبي وأتمثل قوله تعالي (فإذا فرغت فانصب وإلي ربك فارغب). نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم 11/9/2012م