تسود الأوساط السودانية والدولية حالة من القلق والريبة خلال الأونة الأخيرة مع اقتراب موعد الانتخابات السودانية والمقررة الشهر القادم، وتأثير نتائجها على مدى الحفاظ على وحدة السودان أو انفصال الجنوب، في الوقت الذي شدد فيه حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان برئاسة الرئيس الحالي عمر البشير على دعمه لوحدة السودان مع احترام خيار الجنوبيين في الانفصال أو الوحدة، طبقا لاتفاقية نيفاشا التي وقعت عام 2005 وتنص على حق الجنوب فى تقرير مصيرهم عام 2011. في هذه الأثناء، أكد الدكتور الفاتح مختار محمد نائب وزير الأوقاف السوداني، أن الحوار السائد الآن بين الحكومة السودانية والجنوب يسير في اتجاه الوحدة لا الانفصال، خاصة وأن الفصائل الجنوبية لا تستطيع أن تتعايش مع بعضها البعض، مشيرا إلى طبيعية العلاقة التي ستكون بين الدولة الشمالية والجنوبية وستكون في الأغلب متوترة وغير تعاونية وخاصة أن هناك ملفات لم يتم البت فيها مثل وضع الجنوبيين في الشمال ووضع الشماليين في الجنوب ، وحول تقسيم البترول ، والديون الخارجية. وكان لشبكة الإعلام العربية "محيط" هذا الحوار مع الدكتور الفاتح للوقوف على أخر التطورات في الأوضاع السودانية: محيط : ما هى آخر التطورات التي تمت بين الحكومة السودانية وبين الاحزاب والفصائل المعارضة فى ظل التوقيع على اتفاق الدوحة الأخير؟ حدث تقدم كبير بعد هذا الاتفاق بين الحكومة السودانية والفصيل الكبير فى دارفور حركة "العدل والمساواة"، وسرنا إلى الطريق الصحيح نحو السلام فى دارفور، ونحن متفائلون كثيرا بسبب المحادثات التى تمت خلال ال 21 يوما الآخرين. وهذا الاتفاق جاء بعد جهود مضنية قبل الانتخابات الرئاسية في السودان، في ظل استمرار الاتصال بين الحكومة والفصائل المعارضة، وهناك عدد من الفصائل الدارفورية تحدثت مع بعضها البعض، حتى تنضم مع اتفاق الدوحة الإطاري، وقد تحقق أكثر من 95% من عملية السلام قبل اتفاق الدوحة، ونتنبأ بأن أكثر من 98 % من السلام سيتحقق بعد هذا الاتفاق، والحقيقة أن دارفور تنعم الآن بسلام واستقرار فى كل مدنها، وقد انحصرت مناطق الحرب فى أماكن قليلة فقط. محيط : ولكن هناك بعض الفصائل لا توافق على هذا الاتفاق ومنها فصيل عبد الواحد أحمد نور؟ هذا الفصيل ليس مؤثر بالمرة، خاصة وأنه يعتمد على إسرائيل وفرنسا فى دعمه ، وهو لا يؤثر بقدر تأثير "العدل والمساواة"الذي دخل مع الحكومة في مشاكل وحروب نظرا لتأثيره، خاصة وأن "العدل والمساواة" برئاسة الدكتور خليل إبراهيم يمتلك أسلحة وذخيرة ورأي عام ومؤيدين، وقد اتفقت الحكومة والحركة على التوصل إلى صيغة لآلية مشتركة بين الأمنيين من الطرفين وقوات حفظ السلام في دارفور (يوناميد)، لتنزيل بند وقف إطلاق النار على الأرض، أما فصيل نور يمكننا أن نتجاوزه، إلا أننا نرحب به اذا انضم إلى الاتفاق وإلى تسوية الأمر مع باقى الفصائل السودانية. لكني اعتقد أن الاتفاقات أو الائتلافات السابقة كانت تقدم وحدة غير كاملة بمعني أن الوحدة الهيكلية التي كانت تتم لم تجمع جميع الفصائل فظل البعض خارجها مثل الفصائل التي يقودها بجر إدريس أبو جردة ويحي ، كما أن حركة العدل والمساواة وهي الأكثر قدرة من الناحية الميدانية والعسكرية كانت خارج الوحدة أثر اتفاقية الدوحة محيط : ما هي نتائج اللقاء الذى تم بين الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس تشادي ديبي، وهل يوجد صفقة دولية من أمريكا وفرنسا مع السودان مقابل تهدئة الأوضاع فى دارفور؟ لا توجد صفقات بين الغرب والحكومة السودانية، لكن هناك وساطة قوية من قطر والسعودية، خاصة في ظل اللقاء الأخير بين الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس التشادي إدريس ديبي، والذي كان له ثمرته في إنهاء كثير من الخلافات، ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين، كما اتفق الرئيسان على ضرورة تحقيق السلام في الإقليم المحاذي لتشاد، وتشكيل قوات مشتركة لضبط الحدود وإيجاد معالجة نهائية لقضية المعارضة المسلحة للطرفين والموجودة على أراضي البلدين. وقد أكد الرئيس السوداني عمر البشير ، أن السودان وتشاد طويا نهائيا صفحة المشاكل" بينهما ، وأن الخرطوم على استعداد لتطبيع العلاقات مع انجمينا. ودعا الرئيس التشادي ادريس ديبي المعارضة التشادية المتمركزة في دارفور إلى "العودة الى البلاد" والمشاركة في الانتخابات المقبلة، واعتبر الموفد الامريكي إلى السودان سكوت غريشون أن التطبيع بين الجانبين سيساهم في إنهاء مشكلة الأمن في دارفور. محيط : ما هو مدى تأثير المصالحة بين الحكومة السودانية وبين الفصائل المعارضة على مذكرة اعتقال الرئيس البشير التي أصدرها المدعى العام أوكامبو؟ هذه المذكرة ليس لها أي سند قانوني ولا نعترف بها ولا نلقى لها بالا، فالرئيس السوداني يسافر هنا وهناك ومرشح لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات القادمة، كما أننا لا نعترف بأى قرار ينقص من إرادة الشعب السوداني وحريته، ونحن نتحدى هذا القرار ونقف ضده ونستمر فى هذا لأنه انتهاك لخصوصيتنا وإرادتنا . والهدف الوحيد في قرار المحكمة الدولية بإعادة النظر في توجيه تهم إبادة جماعية ضد الرئيس البشير يعتبر عرقلة لجهود الحكومة السودانية لاجراء الانتخابات وانتقال السلطة بشكل سلمي، وقد أكدت دول الخليج على لسان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن بن حمد العطية رفضه جملة وتفصيلا لقرار المحكمة الجنائية الدولية بإضافة تهمة الإبادة الجماعية إلى قائمة التهم الموجهة بحق الرئيس. وقد تتأثر عملية المصالحة بين الفصائل وبين الحكومة السودانية فى ظل ترحيب كبرى الجماعات المسلحة في إقليم دارفور بقرار المحكمة الجنائية، إلا أن الاتفاق قد أثمر عن تسوية للأمر بين حركة العدل والمساواة وبين الحكومة في ظل الجهود التي تقدمها للحفاظ على الوحدة السودانية. محيط : هناك من قال إن الانتخابات القادمة ستكون مؤشر على انفصال الجنوب أو اتحاده مع الحكومة السودانية؟ فماذا ترى أثر هذه الانتخابات القادمة على الجنوب؟ هناك بعض القادة فى الجنوب على رأسهم سلفاكير تدعو الى التوحد مع الشمال، والانتخابات بصفة عامة هي احد البنود المنصوص عليها في اتفاقية "نيفاشا 2005 "- التي أنهت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب - والتي قالت انه يجب أن يكون هناك انتخابات في النصف الثاني من المرحلة الانتقالية وهذا الاستحقاق كان المفروض أن يتم في 2008 وتأجل إلي 2009 ثم في 2010 ، والانتخابات ضرورية للإيفاء بنصوص المعاهدة ، وهي مسألة مهمة للعملية السياسية القائمة في السودان لتحويل الصراعات القائمة بين مختلف القوي السياسية في الشمال والجنوب إلي التنافس السلمي عبر أداة الانتخابات ، الأمر الثاني وهو مهم بالنسبة للرئيس البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم فهو يعتبر بمثابة تجديد لشريعة الرئيس وشريعة النظام القائم في مقابل الضغوط الخارجية، وخاصة أزمة المحكمة الجنائية الدولية وقرار اعتقال البشير . محيط : لكن هناك بعض التصريحات من سلفاكير ميراديت رئيس حكومة الجنوب نفسه كانت تدعو الى الانفصال ؟ هذه التصريحات التي أطلقها سلفاكير تراجع عنها، وقد يكون تراجع تكتيكي، ولكننا نرى أن موقف الجنوبيين يدعو إلى الوحدة أكثر منه إلى الانفصال، حتى المثقفين منهم يدعون إلى الوحدة، وستكون الانتخابات القادمة مؤشرا فاعلا على الانفصال أو الاتحاد. لكن هناك كثير من المنادين بالانفصال منهم الدكتور منصور خالد مستشار رئيس الجمهورية وياسر عرمان رغم أنه من الشمال وليس من الجنوب، إلا أنه من المؤيدين للانفصال، لذلك ستكون الانتخابات القادمة هي الفيصل فى هذا الأمر، فإذا فاز الانفصاليون الجنوبيون فى الانتخابات، فسيكون هذا داعم قوى لانفصال الجنوب عن الشمال، أما إذا فاز المعتدلون من أنصار الحفاظ على وحدة أراضي السودان، فسيكون أكبر داعم لاتحاد الشمال مع الجنوب. وأرى أن انفصال الجنوب عن السودان يشوبه بعض العواقب، وهو ما يجعل الأمر صعبا، لعدة أسباب أهمها: * الفصائل الجنوبية لا تستطيع أن تتعايش مع بعضها البعض، فهناك مشاكل وخلافات كثيرة بين القبائل في الجنوب، أكثر من الذى بين الشمال والجنوب، وهو ما يبشر بحرب قبلية فى الجنوب بين هذه الفصائل لا يعلم مداها الا الله سبحانه وتعالى. * الكوادر البشرية التى توجد فى الجنوب لا تستطيع الإمساك بتلابيب الأمور فى حال الانفصال، خاصة وأنها لا تستطيع أن تتعامل مع هذه المشكلات القبلية فى ظل قضايا الفساد المالي والإداري، كما أنه لا تستطيع أن تحقق الأمن الكامل لرعاياها، خاصة وأن هناك مخاطر تهدد الجنوب بعد الانفصال، حتى الغرب نفسه بدأ يقتنع في الآونة الأخيرة بأن وحدة السودان ضرورية لمصالح الغرب نفسه، خاصة وأن القبائل الجنوبية تتناحر مع بعضها البعض على الموارد الاقتصادية التي ظهرت مثل البترول وغيره. * انفصال الجنوب يضر كثير من الدول العربية، وأولها مصر، فهناك دعم شبه دولي لوحدة السودان، خاصة وأن انفصال السودان لن يخدم القضية العربية ولا حتى الدولية، كما أنه سيكون فرصة لتنامي ظاهرة الإرهاب وإنشاء عناصر من القاعدة فى هذه المنطقة فى ظل الفراغ الذى سيجلبه الانفصال. *طبيعية العلاقة التي ستكون بين الدولة الشمالية والجنوبية وستكون في الأغلب متوترة وغير تعاونية وخاصة أن هناك ملفات لم يتم البت فيها مثل وضع الجنوبيين في الشمال ووضع الشماليين في الجنوب ، وحول تقسيم البترول ، والديون الخارجية التي تقدر ب 30 مليار دولار ، الأصول المختلفة وكيفية تقسيمها ، حول قضايا المتعلقة بالمياه ، إضافة التي ترسيم الحدود التي لم يتم إلي الآن ، وتحديد مواقع أبار البترول . * عدم الاتفاق علي مناطق التخوم الفاصلة بين الشمال والجنوب وهي النيل الأزرق وجبال النوفا، والمشاكل المتعلقة بأيبي وهذه المناطق تقع من الناحية الجغرافية في الشمال ولكن من الناحية الثقافية تنمي إلي الجنوب وهي الآن متوترة وقد تكون ساحة حرب أخري بالوكالة بين الشمال والجنوب . * الأثر السلبي التي قد يتركه الانفصال علي أزمة دارفور فقد تظهر مطالب تطالب بحق دارفور في تقرير المصير أسوة بالجنوب وهذه المطالب يرفع رايتها اليوم عبدالواحد نور الذي ينفذ أجندة إسرائيل في أزمة دارفور، وبالتالي الدولة السودانية الموحدة قد تتحول في 2011 إلي دولة شمالية وجنوبية والشمالية قد تتجزأ هي الأخري إلي دولتين بانفصال دارفور . انفصال الجنوب محيط : هل هناك جهات داعمة لسلفاكير فى الجنوب أرغمت البشير للمصالحة والسعي وراء هذا الوفاق بين الفصائل السودانية؟ نعم قد يكون هناك من يدعم الجنوب ويدعم حركة العدل والمساواة لتشتيت الوحدة السودانية، فهاك من يعمل على انفصال دارفور عن الشمال وانفصال الجنوب عن الشمال ويفصل الشرق مع النيل الأزرق، والجهات الداعمة أغلبها من الغرب والولايات المتحدةالأمريكية، خاصة وأنهما كانا يخططان إلى الاستيلاء على موارد النفط والمياه، إلا أنهما تراجعا عن هذه الفكرة في ظل الظروف الحالية التي تهدد بخلق مناخ جديد للارهاب، وهناك قلق من تنامي التيار الانفصالي داخل شمال السودان نفسه فهناك من يقول فى الشمال "فليذهب الجنوب الى الجحيم"، وكثيرون يدعمون هذا الاتجاه ومنهم رئيس جريدة "الانتباهة" الذي يرى أن الجنوب لا يأتي من وراءه إلا المشاكل ويدعو الى انفصاله، وهذا التيار متنامي ومعروف، ولكن الأغلبية تنادي بالوحدة العامة بين الشمال والجنوب. محيط : ولكن الرئيس البشير نفسه كان له تصريح صادم حينما قال انه سيكون أول من يقف مع الجنوب إذا أراد شعبه الانفصال؟ وهل صار الانفصال بتصريح البشير أمرا واقعا؟ نحن اتفقنا خلال اتفاقية "نيفاشا" عام 2005 كما ذكرت لك على حق تقرير المصير فى الجنوب اذا أراد الانفصال، ومن البديهي أن يصرح البشير مثل هذا التصريح لانه يعرف بحق الشعب السوداني فى الجنوب في تقرير مصيره، لأن هذه الاتفاقية المنعقدة بينهم تنص على ذلك، وهذه دليل على المصداقية التي يتمتع بها البشير. والأمر ليس واقعا، لأنه وحتى الآن الأغلبية تدعو إلى وحدة السودان، ولا نعمل على انفصال الجنوب بأى حال ممن الأحوال، لكن إذا رأى الجنوب الانفصال فهذا حق من حقوقه. محيط : ما هو تقييمك للدور العربي تجاه وحدة السودان؟ وهل قام العرب بواجبهم للحفاظ على هذه الوحدة؟ نحن نعتبر أن الدور العربي بالنسبة لمشكلة الجنوب هي أساس ومسألة استراتيجية، ونحترم للجامعة العربية وقوفها فى هذا الاطار، حيث دعت إلى تعمير الجنوب ودارفور، كما أن الدول العربية لديها مشاريع فى السودان وتريد الوحدة، ولذلك طمأن الرؤساء العرب رئيس حكومة الجنوب سلفاكير بأن السودان والجنوب بوجه عام سيجدان دعما كثيرا فى حال توحدهم، خاصة وأن السودان عمق لكثير من الدول العربية، خاصة مصر التي لديها مشاريع كثيرة في أراضيه أهمها قناة دونجلا. محيط : لكن هناك أراء فى النخب المصرية ترى أن القاهرة تمسك العصا من المنتصف فيما بين الجنوب والشمال للحفاظ على مشاريعها؟ نحن لا نعتني إلا بالظاهر، والواضح لدينا من الحكومة المصرية أنها تعمل مع وحدة السودان ككل، وإذا أرادات مصر أن ينفصل الجنوب، فهذه خسارة كبيرة لمصر، خاصة وأن مياه النيل ستؤثر سلبا على مصر، واعتقد أن مصر لن تفرط في مقدراتها المائية على الاطلاق من خلال العبث فى وحدة السودان، اللهم إلا إذا كانت تدور فى فلك أمريكا والغرب، فوقتها قد تدعم الانفصال. ولكنى أرى أن مصر تفهم ذلك جيدا، ولديها من الحكمة ما يجعلها تتفهم الوضع فى السودان وتعلم المخاطر التي تطل عليها فى حال اذا انفصلت الجنوب عن الشمال، خاصة وأن العدو الإسرائيلي يتربص بالأمر، ويريد ويؤيد انفصال الجنوب لتكون مرتعا له فى العبث بمياه النيل، ليستكمل مخططه الذى بدأه فى بعض دول حوض النيل، ومصر لن تفوت الفرصة لإسرائل لتحاصرها من خلال مياه النيل وتعبث بمقدراته، وهي تعلم جيدا كيف يؤثر ذلك على مصالحها، وأنا أؤكد لك أن مصر تؤيد بقوة وحدة السودان وأراضيها . محيط : أصدر القذافي تصريحات غامضة بأن الجنوبيين إذا أرادوا الانفصال فسوف يدعمهم؟ لا نهتم كثيرا بتصريحات الرئيس الليبي معمر القذافي لأننا نعرف كيف نتولى شئوننا وماذا نعمل، وتصريحات القذافي لا تؤثر سياسيا فى السودان ولا على وحدته، فليدعم القذافي الجنوب إذا انفصل، ويدعم دارفور كيفما يشاء، فهو غيرمؤثر في القرار السوداني ولا نعتد بتصريحاته. القذافي يعتبر نفسه الآن "ملك ملوك أفريقيا"، وقد صلى بالرؤساء الأفارقة فى أوغندا الظهر جهرا وبسورة لم يستطع أن يقرأ فيها آية صحيحة، لذلك كلام القذافي لا يعنينا بشيئ، وأقول لك كلاما أخطر من هذا، لقد تورط القذافي في انقلاب الجيش الشعبي بدارفور في أم درمان، حيث كان القذافي الداعم الأساسي لهذا الانقلاب، فكانت السيارات الحربية والأسلحة كلها بدعم منه نكاية فى الرئيس البشير، وقد ثبت لنا بالبراهين والأدلة القوية جدا أن القذافي قام بدفع "شيك على بياض" للمتمردين في السودان عن طريق أحد بنوك فرنسا، لشراء هذه العربات وهذه الأسلحة، وعندنا الأدلة الكافية، لكننا لم نظهر هذه الحقائق حفاظا على الوحدة العربية. محيط : ما هو رأيك في ترشيح الحركة الشعبية الجنوبية لياسر عرمان ضد البشير بعد إعلانها في وقت سابق ترشيح سلفاكير؟ عرمان هو واحد من المئات من سكان شمال السودان الذين انضموا إلى حركة التمرد الجنوبية السابقة كما التحق عدد من سكان الجنوب بالقوات الحكومية خلال الحرب الأهلية التي استمرت من 1983 إلى 2005 وانتهت بتوقيع اتفاق سلام شامل نص على تنظيم الانتخابات التعددية العامة واستفتاء تقرير المصير في جنوب السودان المقرر عام 2011. والسياسة فى جنوب السودان اختلفت بعد وفاة جون قرنق نائب الرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب السابق، خاصة وأن الحركة الشعبية لتحرير السودان حريصة علي وحدة السودان، وتطالب بإعادة توزيع الثروة علي أسس جديدة من المساواة، وهذا هو الظاهر، لكن هناك أشياء أخرى لا يعلمها أحد هي أن الجنوب يعتمد علي القوة الأثنية التي تعرف نفسها بقوي الهامش مثل جنوب السودان وشرق السودان ودارفور، وبعد غياب " جون قرنق" عن السياسة اختلفت أولويات الحركة الشعبية وأصبح تركيزها الأساسي في الفترة الأخيرة علي الجنوب فقط، وغير معنية بما يحدث في الشمال، وإنها تريد الوصول بسلام إلي 2011 حيث استفتاء حق تقرير المصير لجنوب السودان، لأنها تتهيأ لفصل جنوب السودان في دولة مستقلة، وبذلك نرى أن فرصة سلفاكير قليلة في الترشح ضد البشير على منصب رئيس الجمهورية، ولن يكون لديه الفرصة للفوز بجنوب السودان، حيث سيكون هذا الحق لمرشحين آخرين يشغلون هذا المنصب، وبالتالي هذا مخالف لخطة الحركة الأصيل بانه لا يريد أن يغادر موقعه لأنه يسعى لان يكون رئيسا للدولة الجديدة المستقلة، وبالتالي كان يمكن للحركة الشعبية أن ترشح احد من قيادات الصف الثاني مثل نائب سلفاكير أو الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم، ولكن هؤلاء لم يرغبوا في ترك مواقعهم داخل الحركة، باعتبار أن ما يحدث في الشمال ليس مهما، وإنما المهم الإمساك بالسلطة في الجنوب، خاصة أن التوازنات داخل الحركة الشعبية حرجة وتقوم علي أسس قبلية اثنية ومغادرة أي من هؤلاء القادة لمواقعهم يترتب عليه عدم استطاعته العودة إلي هذا المنصب مرة أخري، ولذلك وجدت الحركة أن المخرج هو ترشيح احد قادة الصف الثاني وهو عرمان وهو شمالي فإذا نجح كان بها وإذا فشل فأنها لن تخسر شيء . الفيصل هو الشعب السوداني ، وانه سوف يدخل الانتخابات وفي حالة فوزه يعتبر أبلغ رد علي المحكمة الدولية وعلي الأطراف الخارجية . وترفض مصر ذلك لأن الأسانيد السودانية غير مقنعة بالنسبة لها، ولكن بحكم الإخوة ووحدة وادي النيل يمكن التوصل إلي حلول من خلال اعتبار هذه المنطقة منطقة تنمية مشتركة . غياب الدعم العربي محيط : ما هو أثر الدور العربي في مساندة السودان؟ وهل هناك مخاطر من انفصال الجنوب على دول الجوار العربي للسودان؟ لا أبالغ إذا قلت لك أن الدور العربي منعدم تماما، ونحن نحتاج الى مساندة عربية، خاصة من مصر فى ظل المصالح المشتركة التي تجمعنا معها، وفى ظل الحفاظ على الوحدة العربية وعلى وحدة حوض النيل والمصالح المشتركة. ومصر كما قلت لك تفضل بقاء السودان موحدا سواء في الشمال أو الجنوب، لكن ما يحدث في السودان الآن هو عكس ذلك، فالسودان دولة واسعة المساحة مليئة بالموارد لديها فائض من المياه والأراضي الزراعية، وإذا قدر لها الاستقرار ستتحول إلي قوة كبيرة وسوف تكون فاعلة في أفريقيا ولمصر، ولكن الغرب لا يريد ذلك فهم يسعون إلي تفكيك السودان لكي تمكنهم من تحقيق أهدافهم وهي السيطرة علي كل الثروات. وتخشى مصر أن يكون للانتخابات الوشيكة في السودان التي وضعت شريكي الحكم والأطراف السودانية في مفترق طرق، تأثير سيئ على مستقبل البلد ووحدته في ظل الأوضاع الحالية. وتعكس التحركات المصرية قلق القاهرة البالغ، وخشيتها من أن يتم استنزاف الجهود داخل السودان وإهدار ما تبقي من وقت في الفترة الانتقالية، وعدم استغلال الفرصة الأخيرة المتاحة للشعب السوداني في بناء استقراره وسلامته ووحدته. وجاء التحرك المصري في ظل تحذيرات دولية عديدة بشأن المخاطر الكامنة في حال استمرار خلافات شريكي الحكم في السودان، والتحذير من مغبة فشل التوافق السوداني، بما يؤدي إلى تزايد المشكلات الحالية في البلاد، واشتعالها، مع اقتراب الاستحقاقين المهمين اللذين تشهدهما، الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية، المقررة في الخامس من أبريل المقبل، والاستفتاء المنتظر مطلع العام المقبل، لتحديد هل ينفصل الجنوب أم لا. المصدر: موقع محيط الالكتروني 7/3/2010