تراجعت أحزاب جوبا عما اعتزمت عليه من إعلان مقاطعتها للانتخابات القادمة، لكنها هددت باتخاذ هذه الخطوة لاحقاً، وأعلنت في ذات الوقت عن انسحابها من الآلية الإعلامية للمفوضية القومية للانتخابات.. هذه المفوضية (المسكينة) التي أرادت أحزاب جوبا أن تجعل منها (الحيطة القصيرة) التي تقفز منها الى ساحات الهجوم على المؤتمر الوطني،وعلى الحكومة، وعلى العملية الانتخابية كلها، وعلى التحول الديمقراطي، الذي لا تريده تلك الاحزاب.. وأكثر هذه الأحزاب يريد المقاطعة لا الانسحاب لأن الفرق بين المقاطعة والانسحاب كبير، فالأولى تعني ضغوطاً أكثر وأشد على الحكومة، وعدم اعتراف بكل الذي تم حتى اليوم، رغم أن كل هذه الاحزاب كانت وما زالت شريكة فيه.. أما الثانية وهي الانسحاب فتعني الاحتجاج على موقف ما، أو ظاهرة، أو حدث له علاقة بالعملية الانتخابية، والانسحاب يعني تهديد قيام الانتخابات بصورة اقل من تلك التي تهددها بها المقاطعة، اذ أن مقاطعة الانتخابات لا تفسير لها في الشارع سوى الهروب من الميدان تماماً، بعكس الانسحاب الذي يعني الهروب الى القواعد، والاحتكام الى الشعب ليقول كلمته. المقاطعة هي مدخل بعض الاحزاب للمطالبة ب(حكومة قومية).. وهذا في حد ذته اعتراف بالعجز عن تحصيل المكاسب الشعبية المؤهلة لتمثيل تلك الاحزاب على مستويات الرئاسة، ومناصب الولاة، والمقاعد البرلمانية لذلك يسعى المطالبون بالحكومة القومية للسلطة من غير انتخابات وهذا الامر (مضحك) في حد ذاته لمن ينادي بالتحول الديمقراطي. الانسحاب، يكون فردياً في العادة لمرشح أو حزب من انتخابات يعترف بها الجميع، أما الاتفاق على المقاطعة الجماعية، فلا تعني أكثر من الهروب، لتظل الحركة الشعبية قابضة على الامر كله في جنوب السودان ومشاركة في جزء كبير من السلطة الاتحادية، وتعني أن تحتفظ الاحزاب الباقية بنسب تمثيلها في البرلمان، وفي بقية مفاصل السلطة، ويبقى شعبنا المسكين قابضاً على جمر الخلاف السياسي، يدفع الثمن الغالي لاطماع الحالمين بالسلطة بلا استحقاق. تقول للذين هاجموا المفوضية القومية للانتخابات: انهم كانا جزءاً من مكوناتها واتفاقهم هو الذي جاء بها، وإن القائمين عليها (لا غبار) عليهم، ولا شبهات، لأنهم من الشخصيات القومية، التي يتمنى كل حزب من الاحزاب لو أنهم كانوا جزءاً منه. اتقوا الله فينا، وأخرجونا من هذا القمقم، الذي تم حبسنا فيه دون مشورتنا، وتحلوا بالشجاعة الكافية، التي تجعلكم وتجعلنا نقبل بنتيجة الانتخابات، التي بدونها لن يكون هناك استفتاء.. لن يكون ابداً، خاصة اذا تمسك أحد الشريكين بنصوص اتفاقية السلام. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية 3/3/2010م