خيراً ما فعلت وزارة الدفاع حينما ألتزم وزيرها الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، بتوفير قوات احتياطية للفصل بين الصراعات القبلية بدارفور، وحماية مناطق النزاع والفصل بين المناطق المتنازعة، وهي ذلك تسد أكبر ثغرة ظلت تنبعث منها البراكين التي تزيد اشتعال الصراع المسلح في دارفور، وتطيل من عمر الأزمة القابعة في كهوف جبل مرة، هذه القوات يجب أن تكون نوعية خاصة مدربة تدريباً عالياً، ومسلحة بصلاحيات ولوائح تمكنها من القيام بالدور المطلوب، وتجنبها الوقوع في أخطاء، هذه القوات يجب أن تكون العماد الذي يبني عليه منهج جديد للتعامل مع الأزمة الدارفورية العنيدة، يضع استعادة هيبة الدولة والقانون، وإزالة كل مظاهر الفوضى بما فيها ضبط انتشار السلاح وتسريح غير النظاميين، وتعليق كل أشكال التعامل مع المليشيات وربطها ببرنامج مفوضية إعادة التوطين وإعادة التسريح في أقصي أولوياته، ساعتها ستكشف القيادة أنها كانت تدور حول الحل مع أنه كان بين يديها. يبدو أن الدولة بدأت تتلمس العلل في إدارة الأزمة، خاصة وأن كل الحلول كانت مطروحة أمامها لحسم الصراع المسلح في دارفور خارج إطار الأجندة الخارجية لو تعاملت مع مكونات الإقليم، ومنحت الثقة لأبناء دارفور الموجودين بين الناس علي الأرض، فبالأمس القريب عندما ذهب الدكتور حسبة عبد الرحمن رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني ووزير الحكم اللامركزي الي الضعين علي رأس وفد من قيادات دارفور وجلس إلي رجال الإدارات الأهلية، عاد للمركز بتقرير حوي كل الحلول والتي من ضمنها مقترح قوات الفصل بين المتنازعين، كما أشار التقرير الي حلول كثيرة لا أعتقد أنه تجاوز مقترح مراجعة الإدارات الأهلية التي أتضح أنه ورغم الضعف الظاهر، إلا أنها مازالت قادرة علي فرض هيبتها علي القبائل أكثر من حكومات الولايات ومؤسساتها هناك، مما يستدعي منح هذه الإدارات الأهلية صلاحيات قضائية للقبض علي الجناة ومحاكمتهم بغية المساهمة في احتواء الصراعات وإذابة الغبن غير المبرر المسيطر علي القبائل في دارفور الدافع للصراعات الدامية تلك. بما أن الدكتور حسبو عبد الرحمن هو وزير الحكم اللا مركزي فيتطلب من القيادة أن تحول إليه ملف الإدارات الأهلية ليضيف لها الصبغات القانونية والصلاحيات الإدارية بما تمكنها من لهب دورها الإيجابي في حسم تلك التفلتات، كما يجب أن تضع القيادة إطاراً واضحاً لقوات فصل الصراعات القبلية التي إلتزمت بتوفيرها وزارة الدفاع للتعامل مع مكونات السلطة المركزية والولائية والأهلية للحفاظ علي التنسيق والانسجام، الشئ الذي لعله كان غائباً مما خلق واقعاً أكثر تعقيداً دون أن يتحقق الهدف المنشود. يبدو أن الحكومة وبعد أن أعلنت موقفها الرافض للتعامل مع الفصائل الرافضة للسلام خارج إطار وثيقة الدوحة، بدت وكأنها أعادت النظر في الموقف السابق، حيث أعلنت الخارجية عن قبولها بمقترح الوسيط المشترك للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة محمد بن شمباس الذي أجتمع مع الحركات الرافضة لوثيقة الدوحة في مدينة أروشا في محاولة لإقناعهم بالتوقيع علي الاتفاقية والالتحاق بالعملية السلمية، بعد أوضح شمباس أن مناوي وحركة العدل والمساواة قد أبدوا قبولهم للجلوس مع الحكومة للبحث عن الحل فهل كانت تقصد برفضها الدوحة كمنبر للتفاوض؟ أم وثيقة الدوحة كإطار للتفاوض، رغم أن الفرق ما عاد مهماً، خاصة وأن الحركات كان موقفها واضحاً في رفض الدوحة كمنبر ووثيقتها كإطار للتفاوض. نقلا عن صحيفة الحرة السودانية 1/9/2013م