تشير تقارير منظمات طوعية أجنبية ووطنية عاملة في دارفور ويقول شهود عيان استطلعتهم (سودان سفاري) في مناطق جبل مرة وجبل مون، أن القتال الشرس الذي دار هناك هو قتال بين قادة فصيل عبد الواحد الميدانيين، وقد خلّف القتال قتلى وجرحى تتكتم الحركة عليهم، ولكن هنالك الآلاف (حوالي عشرة ألف) ممن نزحوا من المنطقة أثاروا قلقاً دولياً نظراً لضراوة القتال. ولعل الأمر الاضح للغاية هنا، أن فصيل عبد الواحد يعاني تصدعاً عميقاً بداخله سواء لأسباب ظلت تتراكم منذ سنوات (تحديداً العام 2007) حين بدأ عبد الواحد سلسلة اغتيالات لقادة ميدانيين ومسئولين كبار وهو ما كشفت عنه تقارير صادرة عن المستشارية القانونية للحركة والتي ظلت في كل حالة اغتيال أو تصفية تجري تحقيقاً موثقاً وتضعه في ملف خاص بذلك وتضم قانونيين بارزين في الحركة، أو لأسباب تتصل بالمفاوضات مع الحكومة السودانية، حيث يتطلع عدد من القادة الميدانيين الى ضرورة حل النزاع عن طريق التفاوض طالما أن ذلك ممكن وأن تعنت عبد الواحد – وهو بعيد في مقره في باريس – يزيد من معاناة قواته، وأهله ويجعلهم في كل يوم عرضة للتدهور في الميدان والتراجع، وتكشف العملية الأخيرة التي فقدت فيها قوات اليوناميد (أسلحة وعربات) عن أن قوات عبد الواحد حصلت على دعم لوجستي، سواء بقصد أو بغير قصد، أو أن هنالك جهة دولية ما سعت لتقوية الحركة التي كانت كل الظروف تتنبأ لها بأنها في طريقها الى الفناء بسبب هذا القتال. وعلى ذلك يمكن القول أن أزمة دارفور التي احست بعض القوى الدولية التي ضخمتها وسعت لتوسيع نطاقها في طريقها الى الحل تريد هذه الجهات إشعالها من جديد وتركيز جهدها هذه المرة وراء فصيل عبد الواحد. فقد ظللنا نراقب كيف أن هذا المتمرد شديد التعنت ويرفقض باستمرار – ودون أسباب مقنعة – التفاوض وتارة يُلقي بشروط صعبة ومستحيلة، اذ من المؤكد أن موقف كهذا وراءه موقف آخر خفي ووراءه أجندة خاصة وأن لديه مكتب اتصال علني في قلب الكيان الصهيوني في تل أبيب. اذن عبد الواحد يعاني أزمة، وهي أزمة القائد الذي غاب عن قادته الميدانيين وابتعد عن أهله وفقد ارادته التي ارتبطت بارادة قوى خارجية وها هي هذه القوى الخارجية ترسم سيناريو اليوناميد والمسرحية الواضحة التي جرت في جبل مرة لكي تعمل على تقوية فصيل عبد الواحد من جديد وتجعل منه حدوته دارفورية جديدة، فقد صار التكتيك هو أنه وكلما انقضت أزمة، تتم صناعة أزمة أخرى أسوأ منها في مسلسل مطوّل يُراد له الوصول الى غاياته!