تكية الفاشر تواصل تقديم خدماتها الإنسانية للنازحين بمراكز الايواء    تايسون يصنف أعظم 5 ملاكمين في التاريخ    دورات تعريفية بالمنصات الرقمية في مجال الصحة بكسلا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: الدور العربي في وقف حرب السودان    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    حادثت محمد محمد خير!!    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطالبة بتأجيل الانتخابات هل هي فرفرة مذبوح ؟ ... بقلم: سليم عثمان
نشر في سودانيل يوم 13 - 03 - 2010


كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر
محاولة أحزاب المعارضة وسعيها لتأجيل الانتخابات بهدف أشراك كل دارفور فى العملية الانتخابية لايعدو كونه هروبا من استحقاق ظلت تنادي به وتتحدي الحكومة القائمة عشرين عاما ،وفى كل أنحاء العالم النظم الحاكمة هى التى تطالب بالتأجيل لا القوي المعارضة .نحاول فى هذا المقال قراءة مبررات التأجيل بمسار العملية التفاوضية الجارية فى الدوحة حاليا إن
أهم ما تضمنه الاتفاق الإطاري الذى تم توقيعه مؤخرا، بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة ، فى الدوحة ( وقف كافة الأعمال العسكرية والدفاعية التى يمكن أن تهدد السلام والثقة، التى انعقدت بين الطرفين، ويلزم الاتفاق الطرفين لتعاون كامل مع قوات اليوناميد بهدف تمكينها من القيام بدور فاعل، كمراقب محايد لوقف العدائيات وحماية المدنيين ،الذين يتوقع عودتهم الى ديارهم التى هجروها ونزحوا منها، الى المناطق الآمنة بالقرب من عواصم ولايات دارفور الثلاث ،ولا يتم ذلك إلا من خلال سعى الطرفين الجاد لمساعدة أولئك المواطنين فى تسهيل حرية حركتهم وتوفير مقومات الاستقرار فى ديارهم تلك بعد العودة . ولم يتضمن الاتفاق تعطيلا للانتخابات أو تأجيلا لها ، ثم إن حزب المؤتمر الوطني وحده لا يملك هذا الحق وحتى السيد رئيس الجمهورية الذى يملك هذا الحق لا ينبغي أن يستخدمه وهناك قرابة عشرين مليونا من البشر يستعدون للمشاركة فى هذه الانتخابات فلماذا الخوف والتردد والتلكؤ فى خوض غمارها من دعاة الحرية والتحول الديمقراطي ، لا أوكامبو ولا الاتحاد الأوربي ولا الغرب كله يمكن أن يجلب لهؤلاء ما ينشدون وحدها صناديق الاقتراع هى من تكفل لهم ذلك .
وكما أشار السيد رئيس الجمهورية فى حديثه مؤخرا لقناة النيل الأزرق ،أنه لا أحد يضمن تحقيق السلام فى عموم دارفور ،إذا تأجلت الانتخابات الى شهر نوفمبر أو غيره من المواعيد لاحقا ، ولكن مطالبة المعارضة بالتأجيل ليست سوى فرفرة مذبوح، فى وقت يصول ويجول فيه مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية البلاد طولا وعرضا ، وهو يعلم علم اليقين ، أن نتائج الانتخابات لو أتت بحزبه فلن يقبله الغرب ولن تقبله أمريكا الإ على مضض ، ولن يقول المراقبون الأوربيون ولا مركز كارتر أو غيره شهادة حق يعتد بها فى حق هذه الحكومة التى يرأسها البشير .
ولعل التزام الطرفين التام (الحكومة وحركة العدل والمساواة ) بوقف العدائيات وحده، يعد انجازا كبيرا للحكومة ،فى منطقة فقدت الاستقرار قرابة تسعة أعوام ،وهو ما حدا بمواطني الإقليم وبالعديد من الدوائر الإقليمية والدولية، وفى مقدمتها الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا وفرنسا، للترحيب به ،غير أن الترحيب باتفاق كبير كهذا قوبل بترحيب حذر من بعض القوى السياسية فى الداخل ،لسبب معلوم وبين هو أن الاتفاق تم توقيعه قبيل انتخابات رئاسية وعامة يتوقع إجراؤها فى بعد أقل من شهر من الآن وبعض أحزابنا الكبيرة لم تدشن حملتها حتى فى أمبدة والكلاكلة ، لأنها ببساطة تحلم بأن يعيد لها البشير الديمقراطية على طبق من ذهب وهو الذى سلبها منهم بقوة السلاح ، وعندما يقول لهم احتكموا الى صناديق الاقتراع والشعب ليقول قولا فصلا فيما تعرضونه عليه من بضاعة بائرة ، يولولون ، الأمر الذى يجعل تلك القوى السياسية تنظر إليه ككسب سياسي انتخابي لحزب المؤتمر الوطني بقيادة المشير البشير مرشح الحزب ،لانتخابات رئاسة الجمهورية ، ذلك أن الحزب نجح فى إحداث اختراق كبير فى جدار أزمة دارفور الصلبة، من خلال التوافق مع حركة متمردة امتد ذراعها بدعم تشادي ، حتى العاصمة الوطنية امدرمان صيف العام 2008،ولم يكن هذا الاختراق المهم ليحدث لولا استيعاب كل من الخرطوم وأنجمينا لعبر وعظات السنوات الماضية، التى أغلق فيها أفق الحوار بين البلدين الجارين ،بسبب دعم كل طرف للعناصر المسلحة والمتمردة فى الطرف الاخر ،غير أن ارتفاع صوت العقل عند قيادتي البلدين، يجعل المراقب يشيد بهذا التحول الكبير الذى طرأ على المشهد السياسي فى المنطقة و ساهم فى تطبيع سريع وقوي لعلاقات البلدين ،وما كانت لإرادة البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي ،أن تنفذ بين عشية وضحاها، لولا تلك الجهود المقدرة التى قام بها قادة كبار، فى محيطنا الإفريقي والعربي والإسلامي ،ثم متغيرات كثيرة فى ذات المحيط جعلت قضية دارفور لا تحتل صدارة نشرات الأخبار فى وكالات الأنباء وشبكات التلفزة والإذاعات الدولية ،وهو الأمر الذى أحبط حاملي السلاح، ومن قبلهم ،سكان المعسكرات واللاجئين فى دول الجوار ،حيث قلت المساعدات التى تقدم إليهم ،كما أن بؤس تلك المعسكرات ونظرة قاطنيها ، لمصير ومستقبل أبنائهم، فى انتظار وعود من أبنائهم قادة الحركات المسلحة ،خاصة عبد الواحد نور المقيم فى باريس، ثم وعود دولية بالضغط على حكومة السودان، لحل مشكلتهم من خلال إشهار سيف ما يسمي بمحكمة الجنايات الدولية ومدعيها العام أوكامبو أو حتى إسقاط حكومة البشير من خلال صناديق الاقتراع ، لم تعد كافية لإقناع المواطنين فى معسكراتهم الذين ضاقوا ذرعا بسراب سلام يحسبونه قريبا وهو يبعد عن معسكراتهم وديارهم كل يوم ، بمزيد من الصبر والبقاء فى تلك المعسكرات ،الأمر الذى جعلهم يحسبون أن بعض من يتحدثون باسمهم ،ويعرضون قضيتهم فى كل محفل ومنبر إعلامي ، ليسوا سوى مغامرين، ومتاجرين بتلك القضية وطلاب سلطة ،أو كما قال الراحل الكبير الطيب صالح عن أحدهم : بأنه مجرد ولد صغير ، وقبل أن يتمكن الإحباط ويأخذ منهم كل مأخذ كان لابد أن يفي البشير بوعد ظل يقطعه على نفسه فى كل لقاء جماهيري أو حديث يدلي به لوسيلة إعلام محلية أو دولية، مفاده : أن السلام فى دارفور سوف يأتي رغم أنف الأعداء ،وبتوقيع الاتفاق الإطاري يكون قد أوفي بقدر كبير من وعده لأهل السودان عامة ودارفور خاصة، فمعلوم أن بعض قادة الحركات المسلحة الذين يعيشون فى صقيع أوربا، وفى فنادقها الفخمة ويعاملون معاملة رؤساء دول عندما يحلون فى بعض عواصمها ، لا يحسون بمعاناة أهلهم الحقيقية، فى معسكرات النزوح واللجوء ، فلم يعد إرغامهم بالبقاء فى تلك البيئات البائسة التى تفتقد الى ابسط مقومات الحياة الإنسانية الكريمة، امرأ يجدي ولن يجدي كثيرا محاولات حركة العدل والمساواة اللعب على حبال الاحزاب المعارضة وعينها على المال والسلطة ، والانتظار الطويل والممل والبائس فى معسكرات النزوح واللجو ، جعل كثيرين منهم يخاطرون بحياتهم ويعودون الى ديارهم ،بمجرد أن لاحت هناك بارقة سلام واستقرار فيها ،وكان طبيعيا أن يردد عبد الواحد نور المجمد داخل حركته، كما يقول يحي بشير بولاد الناطق الرسمي باسم الحركة ،ويشير بولاد الى ان سبب تجميد الحركة لعبد الواحد فى رئاسة الحركة ، هو رفضه التمسك بحق تقرير المصير، والجري خلف دولة ديمقراطية علمانية ،يرد عبد الواحد كرة اللهب الى بولاد زاعما :ان بولاد لايمثل إلا نفسه ،مما يشير بوضوح لضعف وتفكك يعتري هيكل الحركة الرئيسي ، ولم يعد نضالهما سوى مزيد من رفع الصوت داخل الفضائيات ،ظانين بذلك أنهما يخدمان قضية أهلهم العادلة ، ثم ليوجه إليها الاتفاق الإطاري ضربة مؤلمة ، لاسيما بعد الانشقاقات التى أقعدت بحركة عبد الواحد ، وشلت قدرتها فى القيام بأي عمل ذي قيمة فى الإقليم يعيد إليها بعض بريقها ، الذى فقدته بسبب مواقف زعيمها الذى رهن إرادته الى كل من تل أبيب وباريس، وتتمثل الضربة الموجعة التى وجهها الاتفاق الإطاري بين الحكومة وحركة العدل ، لحركة عبد الواحد ،أنه تضمن كافة المطالب التى ظل ينادى بها كشرط أساسي ، للجلوس الى طاولة المفاوضات مع الحكومة ،ومنها وقف العدائيات ووقف إطلاق النار ، والتحول الديمقراطي والتعددية الحزبية وسيادة حكم القانون، واستقلال القضاء فضلا عن التوزيع العادل للسلطة بحيث يكون لدارفور تمثيل فاعل فى رئاسة الجمهورية والمؤسسات الفيدرالية، ومنح دارفور النصيب الذى تستحقه من الثروة حسب نسبة سكان الإقليم ، مع ضرورة إنشاء صندوق لتعويض المتضررين بشكل فردي وجماعي ، الشئ الطيب هنا هو أن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفه الذى ترعي بلاده المفاوضات وتوفر لها منبرا قل أن نجد مثله ، أعلن دون من أو أذى عن تبرعه بمبلغ مليار دولار خصيصا لمصرف تنموي لإقليم دارفور، وسيكون بوسع كافة الدول الخليجية والعربية وغيرها دعم رأسمال هذا المصرف مما سيعود خيرا ونماء على الإقليم وأهله الذين نكبوا سنين عددا . وكان بالإمكان الاستفادة من هذا المبلغ وغيره مما تخصصه الحكومة للإقليم لو صدقت نوايا حملة السلاح وتوحدوا خلف قضيتهم ولكنهم كل يوم يزدادون انقساما وتزداد حركاتهم تشظي ويرتمون فى أحضان الغير لأنهم لا يبحثون سوى عن المال والشهرة والسلطة ان وجدت ولاتهمهم معاناة من يتشدقون ويتحدثون عنهم من أهلهم المساكين فى المعسكرات .
وسوف تبت المفاوضات التفصيلية فى كل هذه القضايا من خلال حوار جاد يؤمل أن تشارك فيه بقية الحركات المتواجدة بالدوحة فى حال نجحت الحكومة فى توقيع اتفاق إطاري مماثل معها ، وفى حال حكم قادة حركة العدل عقولهم ولم يسعوا لإقصاء اخوانهم ، مدعين بأنه لاوزن لهم ، والكل يذكر أنها نفسها لم تكن شيئا يذكر يوم وقع منى ورفاقه على اتفاق ابوجا ،ويعلم مصادر قوتها ودعمها من أين أتت ، ولم يغفل الاتفاق الإطاري مسألة العدالة والمساءلة فيما يتعلق بالجرائم التى ارتكبت فى دارفور خلال فترة النزاع ،مع عدم إفلات اى أحد ممن ارتكبوا جرائم بحق المدنيين وسيكون ما تتوصل إليه الأطراف هنا فى الدوحة جزءا من الدستور القومي الانتقالي أسوة باتفاق السلام الشامل الذى وقعته الحكومة مع الجنوبيين فى نيفاشا ،ولذلك لا يرى المراقبون أن هناك مبررا لاى من الحركات التى تحمل السلاح أن تنضم للمفاوضات التى سوف تجري فى الدوحة تحت رعاية الامم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ودول غربية فاعلة ،وعلى قادة الحركات أن يتحلوا بروح الشجاعة الممزوجة بالحكمة والنضج السياسي ووضع مآلات أهلهم وواقعهم المرير اليوم نصب أعينهم وعدم المراهنة على حلول يمكن أن تأتى إليهم من قوى لها أغراض غير مصلحة أهلهم فى الإقليم ،وأن يثبتوا للعالم أجمع انهم لا يبحثون عن مناصب وثروة تعود الى جيوبهم ومجد يعود الى ذواتهم الفانية ،فيكفي أهلهم ماعانوه وما قاسوه من ويلات وقد حان وقت تعمير وتنمية كافة المناطق التى تضررت بفعل الحرب ،فالتعويض الحقيقي فى انطلاق عجلة التنمية فى الإقليم وفى السلام الذى يعم كافة إرجائه وليس فى ما تجود به الحكومة لهم فرادى وجماعات التعويض الحقيقي فى ان يعود الطلاب الى مدارسهم فى امن وسلام، التعويض الحقيقي فى وجود خدمات صحية جيدة فى كل مدن وقرى الإقليم ،التعويض الحقيقي فى عودة الناس لممارسة زراعتهم ورعي مواشيهم، التعويض الحقيقي يتمثل فى رتق النسيج الاجتماعي بين كل مواطني الإقليم وقبائله ،وأحسب أن الاتفاق الإطاري تضمن خطوطا عريضة لكل هذا وغيره، فقط تبقى أن يتحلى كل أبناء الإقليم ، بالحكمة اللازمة لانجاز سلام عادل وشامل لا يقصى ولا يستثنى أحدا من أبناء الإقليم ،وكان طبيعيا أن يدفع توقيع هذا الاتفاق الإطاري بعض القوى السياسية الوجلة والخائفة من خوض الانتخابات الى ضرورة تأجيلها ،دافعهم الى ذلك حرصهم كما يقولون على إشراك كل أهل دارفور فى الانتخابات وتمكين مقاتلي العدل والمساواة وغيرها من الحركات من الانخراط فى التعبئة وسط جماهيرهم استعدادا للانتخابات حال تأجيلها ، ينسي هؤلاء أن أتفاق نيفاشا حدد جداول معلومة للانتخابات واستفتاء الجنوب وبالتالي لا يستطيع المؤتمر الوطني وحده البت فى أمر كبير كهذا بمعزل عن شريكه فى الحكم الحركة الشعبية وبقية أحزاب حكومة الوحدة قبل أن يستجيب المؤتمر الوطني للدعوات المطالبة بالتأجيل ، هل توافق الحركة الشعبية التى أشادت بالمؤتمر الوطني كونه وافق على منح 40 دائرة للجنوب كحل لمشكلة التعداد السكاني هل يوافق على التأجيل ليس للانتخابات فحسب بل حتى لاستفتاء تقرير المصير المزمع إجراؤه عام 2011 ، هذا السؤال ينبغي أن يوجه للحركة الشعبية حيث أن تأجيل الانتخابات وكذلك تقرير المصير لأبناء الجنوب لعام أو عامين من شأنه أن يهيئ ربما أرضية جيدة لوحدة السودان وإحلال السلام فى دارفور وربما يمكن من تواضع القوى السياسية فى الجنوب والشمال، للتوافق على رئيس جنوبي فليكن الفريق سلفاكير مثلا للولاية الرئاسية الأولي للسودان الواحد الموحد ثم بعدها يتم التداول السلمي للسلطة بين أبناء الوطن الواحد ومن شأن ذلك أن يعزز الوحدة الوطنية ويجعل أهلنا فى الجنوب يغيرون نظرتهم تجاه اخوانهم فى الشمال وبغير ذلك فلتجر الانتخابات فى موعدها تنفيذا لاتفاق السلام الشامل ( ومعلوم أن السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية رفض الربط بين تأجيل الانتخابات والاستفتاء مشددا على ضرورة أجراء الاستفتاء فى موعده المحدد ) مما يؤكد من ناحية عملية أمكانية التأجيل ،ولعل الإشارات التى ترد من واشنطن بإمكانية فوز البشير وحزبه فى الانتخابات هو ما يزعج تجمع جوبا . وبالإمكان تأجيل الانتخابات فى بعض الدوائر فى دارفور لتجرى فى وقت لاحق ذلك أن تأجيل الانتخابات فى كل أنحاء البلاد من شأنه أن يؤثر فى استحقاقات نصت عليها نيفاشا فضلا عن التكلفة الباهظة لإجرائها فى موعد لاحق وخسائر بالطبع للاستعدادات الحالية ، وعلى كل حال ،لاينبغي أن يتجاهل الناس رأي الشريك الأصغر الحركة الشعبية فى أمر التأجيل .
صعب:
أن تتمنى عودة زمان جميل ولي . أن تضطر الى تغيير بعض مبادئك لتساير الحياة .أن تصافح بحرارة يدا تدرك مدي تلوثها .أن تضحك بصوت مرتفع كي تخفي صوت بكائك .أن يداخلك إحساس مقلق بأنك تسببت فى ظلم إنسان ما.أن تقف عاجزا عن الإحساس بشعور جميل يتضخم به قلب أحدهم تجاهك .أن تجلس مع نفسك فلا تجدها .أن تلوح مودعا لأشياء لاتتمنى توديعها أبدا .أن تبدأ تتنازل عن أشياء تحتاج إليها باسم الحب.أن تتظاهر بما ليس فى داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلة .أن تعاشر أناسا فرضت عليك الحياة وجودهم فى محيطك .أن يداخلك الشعور بالشك فى كل ما حولك حتى نفسك .أن تشعر بالظلم وتعجز عن الانتصار لنفسك .أن ترتدي قناع الفرح كى تخفي ملامح وجهك الحزين .أن تطرح على نفسك أسئلة لاتملك الإجابة عليها .أن تخسر أشياء .. لا يكون فى حسابك خسرانها .
قال أبي الفتح البستي :
من استعان بغير الله فى طلب فإن ناصره عجز وخذلان .
من كان للخير مناعا فليس له على الحقيقة إخوان وأخدان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة إليه والمال للإنسان فتان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم وعاش وهو غرير العين جذلان
ولا تحسبن سرورا دائما أبدا من سره زمن ساءته أزمان
إذا جفاك خليل كنت تألفه فأطلب سواه فكل الناس إخوان
وقيل :
من أمتهن شيئا تطبع بطباعه وتخلق بصفاته
أن تسدي رغيفا لفقير خير من أن تبكي عليه
قافلة الحق تسير وكلاب الباطل تنبح
صمت العالم دعوة للجاهل بأن يتكلم
* كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة
Saleem Osman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.