جولة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى غرب افريقيا والتي جاءت تحت عنوانين عريضين هما التجارة والدبلوماسية لم تخلُ من كونها سانحة لإحياء النفوذ التركي في افريقيا،وتسعى تركيا بعد ان تصاعد حضورها اقليميا في الشرق الاوسط الى بسط نفوذها الاقتصادي والسياسي على القارة الإفريقية ، واختار اردوغان مداخل مختلفة في التعاطي مع الشأن الافريقي عندما صرح بان بلاده لا تنظر إلى أفريقيا ، مثل البلاد الأخرى ، التي تنظر إليها على أنها مجرد مناجم ألماس وذهب ومعادن وثروات طبيعية ، وإنما تنظر تركيا إلى أفريقيا على أنها قارة ذات تاريخ مشترك ، وتربطها بها علاقة صداقة وإخوة .. وأضاف «أردوغان»، في تصريحات نقلتها صحيفة «حريت»، أن التاريخ سيحاسب كل من جاءوا إلى أفريقيا ، ونهبوا ألماسها وذهبها وثرواتها الباطنية ، ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا أهلها عبيداً ، تاركين أهلها في فقر . وأعرب رئيس الوزراء التركي عن أمله بإعادة إحياء علاقة الصداقة والإخوة بين بلاده وأفريقيا ، مضيفا أن العلاقات المتطورة بسرعة بين تركيا وأفريقيا ، دفعت تركيا إلى زيادة عدد البعثات الدبلوماسية التركية في قارة أفريقيا بشكل عام ، موضحا أن عدد السفارات التركية في أفريقيا بلغ 31 سفارة وستفتح ثلاث سفارات جديدة في إفريقيا في الشهور القادمة ، ليرتفع إجمالي عدد سفاراتها بالقارة إلى 34 ،ووسعت الخطوط الجوية التركية المملوكة بنسبة 49% للدولة، والتي تعد أيضاً أداة ?للقوة الناعمة? الدبلوماسية، وسعت شبكتها سريعاً في إفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية ، حيث تسير رحلات إلى 33 وجهة ، وفتحت مسارات إلى بوركينا فاسو والكاميرون والنيجر في الشهر الماضي وحده. ولتأكيد ذلك النفوذ عرضت تركيا خدماتها الحربية في ازمة مالي حيث قال اردوغان من النيجير ثاني محطات جولته الافريقية انه يأمل في الحل السياسي للازمة في باماكو ، ويعتبر التدخل العسكري (العلاج الأخير) لاقتلاع جذور الجماعات المسلحة، وأعرب عن امله في حل «سريع» للازمة في مالي ، داعيا، وإنما كعلاج اخير ، الى عمل عسكري قد «تتعاون» فيه تركيا. وقال اردوغان «نريد بالفعل ايجاد حل لهذه المشكلة في اسرع وقت»، مشيرا الى انه «بحث مطولا» احتلال شمال مالي من قبل مجموعات اسلامية مسلحة منذ قرابة عام، مع الرئيس النيجري محمدو يوسفو.وأضاف اردوغان في مؤتمر صحافي في نيامي «سيكون من المفضل طبعا التمكن من حل المشكلة عبر الطرق الدبلوماسية اذا كان ذلك ممكنا. وإذا لم يكن ممكنا، فان تدخلا (عسكريا) لا يمكن ان يكون سوى العلاج الاخير».وأكد رئيس الوزراء التركي الذي ترجمت تصريحاته الى الفرنسية، ان بلاده ستقدم دعما في حال تدخل عسكري دولي في شمال مالي وقال اردوغان «سنرى كيف يمكننا التعاون ان كان هناك تدخل (عسكري)، وبأية وسيلة وتحت اي شكل، المهم هو وجوب ايجاد حل لمساعدة الشعب المالي».وأضاف ان «عملية خارجية في شمال مالي موضوع حساس جدا. اما في الملف الاقتصادي فقد اعلن أردوغان ان بلاده تهدف لزيادة حجم تجارتها مع إفريقيا بأكثر من مثليها إلى 50 مليار دولار خلال العامين المقبلين، وتعزيز وجودها الدبلوماسي سريع النمو في القارة. وقال أردوغان في ليبرفيل عاصمة الجابون، أولى محطات جولته الافريقية : إن الشركات التركية من شركات النقل والبناء إلى الطاقة والسياحة حريصة على زيادة أعمالها في أنحاء القارة. وأضاف في كلمة أمام زعماء أعمال من تركيا والجابون ?حجم التجارة الذي تستهدفه تركيا (مع إفريقيا) في 2015 هو 50 مليار دولار ، ونحن عازمون على الوصول لهذا الهدف?. وبلغ حجم التجارة التركية مع إفريقيا 17,7 مليار دولار في الشهور الاحدى عشر الأولى من 2012. وبلغت صادراتها للقارة في تلك الفترة 12,2 مليار دولار، وهي أكثر بخمس مرات من مستواها قبل نحو عشر سنوات.. وزادت تركيا بسرعة وجودها التجاري والدبلوماسي في إفريقيا سيراً على خطى كل من الصين والهند والبرازيل ، مع سعي الشركات التركية لتنويع مناطق عملها، بعيداً عن التباطؤ في أسواقها التصديرية التقليدية في أوروبا. وسارت الدبلوماسية والتجارة جنباً إلى جنب ونشرت صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية تقريرا مكثفا عن سعي تركيا لتعزيز نفوذها في افريقيا جنوب الصحراء.ويقول التقرير ان سعي تركيا لتنويع اقتصادها بعيدا عن اوروبا ولاحتلال مكانة على الساحة الدولية يدفعها للبحث ليس فقط عن مجرد اسواق لصادراتها.وفي مقابلة مع الفاينانشيال تايمز وضع محافظ البنك المركزي التركي افريقيا مع الشرق الاوسط وروسيا كمجموعة نهمة للاستيراد بما يمكن ان يساعد تركيا على تنويع اسواقها خارج اوروبا.