لن نكف عن الدعوة لسلام مستدام في السودان يعالج بؤر التوتر الموجودة الآن بالتي هي أحسن وعبر الحل السياسي، ولن تفزعنا (كاتيوشا) التخوين التي يصوبها البعض تجاه أقلام تحلم بان يكون سوداننا آمناً مستقراً. من غير المنطق أن ندق طبول الحرب بينما نحن متكئين على الأرائك في الخرطوم تغمرنا نعم الحياة وترفها من كل جانب، ومن الخطل أن نعتمد الحرب بضاعة نروج لها وتتعزز مكاسبنا الخاصة كلما أوقدنا لها ناراً في جنوب كردفان أو دارفور أو النيل الأزرق. توقعت أن تخرج علينا صرخات الشماتة بعد هجوم كادقلي، وان يحاول البعض استغلال الحدث للانقضاض علي اتفاق التعاون المشترك مع الجنوب على خلفية الهجوم الذي تعرضت له المدينة بالتزامن مع (ملتقي كادوقلي حول قضايا السلام)، وللأسف هذا ما حدث فلقد أحبطتنا والله الأصوات التي تتلذذ بالحرب لا لشيء سوي تحريك بضاعة أفكارها الكاسدة، والتدليل على أن كل ما تم في أديس أبابا كان محض خدعة تعرضت لها قيادة السودان وهي تبحث عن مستقبل آمن لشعبها الصابر. لو كانوا يفقهون لاعتبروا أن الرصاصة الأخيرة التي خرجت عبر صواريخ (الكاتيوشا) كانت تطوراً متوقعاً منذ أن تم التوقيع على اتفاقيات التعاون مع الجنوب، ولا ستحسنوا الاتفاق لأن نتائجه المتوقعة تشير إلى (فرفرة) قطاع الشمال تحت وطأة (فك الارتباط) المتفق عليه في أديس أبابا، وهي (فرفرة) تتبدي في مثل ما حدث بكادوقلي. أسوأ ما في خطاب الرافضين للاتفاق احتكارهم للوطنية، وإحساسهم بأنهم يمتلكون القلم الأحمر لتصحيح كل ما يفعله غيرهم ابتداءاً من رئيس الجمهورية وحتى آخر شخص في سلم المسؤولية بالسودان، مروراً بالطبع بالكتاب والصحفيين الذين يحق لهم أن يدلوا برأيهم دون إن يتهموا بالتخوين والانبطاح. ليست هناك خيانة سادتي في اتفاق أديس، ولا أعتقد أن بإمكان أحد المزايدة على وطنية الرئيس عمر البشير الذي قاد عملية تفاوضية شاقة وحكيمة انتهت باتفاقيات مهمة التف حولها الناس وانصرفوا عن الأصوات التي تحاول فضحها عبر المقالات النارية والملصقات المنصوبة في الشوارع، كيف يوقع رئيس البلد على اتفاقيات ثم تأتي الأصوات الانفصالية لتعريتها في الشارع العام بكل هذا التخويف والتهويل والطعن في وطنية قيادات الدولة وهي تسعي وتحاول إرساء علاقة آمنة مع دولة جارة رضينا أم أبينا، للأسف هذا لا يحدث إلا في السودان. الدولة ظلت تقاتل وتفاوض، ولن يمنعها اتفاق أديس من رد الصاع صاعين علي كل من يحاول العبث بمقدرات الوطن وأمنه في جنوب كردفان أو أي مكان، ولكن لا أعتقد أن الفرح بالحرب يمكن أن يكون منهجا يبني وطناً تلتهب أطرافه بخطاب يتودد الي المعارك ويتفنن في إشعالها بطريقة فيها قدر كبير من التلذذ والشماتة، وللأسف يحدث هذا من جهات تمارس الاتكاء على الأرائك في الخرطوم وتحرض الآخرين على القتال في أطراف السودان الملتهبة. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 10/1/2012م