فى معرض تناولي لما دار فى سمنار( التحديات إزاء تطبيق القانون الدولي) الذى انعقد فى لاهاي خلال الفترة من 17 الى 23 يناير 2010 و لما كنت اختتمت الحلقة الماضية بافادات صريحة فى حق الشأن السوداني السياسي و القانوني ، كان قد صدر على لسان الخبيرة القانونية العالمية الشهيرة البروفسير باولا قايتا ، المحاضر بكلية الحقوق جامعة جنيف (فضلاً عن اشرافها على كل الدراسات العليا فى القانون الجنائي الدولية التى ترد الى تلك الجامعة العريقة) ..وصلاً لذلك السرد عن ما دار فى ذلك السنمار أتناول فى هذه الحلقة ما أوردته السيدة فاتو بن سودا نائبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية و التى أكد حضورها ذلك السنمار و متابعتها مداولاته ان جهاز المدعي العام فى المحكمة الجنائيةالدولية يحرص على وجوده دائما ًفى كافة المحافل الدولية ، غير انى لاحظت ان بن سودا كانت تود ان ينوب عنها من يتولي تقديم محاضرتها ،و لعلي اجزم ان السبب فى ذلك يعود الى مجموعة الانتقادات للمحكمة الدولية التى صدرت عن المحاضرين الذين سبقوها ،و هى كما اوردت انتقادات مست نظامها الاساس و مضت حتى بلغ النقد أداء المحكمة تجاه السيادة السودانية ، و فقاً لتقديري فان بن سودا لم تكن تود الاستماع الى المزيد من الانتقادات للمحاضرة التى كانت قد اعدتها ، لكنني لاحظت وراء الكواليس اصرار منسقي السنمار على ضرورة حضورها شخصياً و تقديمها لمحاضرتها و هو الامر الذى حدث يوم الاربعاء 20 يناير و قد استغرقت الاتصالات التي أسفرت عن (مثول) بن سودا امام الدراسين حولي 40 دقيقة هى عمر التأخير الذى لازم موعد محاضرتها و حاولت الاعتذار عن تأخيرها حين ذكرت أن ذلك يعود الى ان اثنين من القضاة الجدد الذين انضموا الى المحكمة كانوا قد حضروا الى مقر المحكمة لأول مرة و اقيم على شرفهما لقاء تعارفي بما جعلنى اتسائل كيف لجهاز المدعي العام بالقضاة جدداً كانوا أوقدامي لأن ذلك أمر يمس مبدأ الحياد الذى لا بد منه ان يكون سائداً بعيداً عن أى اختراقات من جناحي العدالة سواء كان ذلك الاتهام او الدفاع . و عودة الى محاضرة بن سودا التى كانت تحت عنوان ( درجة المسئولية الجنائية فى حالات الجرائم الدولية التى تختص بها المحكمة الجنائية الدولية ) و يبدو ان بن سودا قد أرادت ان تستعين بتجربة جهاز المدعي العام فى المحكمة الجنائية الدولية إزاء الحالات التى تنظرها المحكمة ، و لاحظت و لاحظ معي الاخوة الدراسين ان بن سودا تعمدت عدم التعرض لحالة السودان لا من قريب و من بعيد على الرغم من ان نص المحاضرة ( الذى طالعته مع مجموع الدراسين قبل شروع بن سودا فى تقديم محاضرتها) كان قد أورد حالة السودان ضمن تلك النماذج التى استعرضتها مقدمة المحاضرة و يبدو انها كانت قد تأثرت كثيراً بافادات المحاضرين الذين( كما ذكرت) كانوا قد فندوا العديد من الجوانب فى اداء المحكمة ، خصوصاً جانب السودان و تناولت بن سودا فى محاضرتها جملة الحالات التى تنظرها المحكمة الدولية ، ذلك عند استعراضها نشاط مكتب المدعي العام الذى تتولي المركز الثاني فى قيادته بعد لويس مورينو اوكامبو ،و لم تكن بن سودا تحمل اية تعابير لا فى وجهها و لا فى نطقها و هى تتولي استعراض تلك الحالات ،و ركزت بن سودا على تبيان ان تلك الحالات هى فى الاصل جرت احالتها الى المحكمة عبر دول اطراف هى اوغندا و الكنغو و افريقيا الوسطي حيث قامت بتصنيف حالات المسئولية الجنائية عند حالات الدول الثلاثة ،و تبين من واقع ذلك التصنيف انها تتراوح بين المسئولية الفردية و المسئولية الجماعية ومسئولية الدولة ،و أوردت على سبيل المثال حالة اوغندا التى اعتبرت حالة جوزيف كوني توفرت فيها عناصر المسئولية الجنائية الفردية ... و فى الحقلة القادمة اتناول تحليلاً لما أوردته نائبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فى محاضرتها التى فشلت أن تحيلها الى مرافعة تخدم توجهات المدعي العام للجنائية التى وجدت انتقاداً شرساً خلال السنمار .. و نواصل.. نقلاً عن اخبار اليوم السودانية 28/2/2010