يمكن اعتبار السيد الصادق المهدي مرشح حزب الأمة القومي الرئاسي هو الوحيد الآن من بين عدد من قادة القوى السياسية المعارضة الذي نفى تلقى حزبه لدعم مالي أجنبي!!، ولعل الأمر المستغرب هنا أن المهدي اكتفى فقط بالنفي رغم أنه قال في سياق حديثه أن الاتهام معيب ومشين ويمثل اشانة لسمعة الحزب!! فإذا كان الرجل وهو زعيم حزب وامام للأنصار ويعتقد أن هذه التهمة ليست صحيحة ويعتبرها اشانة لسمعته وسمعة الحزب، لماذا اذن لم يقم بتقديم دعوي جنائية بهذا المعنى ضد الجهة التي أوردت الاتهام وهي جهة شريكة في ملتقى جوبا و(عالمة بالأسرار وما تحت الثرى السياسي)، ذلك أن قضية التمويل المالي الأجنبي ظهرت أول ما ظهرت على لسان الناطق الرسمي باسم حزب البعث قطر السودان، وكررها الرجل وأضاف معها دعوات تلقاها من السفارة الامريكية، كانت في البدء جماعية ثم تم تغييرها للقاءات ثنائية! فلماذا اذن لم تقم أحزاب جوبا جميعها بمحاسبة رفقائهم في حزب البعث ومقاضاتهم على هذه الفرية ان كانت حقاً مجرد فرية واتهامات باطلة؟ ولماذا انفرد المهدي وحده لنفى التهمة عن حزبه مع أنه تجمعه (وشائج سياسية) بملتقى جوبا الذي يضم عدداً من القوى السياسية لأن من غير المنطقي أن ينفي المهدي التهمة عن حزبه، وربما تصح لدى قوى أخرى معهم في ملتقى جوبا فهو بهذا الموقف (ساكت عن حق) أو متستر على أمر مشين لا يليق بقائد سياسي التستر عليه. لقد كان واضحاً أن السيد الصادق يستهزأ ويستهين بالاتهام مع أنه اتهام بالغ الخطورة، وليت الرجل الذي عُرف بالصراحة تحلّى بذات هذه الصراحة وهو يخاطب الناخبين ومن يعتقد أنهم يؤيدونه ويحدثهم عن مصادر تمويل حزبه (بالتفصيل) لكي تطمئن قلوبهم!، لقد اكتفى المهدي بالحديث عن التمويل الذاتي للحملة الانتخابية مع أن كل متابع لشأن الحزب طوال الاعوام المنصرمة يلحظ شح المال لدى الحزب لدرجة أن مقاتلي الحزب من الشباب الذين قاتلوا في صفوفه أيام مقاتلته لحكومة الانقاذ في تسعينات القرن المنصرم ظلوا ولما يقارب العشرة أعوام يطالبون الحزب بحل مشاكلهم ودعمهم وكانت قضيتهم والى وقت قريب ساخنة وملتهبة وصلت مرحلة الاعتصام والاضراب عن الطعام واحتلال دار الحزب!! ولم يجد الحزب حلاً للمأساة، واضطر رئيس مجلس شؤون الاحزاب بمبادرة منه لاقناع المعتصمين المغبونين بالتخلي عن الاعتصام والضغط على الحزب، ومن المؤكد أن لدى هؤلاء الفتية (معلومات) عن أموال الحزب وما اذا كان لديه تمويل خارجي أو محلي فكيف اذن ينفي المهدي الدعم الخارجي ويتحدث عن تمويل ذاتي ويتحدث عن شح المال؟! انها مجموعة متناقضات اشتهر بها المهدي طوال تاريخه السياسي لا يعرف لها أحد نهاية أو مآل!!