اللقاء الذي يجمع بين الصهرين (الترابي – الصادق) الأسبوع الماضي برعاية المرشح الرئاسي السابق والرئيس السابق لمنظمة الملكية الفكرية د. كامل إدريس حسب ما حملت الأخبار أمس، لم يكن الأول بين الرجلين وبرعاية ذات الرجل، فأواخر العام 1998م شهد لقاءً مماثلاً بين حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الوطني الحاكم حينها ورئيس البرلمان، والزعيم الأبرز في التجمع الوطني المعارض وقتئذ الصادق المهدي في مدينة جنيف السويسرية. هذه المرة يلتقي الرجلان في الخرطوم والحال قد تغير بأن صار الترابي من ألد خصوم الحكومة وحزبها الحاكم، وغن بقي المهدي معارضاً موثوفاً بأنه المعارض الأقرب إلى أهل النظام، وتشير تفاصيل الخبر إلي إن اللقاء هدف لإزالة سوء التفاهم بين (الزعيمين) في سبيل دعم تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض، وحوي الخبر حديثاً منسوباً للمهدي يعبر فيه عن رغبته في التنسيق والتقارب بين حزبه والشعبي، واتفق الحزبان وفق هذه المعطيات على مناقشة التحالف الثنائي بينهما وأمنا على تكوين لجنة تضم أعضاء من المكتب السياسي لكل حزب، وإن كان الخبر عند بعض الصحف ينحو نحو إيراد اللقاء كونه ترتيب للانقلاب على أحزاب المعارضة أهمية اللقاء تنبع من طبيعة العلاقة بين ضيفي د. كامل فبحر العلاقة بين الترابي وصهره المهدي لا يصفو قليلاً إلا لتسوده أمواج متلاطمة من الخلافات غالباً ما تستدعي التاريخ القريب منه والبعيد، فمنذ النضال ضد الحكم المايوي استحكم فقدان الثقة المتبادل بين ((الندين التقليديين)) وتبادل الرجلان تهم نقض العهود والتحالفات مخلفة قطيعة بين حزبيهما عقب المصالحة مع نظام نميري التي بدأها الصادق وأكملها الترابي متشاركاً في حكومة النميري، واستحكم العداء بين الصادق وزوج شقيقته عقب قيادة الأخير في العام 1989م انقلاباً أطاح بالحكومة التي كان يترأسها المهدي. ولم تنته هذه الحالة من الخصومة. وإن خفت غلواؤها قليلاً. حتى بعد خروج الترابي من الحكومة التي كان عرابها الأول وانخراطه في الركب المعارض، فكانت خلافات الرجلين وحزبيهما هي دليلاً دائماً ما تسوقه الحكومة لإثبات تفرق جمع المعارضة وعدم مقدرتها على التوحد، ولا شك أن هذا (العشم الحكومي) مرده أن الرجلين هما القائدين الفعليين للمعارضة بما يملكانه من مقدرات شخصية ولقيادتهما الحزبين الأكبر قاعدة جماهيرية والأكثر تنظيماً بين تحالف المعارضة. بين الانقلاب وصون عهد التحالف:- البعض وصف اللقاء بالانقلاب على المعارضة باعتباره تم بعيداً عن أعين قيادة تحالف قوي الإجماع ودون تنسيق معها، خاصة وأن حزبي الأمة، والمؤتمر الشعبي، يعتبران الحزبين الوحيدين صاحبي الخلفية الإسلامية. باستثناء القادم الجديد حزب الوسط الإسلامي بزعامة يوسف الكودة. وسط خضم من الأحزاب الليبرالية والعلمانية، وفي البال ما أحدثته وثقة (الفجر الجديد) من ربكة وهزة وسط المعارضة بما حوته من حديث عن فصل الدين عن الدولة، إلا أن القيادي في الحزب الشيوعي. أحد أبرز أحزاب التحالف. يوسف حسين نفي بشدة تأثير اللقاء على وحدة المعارضة، مستنكراً وصفه بالانقلاب واعتبر أن من حق أي حزبين في التحالف عقد لقاءات ثنائية ماداما ملتزمين بمبادئ وأسس التحالف، وقال ل(الأهرام اليوم) كل أحزاب المعارضة ملتزمة بميثاق البديل الديمقراطي ولكن كل حزب لديه استقلاليته لأن التحالف الجبهوي لا يمنع اللقاءات الثنائية، ومضي حسين للتأكيد على العكس تماماً بأن اللقاء دفعة قوية لعمل التحالف المعارض)) لكنه استثني سلوكاً واحداً اعتبره خطاً أحمر لا يمكن لأي حزب تجاوزه بداعي الاستقلالية وهو التفاوض مع السلطة وقال ((لا يمكن لحزب منضوي تحت مظلة تحالف المعارضة التفاوض مع السلطة بدون تفويض من التحالف)) وشدد القيادي الشيوعي على ثقته في تمسك الصادق بالتحالف وعمله على تقويته. الدكتور آدم محمد أحمد المحلل السياسي والعميد السابق لكلية الدراسات السياسية والإستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري اتجه نحو ذات التأكيد على أن اللقاء لا يمثل انقلاباً أو خروجاً على تحالف المعارضة، ولكن بتفسيرات مختلفة عن ما ساقها يوسف حسين، إذ أنه. رغم تأكيده على أن الحزبين هما الأكبر والأكثر جماهيرية وسط المعارضة. يعتبر أن الشعبي والأمة أضعف من أن يكون لهما تأثير بمعزل عن بقية قوى المعارضة، لكن د. آدم في ذات الوقت ينبه إلي أن حزب الأمة لم يخل من محاولات لخلق خط منفصل عن قوى الإجماع، وأنه ربما يسعي لاستقطاب الشعبي لهذا الاتجاه، إلا أنه يستبعد نجاح هذا التوجه لما عده ضعفاً بائناً يمنع الحزبين من تحقيق أي إنجاز بعيداً عن التحالف. نقلاً عن صحيفة الأهرام اليوم 29/1/2012م