وقفت ادارة الرئيس أوباما – رغم كل مواقفها السالبة المعروفة حيال السودان – موقفاً ايجابياً تجاه العملية الانتخابية الجارية الآن. فقد قال الموفد الامريكي الخاص( غرايشون) أن ادارته لا تؤيد تأجيل الانتخابات ،و أن من المهم قيام هذه الانتخابات فى موعدها. و لعل اكثر ما يوضح موقف واشنطن من ضرورة قيام الانتخابات فى موعدها دون تأجيل ، ان الحركة الشعبية لم تشارك المرشحين الرئاسيين ال 8 الذين تقدموا بمذكرة التأجيل فيما فعلوه ، كما لاحظنا ان زعيم الحركة قبل ايام أدلي بتصريحات قطع فيها بأن حركته لن تقبل بحال من الاحوال تأجيل الاستفتاء الذى مقرر له مطلع العام المقبل 2011 و هو الاستفتاء الذى سيتقرر على ضوئه ما اذا كان الجنوب سيبقي ضمن اطار السودان الموحد ، ام يصبح دولة مستقلة . و يشير حديث زعيم الحركة هذا- ضمنياً - ان تأجيل الانتخابات سوف يترتب عليه – و هذا صحيح – تأجيل الاستفتاء ، لكنه و كما هو معروف فان تصميم اتفاقية نيفاشا 2005 قد قام على أساس قيام الاستفتاء فى ظل حكومة منتخبة فى الخرطوم ، و حكومة منتخبة فى جنوب السودان ، حتى يتم عبر حكومات تحمل تفويضاً شعبياً يقطع الطريق على كل من ينتقد أو يرفض الاستفتاء . إذاً واشنطن و حرصاً منها كأولوية سياسية على عملية السلام الشامل و بوصفها أحد ضامني الاتفاق حرصية على ان تمضي الجداول الزمنية للإتفاق بذات الطريقة التى جري الاتفاق حولها ، لأن اى اختلال فى هذه الجداول معناه اختلال فى العملية, وربما العودة لمربع الحرب الذى جري تجاوزه و لا يرغب احد فى العودة اليه ،و يدعم هذه الفرضية حرص واشنطن على إجراء الاستفتاء فى مناخ مناسب لا تشوبه شائبة بصرف النظر عما إذا كانت واشنطن تسعي لقيام دولة جنوبية منفصلة أم موحدة أم أي شكل آخر . من جهة ثانية فان واشنطن بالطبع و بوسائل شتي تتابع سير عملية التحضير للإنتخابات و تتابع كافة اجراءات و المراحل العملية ،و قد تبين لها – عبر عدد من مراكز المراقبة و المتابعة ومن ضمنها مركز كارتر- ان العملية تجري بالطريقة الصحيحة التى لا مطعن عليها ، و من ثم فان إدعاءات المرشحين الرئاسيين و القوى الاخري لا تبدو ذات اهمية و هى ادعاءات ذات صلة فقط بظروف هؤلاء المرشحين و درجة إستعدادهم و امكانياته ، و بالطبع تضع واشنطن هنا فى اعتبارها - كما قال احد الباحثين فى مركز كارتر- تقاعس القوى السياسية التى تعلم بتاريخ هذه الانتخابات منذ خمسة سنوات ، مع ذلك لم تستعد لها الاستعداد اللازم . هكذا فان واشنطن بدعمها لقيام الانتخابات العامة وقفت موقفاً ايجاباً ذلك على الرغم من علمها بأن ازمة دارفور لم تحل ،و كونها تعقيدات تخص الحركات المسلحة وحدها بأكثر مما تخص أى طرف آخر ،و لا يمكن رهن مصير البلاد بأكملها لمجرد تشاكس ،و تقاعس بين هذه الحركات المسلحة فى ظل وجود قدر من الاستقرار فى الاقليم يكفي لقيام هذه الانتخابات .