قام رئيس وزراء تركيا المخضرم، رجب طيب أردوغان، مؤخراً بجولة في إفريقيا، وشمل الوفد الموافق له 300 من كبار رجال الأعمال من بلاده التي تنمو بسرعة، والمتعطشة لصفقات التشييد والطاقة والتعدين والزراعة في الغابون والنيجر والسنغال، وهي الدول التي زارها أردوغان. وقد عكس الوفد الكبير كيف أصبحت تركيا لاعباً عالمياً في السنوات الحديثة، وأكدت أيضاً أهمية إفريقيا في النظام العالمي الجديد، وهذا هو السبب وراء افتتاح تركيا 19 سفارة في جميع أنحاء القارة خلال 3 سنوات، مما ساعدها في تعزيز التجارة مع إفريقيا جنوب الصحراء، عشرات الأضعاف خلال نحو عقد واحد. وتركيا بعيدة عن أن تكون وحيدة، حيث تقود الصين المسيرة وتثير جدلًا كبيراً، وتتبعها البرازيل والهند وماليزيا والمكسيك وكوريا الجنوبية، وهي دول ليس لها ماض استعماري، وتنظر إلى القارة الإفريقية كأرض للفرص. بخلاف ذلك، أغلقت بريطانيا بعض المقار الدبلوماسية، بحيث أصبح الحصول على تأشيرة لزيارة بريطانيا بالنسبة للأفارقة السود، مستنقعاً بيروقراطياً مكلفاً. وبينما تعاني بريطانيا في علاقتها بأوروبا وتتخبط في بحثها عن النمو، فإنها تخسر في سباقها نحو التجارة. فقبل قرن مضى، كانت بريطانيا تتسيد أكبر شريط في إفريقيا جنوب الصحراء، واليوم أصبحت أقل أهمية، ليس من الصين والهند فحسب، بل من ألمانيا وفرنسا وحتى هولندا. والنتيجة هي نظرة ضعيفة لهذه القارة الضخمة والغنية والمتنوعة بشكل مذهل، فهي بالنسبة لهم تظل "القارة السوداء" المليئة بمستنقعات الخوف والمشكلات المتفاقمة. وقد أظهرت دراسة لإحدى المدن، أن إمكانات المستثمرين البريطانيين سلبية وبشكل كبير تجاه القارة الإفريقية، بينما أولئك الذين يقومون بأعمال تجارية فيها متفائلون وبشكل كبير. ولا يقتصر الأمر على التقدم في السلام والازدهار، والتحضر السريع، وتراجع معدل وفيات الأطفال، ومستويات النمو في كافة القطاعات. بل هو كذلك عن المستثمرين النيجيريين الذين يشترون أصولًا في بريطانيا، والشباب الأوروبيين الذين يبحثون عن العمل في الجزائر وأنغولا، والشركات الأميركية التي تسعى إلى الاختراعات التقنية في غانا وكينيا، بينما كشفت دراسة أن التحويلات تتدفق حاليا من إفريقيا إلى أوروبا. إن العالم يتغير بسرعة، وتحتاج بريطانيا إلى أن تنحي افتراضاتها المتعجرفة جانباً، وتنخرط مع الواقع الحديث، وإلا فإنه سيتم إيجاد الخاسرين في مدن بريطانية كلندن وليستر وليفربول، وليس في تلك المدن الإفريقية التي تتسابق نحو المستقبل. المصدر: البيان 22/1/2012م