ليس من المبالغة الاعتقاد أن دعوة وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي ايهود باراك حكومة بلاده إلى دراسة خطة انفصال أحادية الجانب عن الضفة الغربية، وحديثه عن فكرة الدولة الفلسطينية في ضبابيتها يرتبط أكثر شيء بفكرة الحفاظ على الدولة اليهودية، من جهة وفكرة الانفصال عن الفلسطينيين إلى ناحية تحصين أسوار الدولة اليهودية من جهة أخرى والهروب من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية. باراك هنا يتحدث عن خطة تقضي باحتفاظ إسرائيل بالسيطرة على مناطق في الضفة تطل على مناطق هامة للجيش الإسرائيلي، وضمان وجود عسكري إسرائيلي على طول غور الأردن. بيد أن خطة ايهود باراك تذكرنا بخطة أريئيل شارون للانفصال عن قطاع غزة حيث إنهما لم تولدا من فراغ، وليس من منطلق الميل إلى تأييد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة، وإنما بتأثير دوافع محدّدة يستحيل التغاضي عنها، وفي صلبها أن خطط الانفصال هذه هدفها سدّ الطريق على أية تسوية نهائية للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية. مبادرة الانفصال هذه بالتأكيد هدفها كما ذكرنا الحاجة إلى دولة يهودية شبه نقية من العرب وتأتي في خانة تقليد صهيوني عريق في سيرورة النزاع، تمثل في تحويل الجغرافيا إلى وسيلة لخدمة غايات الديمغرافيا. هدف من أهداف باراك المعلنة من خطته هذه مساعدة إسرائيل ليس أمام الفلسطينيين فقط وإنما أمام دول المنطقة والأوروبيين والإدارة الأميركية، والدفع بدولة فلسطينية وتفصيلها حسب المقاسات الاسرائيلية، إلا انه يمكننا القول إن الهدف الحقيقي من ورائها التخلص من العبء الأخلاقي والسياسي والاقتصادي الذي يحاول فرض الحلول على إسرائيل أو تدويل المسألة الفلسطينية. حيث إن الذي سيجري إذا ما حدث ليس انسحاباً بالمعنى العسكري للكلمة والذي يعني ترك الجيوش المحتلة لأراض سلبت بالقوة، فالانسحاب كمصطلح سياسي وقانوني يعني انتهاء الاحتلال والسيطرة والتحكم بالأرض والسكان، وهذا ما لن يحدث مثلما شهدنا في قطاع غزة لأن إسرائيل ستحتفظ بقدرتها على ممارسة السلطة على الضفة الفلسطينية وستبقى تسيطر على الحدود وعلى السماء. يمكن القول في النهاية انه اذا ما تفاعلت خطة باراك حول الانفصال في الاوساط الاسرائيلية وحول صورة الدولة الفلسطينية فلنتركه نقاش صهيوني- داخلي صرف، لا ينبغي به أن يذرّ الرماد في عيون الفلسطينيين، الحالمين بدولتهم المستقلة التي نصّت عليها قرارات الشرعية الدولية. المصدر: البيان 25/9/2012م